4 ساعات كاملة مرّت قبل أن تبدأ القنوات التلفزيونية المصرية الرسمية والخاصة، في وقت واحد، تناول كارثة محطة قطارات القاهرة الرئيسية (رمسيس) والتي راح ضحيتها نحو 40 قتيلاً، احترقوا على رصيف رقم 6 وفي قطار كان ينتظر على رصيف رقم 4 المجاور.
وقعت الكارثة حوالي الساعة التاسعة من صباح أمس الأربعاء، عندما جاء جرار قطار مدينة الزقازيق مندفعاً نحو رصيف رقم 6 في محطة مصر، ليصطدم بقوة بالصدادة الموجودة في نهاية الرصيف، ويولّد موجة انفجارية وألسنة لهب طاولت الركاب الموجودين على الرصيف. لكن المريب هو احتراق قطار آخر كان يقف على رصيف رقم 4 المجاور، ما أدى إلى حرق أشخاص كانوا بداخله. والأغرب، هو ما قالته مصادر في "السكك الحديدية" حول أن الجرار الذي اصطدم بصدادة رصيف رقم 6 بسبب سرعته الشديدة كان من دون سائق.
كل هذه التفاصيل وأكثر غابت، بشكل متعمّد، عن القنوات التلفزيونية المصرية، إذ انتظرت وسائل الإعلام التي تتبع بشكل مباشر لأجهزة الاستخبارات في حكومة السيسي، الأوامر التي ترِد من المسؤولين لمعرفة طريقة وخطة التغطية. وقالت مصادر في مجموعة إعلام المصريين التابعة للمخابرات العامة، لـ"العربي الجديد"، إنّ المسؤولين في قنواتها أبلغوا جميع العاملين بضرورة عدم نشْر أية مواد عن الكارثة حتى تأتي التعليمات.
لم تبدأ القنوات التلفزيونية المصرية تغطيتها للحادث إلا في الساعة الواحدة ظهراً بعدما أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي بيانه الذي وجّه خلاله بـ"محاسبة المتسببين في حادث قطار محطة مصر"، كما قدم "تعازيه لأسر الضحايا"، متمنياً "الشفاء العاجل للمصابين". وبعد أن توجه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إلى "محطة مصر" يرافقه وزراء النقل والتضامن الاجتماعي والصحة، بدأت الكاميرات تبث صوراً للمسؤولين وهم يقفون داخل المحطة. وأعلن مدبولي، خلال زيارته موقع الحادث، أنه "من المهم معرفة المتسبب في هذا الحادث ومحاسبته حسابا عسيراً"، مضيفاً "ستكون هناك لجنة على أعلى درجة إلى جانب النيابة المصرية لتحديد من المسؤول عن هذا الخطأ". كما أعلن موافقة مجلس الوزراء على صرف 80 ألف جنيه لكل حالة وفاة، أو عجز كلي، وكذلك صرف 25 ألف جنيه لكل مصاب من مصابي حادث حريق محطة مصر.
اقــرأ أيضاً
وحتى وصول رئيس الحكومة إلى موقع الحادث، لم تبث القنوات سوى أخبار صغيرة معتمدة على البيان الرسمي الذي أصدرته هيئة السكك الحديدية، والذي أفاد بـ"انحدار جرار وردية رقم 2302 واصطدامه بالحواجز الخرسانية في نهاية الرصيف رقم 6 بمحطة مصر".
وأوضحت الهيئة، في سياق البيان المنشور على موقع وزارة النقل المصرية، أنه "نتيجة اصطدام الجرار بالصدادة نتج عنه بعض الإصابات والوفيات". وتابعت الوزارة، في بيان لاحق، أنه "تم تشكيل لجنة لإعداد تقرير فني عن انفجار تانك السولار الخاص بالجرار نتيجة اصطدامه بنهاية رصيف 6".
أما مراسل التلفزيون الرسمي المصري، فاكتفى بالإشارة إلى أن حريقا وقع بجرار في محطة سكك حديد مصر "أسفر عن 20 حالة وفاة و40 مصابا". وبعد وصول أعضاء الحكومة، حرصت القنوات التلفزيونية على بث صور توضح عودة حركة القطارات في المحطة.
مصدر في قنوات "أون لايف"، التي أغلقت ولم يبق منها إلا قناة "أون سبورت"، رفض ذكر اسمه، قال لـ"العربي الجديد"، إن القناة كانت في السابق هي الأسرع في تغطية تلك الأحداث، مثل كارثة قطار البدرشين التي وقعت في 2013، لكنها الآن مثلها مثل باقي القنوات المصرية تنتظر التعليمات التي تأتيها من الأجهزة قبل إذاعة أي خبر. وأضاف أن "جميع الصحافيين والمعدين والمذيعين انتابتهم حالة من الحزن الشديد أولاً على الضحايا الذين سقطوا بسبب الكارثة، وثانياً لأنهم مضطرون للعب دور المتفرج في الكارثة وحرمانهم من ممارسة دورهم الإعلامي".
هنا، جاء تعليق الخبير الإعلامي عمرو قورة، الذي كان شريكاً في قنوات "النهار"، والذي قال فيه: "لو وقع حادث القطار في لندن لكانت قنوات سكاي نيوز وبي بي سي وفرانس 24 وسي إن إن تنقل لحظةً بلحظة من مكان الحدث. قلّبت ما بين "أون إي" و"الحياة" و"صدى البلد" و"دي إم سي"، فشاهدت الشيف شربيني الصغير والشيف شربيني الكبير وفيلم عودة مستر إكس... حتى "إكسترا نيوز" اليتيمة كانت تنقل وقائع المؤتمر الصحافي للرئيس السيسي والرئيس الألباني، ثم انتقلت لمذيع شاب يبدو أنه أول يوم عمل له ويتحدث عن كلّ شيء إلا موضوع حادثة محطة مصر... الإعلام في مصر يحتاج إلى انتفاضة كبيرة... تدفعون الناس دفعاً إلى قنوات الإخوان".
اقــرأ أيضاً
يُذكر أن نفس وسائل الإعلام المصرية احتفت، أول من أمس، بتصريحات لوزير النقل هشام عرفات أكد خلالها على "الأهمية الكبيرة لربط السكك الحديدية المصرية بالقارة الأفريقية"، لافتاً إلى أن "مصر لديها رؤية خاصة بهذا المجال تبدأ بالرباط السككي بدولة السودان". ووصل الأمر إلى أن موقعاً مصرياً كتب عنواناً للخبير يقول "مصر تقود "قطار" أفريقيا.. وزير النقل يقدم خارطة طريق لإصلاح السكة الحديد". وكان ذلك خلال مشاركة الوزير في فعاليات المؤتمر الأول لرقمنة السكك الحديدية، الذي عُقد في مدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا. وخلال كلمته في المؤتمر، استعرض عرفات رؤية مصر لرقمنة السكك الحديدية والمجهودات الحالية، لتحويل شبكة السكك الحديدية المصرية إلى التشغيل الرقمي، من خلال تطوير نظم الإشارات والاتصالات ونظم التشغيل والتحكم على جميع الخطوط الرئيسية. وقدم عرفات خارطة طريق لإصلاح السكك الحديدية في دول القارة الأفريقية، من خلال إعادة هيكلة الاتحاد الأفريقي للسكك الحديدية، وإنشاء مفوضية للاتحاد الأفريقي للسكك الحديدية للقيام بوضع أسس ومعايير موحدة خاصة بالسكك الحديدية في جميع دول القارة، وإعداد مواصفات قياسية لسكك حديد القارة الأفريقية والعمل على تبادل الخبرات وتأهيل الكوادر الشابة من خلال خطط ومراكز محددة للتدريب.
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 1.25 مليون شخص يلقون مصرعهم سنوياً نتيجة لحوادث الطرق، وأن 90 في المائة من تلك الوفيات تقع في الدول ذات الدخول المتوسطة والمنخفضة. وتصنف المنظمة مصر ضمن أسوأ 10 دول في مجال حوادث الطرق.
كل هذه التفاصيل وأكثر غابت، بشكل متعمّد، عن القنوات التلفزيونية المصرية، إذ انتظرت وسائل الإعلام التي تتبع بشكل مباشر لأجهزة الاستخبارات في حكومة السيسي، الأوامر التي ترِد من المسؤولين لمعرفة طريقة وخطة التغطية. وقالت مصادر في مجموعة إعلام المصريين التابعة للمخابرات العامة، لـ"العربي الجديد"، إنّ المسؤولين في قنواتها أبلغوا جميع العاملين بضرورة عدم نشْر أية مواد عن الكارثة حتى تأتي التعليمات.
لم تبدأ القنوات التلفزيونية المصرية تغطيتها للحادث إلا في الساعة الواحدة ظهراً بعدما أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي بيانه الذي وجّه خلاله بـ"محاسبة المتسببين في حادث قطار محطة مصر"، كما قدم "تعازيه لأسر الضحايا"، متمنياً "الشفاء العاجل للمصابين". وبعد أن توجه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إلى "محطة مصر" يرافقه وزراء النقل والتضامن الاجتماعي والصحة، بدأت الكاميرات تبث صوراً للمسؤولين وهم يقفون داخل المحطة. وأعلن مدبولي، خلال زيارته موقع الحادث، أنه "من المهم معرفة المتسبب في هذا الحادث ومحاسبته حسابا عسيراً"، مضيفاً "ستكون هناك لجنة على أعلى درجة إلى جانب النيابة المصرية لتحديد من المسؤول عن هذا الخطأ". كما أعلن موافقة مجلس الوزراء على صرف 80 ألف جنيه لكل حالة وفاة، أو عجز كلي، وكذلك صرف 25 ألف جنيه لكل مصاب من مصابي حادث حريق محطة مصر.
وحتى وصول رئيس الحكومة إلى موقع الحادث، لم تبث القنوات سوى أخبار صغيرة معتمدة على البيان الرسمي الذي أصدرته هيئة السكك الحديدية، والذي أفاد بـ"انحدار جرار وردية رقم 2302 واصطدامه بالحواجز الخرسانية في نهاية الرصيف رقم 6 بمحطة مصر".
وأوضحت الهيئة، في سياق البيان المنشور على موقع وزارة النقل المصرية، أنه "نتيجة اصطدام الجرار بالصدادة نتج عنه بعض الإصابات والوفيات". وتابعت الوزارة، في بيان لاحق، أنه "تم تشكيل لجنة لإعداد تقرير فني عن انفجار تانك السولار الخاص بالجرار نتيجة اصطدامه بنهاية رصيف 6".
أما مراسل التلفزيون الرسمي المصري، فاكتفى بالإشارة إلى أن حريقا وقع بجرار في محطة سكك حديد مصر "أسفر عن 20 حالة وفاة و40 مصابا". وبعد وصول أعضاء الحكومة، حرصت القنوات التلفزيونية على بث صور توضح عودة حركة القطارات في المحطة.
مصدر في قنوات "أون لايف"، التي أغلقت ولم يبق منها إلا قناة "أون سبورت"، رفض ذكر اسمه، قال لـ"العربي الجديد"، إن القناة كانت في السابق هي الأسرع في تغطية تلك الأحداث، مثل كارثة قطار البدرشين التي وقعت في 2013، لكنها الآن مثلها مثل باقي القنوات المصرية تنتظر التعليمات التي تأتيها من الأجهزة قبل إذاعة أي خبر. وأضاف أن "جميع الصحافيين والمعدين والمذيعين انتابتهم حالة من الحزن الشديد أولاً على الضحايا الذين سقطوا بسبب الكارثة، وثانياً لأنهم مضطرون للعب دور المتفرج في الكارثة وحرمانهم من ممارسة دورهم الإعلامي".
هنا، جاء تعليق الخبير الإعلامي عمرو قورة، الذي كان شريكاً في قنوات "النهار"، والذي قال فيه: "لو وقع حادث القطار في لندن لكانت قنوات سكاي نيوز وبي بي سي وفرانس 24 وسي إن إن تنقل لحظةً بلحظة من مكان الحدث. قلّبت ما بين "أون إي" و"الحياة" و"صدى البلد" و"دي إم سي"، فشاهدت الشيف شربيني الصغير والشيف شربيني الكبير وفيلم عودة مستر إكس... حتى "إكسترا نيوز" اليتيمة كانت تنقل وقائع المؤتمر الصحافي للرئيس السيسي والرئيس الألباني، ثم انتقلت لمذيع شاب يبدو أنه أول يوم عمل له ويتحدث عن كلّ شيء إلا موضوع حادثة محطة مصر... الإعلام في مصر يحتاج إلى انتفاضة كبيرة... تدفعون الناس دفعاً إلى قنوات الإخوان".
يُذكر أن نفس وسائل الإعلام المصرية احتفت، أول من أمس، بتصريحات لوزير النقل هشام عرفات أكد خلالها على "الأهمية الكبيرة لربط السكك الحديدية المصرية بالقارة الأفريقية"، لافتاً إلى أن "مصر لديها رؤية خاصة بهذا المجال تبدأ بالرباط السككي بدولة السودان". ووصل الأمر إلى أن موقعاً مصرياً كتب عنواناً للخبير يقول "مصر تقود "قطار" أفريقيا.. وزير النقل يقدم خارطة طريق لإصلاح السكة الحديد". وكان ذلك خلال مشاركة الوزير في فعاليات المؤتمر الأول لرقمنة السكك الحديدية، الذي عُقد في مدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا. وخلال كلمته في المؤتمر، استعرض عرفات رؤية مصر لرقمنة السكك الحديدية والمجهودات الحالية، لتحويل شبكة السكك الحديدية المصرية إلى التشغيل الرقمي، من خلال تطوير نظم الإشارات والاتصالات ونظم التشغيل والتحكم على جميع الخطوط الرئيسية. وقدم عرفات خارطة طريق لإصلاح السكك الحديدية في دول القارة الأفريقية، من خلال إعادة هيكلة الاتحاد الأفريقي للسكك الحديدية، وإنشاء مفوضية للاتحاد الأفريقي للسكك الحديدية للقيام بوضع أسس ومعايير موحدة خاصة بالسكك الحديدية في جميع دول القارة، وإعداد مواصفات قياسية لسكك حديد القارة الأفريقية والعمل على تبادل الخبرات وتأهيل الكوادر الشابة من خلال خطط ومراكز محددة للتدريب.
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 1.25 مليون شخص يلقون مصرعهم سنوياً نتيجة لحوادث الطرق، وأن 90 في المائة من تلك الوفيات تقع في الدول ذات الدخول المتوسطة والمنخفضة. وتصنف المنظمة مصر ضمن أسوأ 10 دول في مجال حوادث الطرق.