إنقاذ حياة طفل دون موافقة أهله

20 ديسمبر 2014
الطبيب أمام صورة لحلق الطفل قبل الجراحة (العربي الجديد)
+ الخط -



في وقت متأخر من الليل تم استدعاء أخصائي الأنف والأذن والحنجرة، الدكتور أحمد الجدبة لمستشفى الشفاء في قطاع غزة بعد انقضاء ساعات عمله لوجود حالة طارئة، ليجد نفسه أمام حالة اختناق يعاني منها الطفل أحمد جراء ابتلاعه قطعة من الجلد استقرت في حنجرته، ما قلل نسبة دخول الأوكسجين للمخ بنسبة 20 في المئة.
جدال دار بين والدة الطفل والطبيب لتخوفها من إجراء جراحة عاجلة لطفلها، على خلفية مشكلات عائلية بينها وبين زوجها، دفعتها سابقا للإقامة في منزل أسرتها، وبين ضرورة إنقاذ حياة طفلها الذي بات لون جسده أزرق جراء قلة الأوكسجين.
واصلت الأم رفضها لإجراء الجراحة خوفا من غضب زوجها، تململت الأم بين تبعيات الموافقة والمستقبل المجهول لطفلها خوفا من زيادة المشاكل مع زوجها، ولم يتوقف الجدل على الأم بل تدخل الجد "والدها" رافضا التوقيع على إقرار لإجراء الجراحة على مسؤوليته.
وسط هذه المناكفات دار حديث داخلي في عقل الطبيب الذي اتخذ قراره بإجراء الجراحة على مسؤوليته الشخصية نظرا لخطورة حالة الطفل.
في العادة يجبر الأطباء أهل المريض على توقيع وثيقة قبل الجراحات الخطيرة، تفيد مسؤوليتهم عن الأمر لدرء المسؤولية عن الطبيب والمستشفى، لكن "لو بقي الطفل فى حضن أمه لعدة دقائق إضافية لمات" حسب قول الطبيب.
انتزع الطبيب الطفل من حضن والدته مسرعا إلى غرفة العمليات، وقام بتخدير الطفل وأتم واجبه كطبيب رغم رفض الأسرة، ليجد قطعة بلاستيكية عالقة في حلق الطفل، قام بإزالتها ليعود الطفل لحياته الطبيعية من جديد بعد مخاطرة الطبيب.
وتلقى الدكتور ردود فعل مؤيدة لخطوته وشاكرة لجهوده بعد نشره للقضية على موقع التواصل الاجتماعي كقضية رأي عام، في حين أن بعض الأطباء أدلى برفضه تحمل مسؤولية مثل هذه الحالة خوفا على مستقبله المهني وملاحقته قضائيا سواء نجحت العملية أو فشلت.
لاحقا اتجه الدكتور أحمد الجدبة بمباركة زملائه الأطباء محاولين رفع صوتهم للمجلس التشريعي لسن قانون يقضي بحماية الأطباء، وعدم ملاحقة الأهالي لهم قضائيا في حال إجراء جراحات عاجلة، مثل حالة الطفل أحمد، في حال رفض الأهل التوقيع على وثيقة المسؤولية.
يقول الدكتور الجدبة "قمت بواجبي المهني رغم خطورة الموقف، وكدت أضحي بمستقبلي الوظيفي لإنقاذ حياة الطفل، في حين لو تضاعفت خطورة حالة الطفل وتوفي خلال الجراحة لنصبت المشانق لي على أبواب المستشفى، رغم أن هذا واجبي ولا أبتغي من العمل إلا خدمة الوطن والمواطنين".
وتابع "تخيلت الطفل يموت أمام ناظري وأنا بكامل الخبرة والقدرة على إجراء الجراحة، مقابل رفض الأهل جراء الخلافات الزوجية، لو حدث ذلك لأنبني ضميري طوال العمر. ولو انتظرت حضور النائب العام أو مدير المستشفى أو والد الطفل للموافقة على إجراء الجراحة لمات الطفل".
وتواصل الجدبة مع أحد أعضاء المجلس التشريعي لسن قانون يقضي بحماية الأطباء في مثل هذه المواقف، حفاظا على حياة المرضى، ولكن تم تجميد المجلس منذ أكثر من 6 أشهر بعد تشكيل حكومة الوفاق الوطني.

دلالات
المساهمون