ورغم أن زواج القصّر أمر واقع لكن صوراً نمطية راسخة لدى كثيرين بشأنه، هي في الحقيقة أخطاء شائعة من الجيد تصويبها، وتصحيح الأفكار بخصوص ملايين الزيجات تحصل بموافقة القانون أو بخلافه، ونستعرض في ما يلي أبرز 10 أخطاء منها.
1- زواج الأطفال يحدث في الهند وأفريقيا. خطأ شائع أصبح بمثابة صورة ذهنية منتشرة مع العلم أن هذا الزواج يحصل في الدول المتقدمة أيضاً. ففي الولايات المتحدة الأميركية تزوجت 248 ألف فتاة قاصر بين عامي 2000 و2011، وهناك 36 ولاية قوانينها لا تمنع الزواج دون 18 عاماً. كما أن دولا أوروبية عدة لم تعدّل قوانينها لوقفه.
وإن كان العدد الأكبر لزيجات الأطفال موجود في النيجر وإندونيسيا والبرازيل، فالدول العربية ودول شمال أفريقيا تشهد معدل زيجات للقاصرين يصل أقصاه إلى 37 في المائة في موريتانيا، وأدناه 3 في المائة في الجزائر، بحسب "يونيسف".
2- زواج الأطفال نادر. إنه خطأ شائع آخر تنقضه تقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان، التي أظهرت عام 2015، أن 13.5 مليون طفل، معظمهم من الفتيات، تزوجوا قبل بلوغ سن الثامنة عشرة، وأن نحو 4.4 ملايين منهم تزوجوا قبل بلوغ سن الخامسة عشرة. واعتبر أن 37 ألف زواج طفل يحصل كل يوم حول العالم.
3- زواج الأطفال ثقافة يجب احترامها. خطأ تتمسك به بعض المجتمعات على اعتبار أن الزواج المبكر من التقاليد التي لا يمكن تغييرها. مع العلم أن الدراسات والتقارير الدولية تبيّن أن الاستمرار بتزويج القاصرين لا يخدم مصلحة المجتمع ولا أفراده، كونه يقف حائلاً دون التعلم ونيل الفرص الاقتصادية لاحقاً، ويعرض صحة الفتيات الصغيرات للخطر.
4- زواج الأطفال يقتصر على البنات. يساهم الإعلام وحملات مناهضة الزواج المبكر وغيرها في ترسيخ هذا الخطأ، كونها تركز على قصص وصور العرائس الصغيرات. مع العلم أن الفتيان يخضعون مثلهم مثل الفتيات للعادات والتقاليد وشروط الأهل واختياراتهم في أمور الزواج. ووفق منظمة "يونيسف" هناك نحو 156 مليون رجل حول العالم تزوجوا قبل بلوغهم 18 عاماً حتى عام 2017. ويدفع زواج الأطفال الفتيان للعمل المبكر وعدم متابعة دراستهم، ويجبرهم على تحمل مسؤوليات الكبار قبل أن يكونوا مستعدين لذلك.
5- قيمة الفتاة تزيد عند تزويجها مبكراً. هذا الخطأ مرده إلى الانغماس في العادات بدون نقاش أو مراجعة للذات. هو وهم مجتمعي وتصنيف للأولويات تسير العائلات وفقه، بل حتى تدافع عنه بغض النظر عن نتائجه المحتملة، ودون مراجعة أحوال الزيجات المشابهة على مرّ الأجيال.
يظن الأهل أنهم لا يملكون الخيار خصوصاً إذا كانت ظروفهم المعيشية صعبة. ويعتقدون أنهم يفعلون الأفضل لبناتهم، وهم في الحقيقة عاجزون عن مقاومته ومخالفته. لكن الآباء يشعرون بقيمة بناتهم إذا ترك لهن المجال للتعلم والعمل لاحقاً، والمشاركة في أعباء الأسرة المادية والمعنوية. إن الأمر يستحق منح الفتيات تلك الفرصة.
6- زواج الأطفال هو تزويج فتاة صغيرة جداً من رجل طاعن في السن. هي صورة خاطئة أخرى عن زواج الأطفال يرسخها الإعلام. لا شك أن زواج الصغيرات من رجال كبار في السن يحدث، لكن معدلات زواج الأطفال دون سن الخامسة عشرة انخفضت تدريجياً حول العالم. في حين أن زواج الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 16 و17 عاماً لم تتراجع معدلاته. وهذا يعني تسرب الفتيات من التعليم، وفقدان إمكانية التطور في العمل، وعدم نيل فرصها في الحياة.
7- زواج الأطفال مسألة عائلية بحتة. هو عنوان آخر خاطئ لأن عواقب زواج الأطفال تنعكس على المجتمع بأسره. فزواج 12 مليون فتاة قبل سن 18 سنوياً يساعد في تكريس دورات الفقر وعدم المساواة والظلم، وهذا الحال يتعاقب من جيل إلى آخر. إنها واحدة من أكثر مظاهر عدم المساواة بين الجنسين على مستوى العالم، وهي بالتأكيد مسألة تتخطى الأسرة.
8- الفتاة تتحمل مسؤولية قبولها بالزواج المبكر وعدم معارضة أهلها. هي فكرة خاطئة، لأن نجاح بعض الحالات الفردية في رفض الزواج المبكر، يقابله خضوع مجتمعات وأسر وقبائل وإثنيات لنظم مجتمعية راسخة. وليس عدلاً تحميل الفتيات المسؤولية، والتعميم لا يصح بدليل زواج ملايين الفتيات مبكراً. وما يحصل على الأغلب أن الفتاة تدرك فشل تجربتها مع الزواج المبكر بعد عيش التجربة وليس قبلها.
9- تزويج الصغيرات عمل غير إنساني من قبل الأهل. تقدير خاطئ لملايين الحالات التي يجد فيها الأهل أنفسهم مجبرين على تزويج بناتهن، ويكون هدفهم توفير الحماية لهن. الفقر والحرب والعنف على اختلافه يدفعون الأهل لتزويج الفتيات دون السن القانونية. وبالنسبة لملايين الأشخاص يبدو زواج الأطفال الخيار الأفضل وربما الوحيد أمامهم.
10- العقوبات القاسية تنهي هذه الممارسة. تقدير مغلوط لأن القوانين وحدها لا يمكنها منع زواج الأطفال. وبإمكان الناس التحايل على القوانين وتزوير أعمار الفتيات، أو عدم تسجيل عقود الزواج لدى الجهات المختصة أصلاً. كما أن التقاليد والعادات لدى بعض المجتمعات لها سطوة وسلطة على الناس أكثر من القانون.
والبديل عن العقوبات يكون بتوفير التعليم والأمن الغذائي والوظيفي لكل الناس دون استثناء، ووقف الحروب، وإتاحة مختلف المحفزات الإيجابية التي تكفل تغيير الأفكار النمطية والعادات لدى الناس.
11- زواج الأطفال يحدث لدى أديان دون الأخرى. لا ينحصر زواج القاصرين بأتباع دين دون غيرهم. ولا شك أن الدين له دوره في تنظيم حياة الناس والمجتمعات إلى جانب القوانين الوضعية، وبالتالي يؤثر على أنماط الزيجات وعقدها. وتلعب المؤسسات الدينية دوراً حاسماً في معالجة زواج الأطفال، خصوصاً إذا نظرت بعين الاعتبار لنتائجه وانعكاساته على حياة الأسر. وتساعد تلك المؤسسات المسؤولة عن عقد الزواج الديني في التحقق من سن العروس والعريس بأن يكون فوق 18 عاما. والمؤسسات الدينية تملك دون شك المعلومات عن نسب الطلاق وأنواع المشاكل وأحياناً المآسي التي تنتج عن زواج الأطفال، لذلك لديها الإمكانية في تدارك السلبيات الناتجة عنه.
12- لا يمكن مواجهة زواج الأطفال. تطبيق إلزامية التعليم هو مفتاح المواجهة لإعطاء الفتيات خيارات وفرصًا. إفساح المجال أمام الفتاة للذهاب إلى المدرسة وتأخير زواجها إلى ما بعد التخرج، يساعدها لاحقاً على تنشئة أطفال بصحة أفضل، وفق معطيات منظمة الصحة العالمية.
خفض زواج القصّر ممكن بالطبع، إذ إن معدل زواج الأطفال انخفض في دول شرق آسيا خلال السنوات العشر الأخيرة من 49 في المائة إلى 30 في المائة، بحسب "يونيسف". وتؤكد مؤشرات التنمية أن تعليم الفتيات من شروطها الأساسية، والزواج المبكر من العوامل التي ترسخ الفقر الذي بدوره يدخل الناس في دائرة المرض والجهل والعجز عن اللحاق بالتطور في مختلف مناحي الحياة.