حتى وقت قريب، كان الأشقاء من دول شمال أفريقيا يعتقدون أنّ الحيوانات البرية تتشارك الشوارع والمساكن مع بني البشر في العاصمة السودانية، الخرطوم، لكثرتها. لكنّ السودان الذي يضم نحو 13 مجموعة من أصل 14 مجموعة من الحيوانات البرية في أفريقيا، لا يملك الآن حديقة تجمع هذا التنوع وتعرضه للسائحين، منذ إغلاق أشهر الحدائق في أفريقيا، والتي أنشأها الإنكليز عام 1901 في وسط مدينة الخرطوم، ثم نقلت عام 1903 إلى موقع مقابل لجزيزة توتي، لتقوم بدور كبير في تغذية معظم الحدائق الأوروبية والعربية والأفريقية بالحيوانات والطيور النادرة.
كذلك، كانت الحديقة مرصداً لمراقبة هجرة الطيور للدول الأفريقية، ومركزاً للتجارب العلمية في عالم الحيوان. وقد حققت أهدافها في الحفاظ على الحيوانات والطيور والزواحف النادرة والمهدّدة بالانقراض، إلى أن امتدت لها يد الخراب في بداية تسعينيات القرن الماضي، فجرت إزالتها وبيع موقعها ليقام عليه أحد الأبراج.
راج كثير من الحكايات عن سبب الإزالة والذي ردّه البعض -كما يذكر الكاتب مصطفى عبد العزيز البطل- إلى محاولة أحد كبار المسؤولين إخفاء معالم ميلاده ونشأته وحياة طفولته وصباه في منزل حكومي بالحديقة يخص والده العامل المسؤول عن إطعام الحيوانات (حيونجي). وأكد آخر مدير للحديقة، وهو الدكتور الراحل معتصم نمر، أنّ قرار الإغلاق كان سياسياً. ووثق البعص كيفية نقل الحيوانات إلى حدائق صغيرة ليموت معظمها أثناء النقل، أو بعده بقليل من جراء الإهمال، مثل موت الزرافة سحلاً بالشوارع، وموت الفيل جوعاً. وتتواصل الحوادث الآن، كما في موت اللبؤة وجوع الأسود الخمسة في حديقة القرشي الذي يشغل منصات التواصل الاجتماعي هذه الأيام.
اقــرأ أيضاً
فبعد يوم من إطلاق حملة إلكترونية ضخمة لإنقاذ الحيوانات التي تعاني وضعاً مزرياً في تلك الحديقة، أعلن مسؤولون عن نفوق أحد الأسود الخمسة المريضة. وأشار أطباء بيطريون ومسؤولون في المتنزه إلى أنّ الوضع الصحي للأسود الخمسة تدهور في الأسابيع الأخيرة، وبعضها فقد ثلثي وزنه. وقال ناشطون إنّ الحيوانات في الحديقة تعاني من ظروف صحية سيئة بسبب سوء التغذية ونقص الأدوية، فيما أكد أحد المسؤولين بشرطة الحياة البرية أنّهم يواجهون مشكلة في تأمين الغذاء، إذ إنّه ليس متوافراً دائماً و"علينا في أحيان كثيرة ابتياعه بمالنا الخاص". وتوافدت جموع من المتطوعين إلى الحديقة لمعاينة الأسود بعد انتشار صورها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتبرع كثيرون بالمساعدة، لكنّ أيّ إجراء أو خدمة ليس في الإمكان تقديمها من دون الرجوع إلى شرطة الحياة البرية.
يصنف "الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة والموارد الطبيعية" الأسود على أنّها من الحيوانات المعرضة لخطر الانقراض. وقد تراجعت أعدادها في أفريقيا بنسبة 43 في المائة بين عامي 1993 و2014 ولم يبقَ منها سوى 20 ألفاً حالياً. إنّهم يقتلون الأسود، أليس كذلك؟
(متخصص في شؤون البيئة)
كذلك، كانت الحديقة مرصداً لمراقبة هجرة الطيور للدول الأفريقية، ومركزاً للتجارب العلمية في عالم الحيوان. وقد حققت أهدافها في الحفاظ على الحيوانات والطيور والزواحف النادرة والمهدّدة بالانقراض، إلى أن امتدت لها يد الخراب في بداية تسعينيات القرن الماضي، فجرت إزالتها وبيع موقعها ليقام عليه أحد الأبراج.
راج كثير من الحكايات عن سبب الإزالة والذي ردّه البعض -كما يذكر الكاتب مصطفى عبد العزيز البطل- إلى محاولة أحد كبار المسؤولين إخفاء معالم ميلاده ونشأته وحياة طفولته وصباه في منزل حكومي بالحديقة يخص والده العامل المسؤول عن إطعام الحيوانات (حيونجي). وأكد آخر مدير للحديقة، وهو الدكتور الراحل معتصم نمر، أنّ قرار الإغلاق كان سياسياً. ووثق البعص كيفية نقل الحيوانات إلى حدائق صغيرة ليموت معظمها أثناء النقل، أو بعده بقليل من جراء الإهمال، مثل موت الزرافة سحلاً بالشوارع، وموت الفيل جوعاً. وتتواصل الحوادث الآن، كما في موت اللبؤة وجوع الأسود الخمسة في حديقة القرشي الذي يشغل منصات التواصل الاجتماعي هذه الأيام.
فبعد يوم من إطلاق حملة إلكترونية ضخمة لإنقاذ الحيوانات التي تعاني وضعاً مزرياً في تلك الحديقة، أعلن مسؤولون عن نفوق أحد الأسود الخمسة المريضة. وأشار أطباء بيطريون ومسؤولون في المتنزه إلى أنّ الوضع الصحي للأسود الخمسة تدهور في الأسابيع الأخيرة، وبعضها فقد ثلثي وزنه. وقال ناشطون إنّ الحيوانات في الحديقة تعاني من ظروف صحية سيئة بسبب سوء التغذية ونقص الأدوية، فيما أكد أحد المسؤولين بشرطة الحياة البرية أنّهم يواجهون مشكلة في تأمين الغذاء، إذ إنّه ليس متوافراً دائماً و"علينا في أحيان كثيرة ابتياعه بمالنا الخاص". وتوافدت جموع من المتطوعين إلى الحديقة لمعاينة الأسود بعد انتشار صورها على وسائل التواصل الاجتماعي، وتبرع كثيرون بالمساعدة، لكنّ أيّ إجراء أو خدمة ليس في الإمكان تقديمها من دون الرجوع إلى شرطة الحياة البرية.
يصنف "الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة والموارد الطبيعية" الأسود على أنّها من الحيوانات المعرضة لخطر الانقراض. وقد تراجعت أعدادها في أفريقيا بنسبة 43 في المائة بين عامي 1993 و2014 ولم يبقَ منها سوى 20 ألفاً حالياً. إنّهم يقتلون الأسود، أليس كذلك؟
(متخصص في شؤون البيئة)