إعلاميو النظام السوري يتنافسون بالتشبيح: سيلفي الدم نموذجاً

19 ابريل 2017
يتصور شادي حلوة مع المعتقلين والقتلى (فيسبوك)
+ الخط -
منذ ما قبل الثورة السورية، لم تهتم المؤسسات الإعلامية التابعة للنظام لكفاءة موظفيها، ولكن بعد انطلاق الثورة، ركّزت أكثر على معيارها الوحيد، وهو مدى ولاء هؤلاء الأشخاص لها وللنظام ورئيسه. نتج عند ذلك ظهور عدد كبير من الإعلاميين والمراسلين والمحاورين الذين ليس لديهم أي ثقافة أو وعي، فكانت كمية "تشبيحهم" هي المعيار الوحيد الذي يدل على كفاءتهم. فكلما ما زاد تشبيحهم، زاد ثقلهم الإعلامي في القنوات التابعة للنظام السوري.

ولم تشكّل فضيحة مراسلة قناة "سما" السورية في حلب، كنانة علوش، التي التقطت سيلفي وهي مبتسمة مع جثث متفحمة، ردعاً لباقي الإعلاميين في الوسط نفسه. بل سعوا إلى تقليدها، والتقاط فيديوهات وصور مستفزة أكثر منها، ليكسبوا شهرة واسعة كالتي نالتها. فتسابق بعض الإعلاميين العاملين في قنوات التلفزيون السوري على صفحاتهم الإعلامية على المواقع التواصل الاجتماعي، من خلال التقاط صور وفيديوهات سيلفي مستفزة واستغلال أجساد الضحايا.

نبراس مجركش

يعمل مجركش كمراسل ميداني لقناة "سما" الفضائية، وينشر على صفحته باستمرار صور سيلفي لنفسه مع عناصر من الجيش والمدفعيات والآليات الحربية وآثار الدمار في بعض الأماكن. ومن أكثر الصور له التي نالت الشهرة، واستفزت مواقع التواصل الاجتماعي، هي سيلفي تجمعه مع ضحايا تفجير القصر العدلي الذي حصل في العاصمة دمشق مؤخراً. وتصدرت الصورة مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان "سيلفي ودم الشهداء خلفي".



وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها مجركش أن يضرب رقماً قياسياً في استفزاز المشاهدين بغرض الشهرة، فسبق أن نشر صورة سيلفي له داخل الحرم المكي  في السعودية، وهو يحمل صورة بشار الأسد، وأرفق الصورة بعبارة: "هؤلاء من يجمعون الدين والدنيا في أطهر بقاع الأرض"، ليشبّه الحرم المكي المقدس بـ"القائد المقدس"، دون أي احترام لقداسة المكان الدينية.



شادي حلوة

يعمل حلوة في قناة "الفضائية السورية" التابعة للنظام السوري، واستطاع أن يكتسب شهرة واسعة وأن يجمع عددا كبيرا من المتابعين على صفحته الشخصية، من خلال صور السيلفي المستفزة التي يلتقطها مع الأسرى والمعتقلين، وحتى المصابين منهم، والذين تبدو على ملامحهم آثار التعذيب والتعب والإرهاق. ليبرهن من خلال صور السيلفي "خضوع واستسلام وانهزام الأسرى خلفه"، ويبدو هو منتصراً. وينشر شادي حلوة تلك الصور بشكل دوري تحت عنوان "سيلفي والإرهابون خلفي".



لم يقتصر نشاط حلوة على نشر صوره مع الأسرى، فأثناء حصار مضايا في ريف دمشق، سنة 2016، قام بتجميع أربع جثث، وتصور معها على طريقة السيلفي وهو مبتسم، برفقة مجموعة من  أفراد الجيش السوري. وقام حينها بدعوة متابعيه إلى نشر الصور قدر الإمكان، كي لا تقوم إدارة "فيسبوك" بحذفها، إلا أن إدارة الموقع قامت بحذف الصورة.


حسين مرتضى

شخصية إخبارية سياسية، كما يسوق لنفسه. يقوم مرتضى بنشر فيديوهات سيلفي لنفسه بشكل دوري، في الأماكن التي يتواجد فيها مع الجيش السوري، ويفرض سيطرته ليصور نفسه من موقع "المنتصر" دائماً، ويتهجم ويتوعد للطرف الثاني بشكل إجرامي. وفي أحد فيديوهاته، صور مكان يسيطر عليه الجيش السوري، بكراج العباسيين في دمشق، وتوعّد المعارضة السورية إما بقتلهم وتدميرهم أو ترحيلهم عبر حافلات التهجير القسري بشكل استفزازي.


وهذه ليست المرة الأولى التي يستهزئ بها مرتضى من التهجير القسري، فسبق أن نشر العديد من الفيديوهات التي يسخر فيها من الحملات التي تناهض ذلك التهجير، ويصف محاسن الباصات بطريقة ساخرة، ويتوعد "رافضي التهجير بتلك الطريقة من الإرهابيين"، على حسب تعبيره، بـ"الموت الشنيع".


ويبدو أن الاستهزاء بأرواح الموتى والدمار الذي خلفته الحرب لا يقتصر على المراسلين الذين يعملون في المناطق الساخنة، بل إن هناك بعض الإعلاميين الذين يشغلون البرامج الترفيهية، يتخذون من صفحاتهم منبراً للاستهزاء من الموت، ويلتقطون فيديوهات سيلفي لأنفسهم وهم يسخرون مما يحدث حولهم.

 وتسعى كنانة علوش إلى اليوم إلى الشهرة من خلال تزويد جرعة الفجاجة في صورها على "فيسبوك"، ولا تزال تلتقط صور سيلفي مع المصابين والمبتورين في المشافي الميدانية.