يتحدث نائب الرئيس العراقي، إياد علاوي، على هامش زيارة له إلى مدينة الكوت العراقية، جنوبي البلاد، لـ"العربي الجديد"، عن جملة مواضيع وملفات تطرّق خلالها إلى الانتخابات المرتقبة، وسلبية التدخل الإيراني في العراق، وقضية الوجود الأميركي في البلاد بعد القضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، فضلاً عن ملف مشروع المصالحة الوطنية في البلاد.
* كان لكم لقاء قبل أيام مع السفير الإيراني الجديد، إيرج مسجدي، في بغداد، ما أبرز ما دار فيه؟
تحدثت معه بكل صراحة، وقلت له نحن لا نريد أي اعتداء على إيران، لكن في نفس الوقت يفترض على إيران ألا تتدخل في شؤوننا، وأن تساعد العراق في بناء نفسه. لا توجد مشكلة في العراق، بل مشاكل كثيرة تحصل وأنتم سببها. وقلت له مستعدون لفتح حوار هنا في بغداد، وتأتي بمن تشاء من إيران، لنتحدث في شأن المشاكل بيننا والمشاكل بينكم وبين بعض الإخوة العرب. فنحن لسنا في جزيرة عائمة، بل جزء من كلٍ، وحريصون على سلامة المنطقة وأمنها، وتدخلاتكم مؤذية للجميع. كما استذكرت معه مؤتمر شرم الشيخ الأول (عام 2004) الخاص بالعراق، بعد الاحتلال (الأميركي ـ البريطاني عام 2003)، وإصراري على أن تكون إيران حاضرة رغم معارضة (الرئيس الأميركي) جورج بوش الابن لذلك حينها. وهذا لا يعني قولي للسفير: تتدخلوا في شؤوننا ونتدخل في شؤونكم، بل نريد بناء علاقة مختلفة قائمة على الاحترام. فإيران كانت وما زالت حجر عثرة في تحقيق مصالحة وطنية في العراق بين أبنائه. وخلال لقائي مع السفير، طرحت موضوع بلدة جرف الصخر ومنع عودة أهلها إليها، بحضور الشيخ عدنان الجنابي، وفاتحنا فيها رئيس الوزراء حيدر العبادي، وهادي العامري (زعيم مليشيا بدر) وحتى الآن لم يُحسم الأمر.
* هناك حديث عن تحالفات جديدة لكم في الانتخابات، ما مدى دقة ذلك؟
بصراحة، حتى الآن لم نفكر في التحالف مع جهة، لكن نحن في تفاهمات لإيجاد المساحات المشتركة، وتحديداً مع الأطراف الأخرى. وهناك كتل وشخصيات قريبة منا، منها على سبيل المثال، لا الحصر، مشتركات كثيرة مع التيار الصدري وتقارب كبير جداً. وهذا التقارب ليس تقارباً شخصياً، بل يصبّ في إطار البرامج وفي المناهج. وهناك تقارب في وجهات النظر مع شخصيات أخرى وطنية، مثل سعد البزاز وجمال الضاري وآخرين مهمين، ولهم دور. ونحن نحاول ونعمل ونرى ونتلمّس طريقنا للوضع الكردي، ولا تزال تقييماتنا مستمرة، لكن ليس بصيغة تحالف الآن.
* هل أنتم مع تأجيل الانتخابات؟
كتبت للقادة السياسيين وطلبت تأجيل الانتخابات وطرحت تبديل مفوضية الانتخابات، ثم سنّ قانون للمفوضية، ثم سنّ قانون جديد للانتخابات. ووجّهت مذكرة لكل القادة السياسيين من دون استثناء، وأتى الجواب من الجميع، الذين تعاملوا بإيجابية مع الطلب. ونحن نبحث حتى الآن، وبعض المحافظات قد ترى أن هناك مصلحة أن تجري انتخابات فيها، لكن هناك محافظات أخرى ما زالت تعيش مشكلة النازحين والمبعدين. وبعد انتصارنا على "داعش"، سنحتاج عاماً كاملاً لتحلّ مشكلتهم، فلا نستطيع عمل انتخابات في بعض المحافظات، والبعض الآخر تجري فيها انتخابات لمنع انزلاق العراق في مشاريع تقسيم وتجزئته كما تريد بعض الدول. كما أن الحكومة أعلنت افتقارها للأموال، بالتالي فإنه علينا دمج انتخابات المحافظات مع الانتخابات الخاصة بمجلس النواب في يوم واحد، فكلفته قليلة وتستطيع الأمم المتحدة القيام بدورها بالإشراف على الانتخابات، التي أعتقد أن لها فائدة للعراق. وأعتقد أن الجميع موافق على ذلك، ومنهم مقتدى الصدر وعمار الحكيم وأسامة النجيفي وصالح المطلك وكتله بدر ورئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والحزب الشيوعي.
* ماذا عن الوجود الأميركي بعد "داعش" هل أنتم مع أم ضد؟
بقاء القوات الأميركية في العراق لفترة زمنية بعد القضاء على "داعش" لتثبيت الاستقرار في العراق، موضوع معقّد وشائك. ويقرره القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء. وهؤلاء المفروض توضيح ما إذا كانوا يحتاجون إلى قوات أميركية، وما هو العدد المطلوب، وماهية تركيب هذه القوات وضوابطها عندما توجد هنا. وكما هو معروف لدى الجميع، توجد وثيقة تعاون استراتيجي أبرمت بين العراق والولايات المتحدة، ولا تزال نافذة المفعول. وجزء منها هو الجانب الأمني، القاضي بأن تقوم الولايات المتحدة بحماية العراق.
* هناك آلاف المختطفين على يد المليشيات من سكان مدن شمال وغرب العراق، ما مصيرهم؟
تحدثنا في هذا الموضوع منذ مدة، وبصراحة توجد مشكلة في العراق، والمشكلة طائفية سياسية بامتياز. وهذه المشكلة لا تحلّ طائفياً، بمعنى سني مقابل شيعي أو شيعي مقابل سني، إن هذه المواضيع تُحلّ بأن نعمل معا على بناء الدولة وأجهزة الدولة ومؤسسات الدولة هذا الشيء من ضمن الإصلاح. ويُفترض أن ما يحصل هو أننا كلنا وعلينا العمل معا على تحقيق مبدأ العفو، لا أن نجلب شخصا من حزب إسلامي ونضعه يجتث من يريد ويسيس الملفات، بل يجب أن يكون كل شيء قضائيا وقانونيا من أجل مصالحة حقيقية.