إيران "تحرق" طبخة ترشيح فرنجية للرئاسة في لبنان

13 ديسمبر 2015
رفض حزب الله انتخاب حليفه فرنجية (حسين بيضون)
+ الخط -
جاء "نعي" رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، أمس السبت، لمبادرة انتخاب النائب سليمان فرنجية رئيساً للجمهوريّة صريحاً. جنبلاط، ليس مجرد داعم لانتخاب فرنجية، بل أحد عرابي هذه المبادرة. أشار جنبلاط، أمس السبت، في سلسلة تغريدات على موقع "تويتر"، إلى أن المبادرة "تعطلت أو تأخرت بفضل تلاق عجيب غريب لقوى متناقضة شكلياً على الأقل". ولفت إلى وجود "صمت مريب لجبهة الممانعة التي لم تفسر لنا لماذا تعترض على انتخاب سليمان فرنجية وموقفه السياسي واضح في تأييده وانتمائه لها"، في إشارة إلى صمت حزب الله. وأضاف جنبلاط أنه في الجهة الثانية ‏"‏تلاقت الجبهة السيادية، عنيت القوات اللبنانية، مع جبهة الممانعة في رفض الترشيح".

يُدرك جنبلاط، كما جميع داعمي مبادرة إيصال فرنجية إلى الرئاسة، أن الضربة الحاسمة التي تلقتها مبادرتهم، جاءت من موقف حزب الله الرافض لها، والذي تماهى مع موقف رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون. تلاقي عون مع رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع، لم يكن ليُشكّل حاجزاً مانعاً للانتخاب، فيما لو لم يدعم حزب الله هذا الموقف. والجلسة التشريعية الأخيرة، خير مثال. فالقوات والعونيون، لم يستطيعوا منع الجلسة من الانعقاد، بل شاركوا فيها، بعد حصولهم على ما اعتبروه انتصاراً، وهو قانون استعادة الجنسية للمتحدرين من أصلٍ لبناني، علماً أن معارضة المشروع لم تكن قوية.

إذاً، جاء موقف حزب الله، الذي عبّر عنه نائب الأمين العام للحزب، الشيخ نعيم قاسم، بعبارات واضحة، يوم الجمعة، ليبرر سكوت الحزب بـ"أننا لا نرى التوقيت سليماً ولا الفكرة ناضجة من أجل أن نقول الموقف النهائي".
وأتت تسريبات لقاء فرنجية مع الأمين العام للحزب حسن نصرالله، لتصب في السياق عينه، إذ تُشير هذه التسريبات إلى أن نصرالله أبلغ فرنجية التمسّك بترشيح عون لرئاسة الجمهوريّة.

اللافت في هذا السياق، أن نصرالله نفسه، سبق أن دعا إلى "تسوية شاملة" تطاول جميع المواضيع الأساسيّة، وقد اعتبرت مبادرة جنبلاط والرئيس سعد الحريري لطرح نصرالله. ودعا نصرالله في الخطاب عينه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلى عدم انتظار الخارج. ولطالما دعا نصرالله الأطراف اللبنانيّة إلى عدم الرهان على تبدّل المعطيات في سورية، لأن مسار الأمور يأتي في صالح فريقه السياسي. المثير في هذا المجال، أن صحيفة السفير اللبنانيّة اقتبست عن نتائج لقاء نصرالله بفرنجية قرارهما بالتحلي "بفضيلة الصبر والتروي ثم التروي في انتظار غد قريب سيكون مختلفاً عن يومنا الحالي، ومن صبر وقدّم كبير التضحيات وأغلى الدماء يستطيع الصمود والانتظار ومراكمة المزيد من الانتصارات".


اقرأ أيضاً: هكذا وُلدت مبادرة ترشيح فرنجية للرئاسة... وهكذا تُنازِع

ما سرّ هذا الارتباك إذاً؟ يقول أحد المعنيين بمبادرة جنبلاط ــ الحريري في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "نصرالله، الذي دعا إلى موقف لبناني وعدم الرهان على الخارج، اصطدم برفض إيراني لهذه المبادرة". ففي الأيام الأولى للمبادرة، ردد عدد من مسؤولي الحزب في مجالسهم الخاصة، وأمام عدد من الصحافيين، أن الحزب لا يجد أفضل من هكذا مبادرة. وانتشر هذا الأمر على شكلٍ واسع خلال التعازي بوفاة السفير الإيراني السابق في بيروت غضنفر ركن أبادي في بداية هذا الشهر.
تصرّف عدد من القوى السياسيّة على أساس أن إيران موافقة على هذه المبادرة، بعد الكلام الذي سمعوه خلال التعازي. لكن منذ أيّام قليلة، أبلغت السفارة الإيرانيّة عددا من القوى السياسيّة عدم سيرها في هذا الاتفاق.

يفسّر المصدر نفسه الرفض الإيراني الذي حدّ من اندفاع نصرالله نحو تسويات لبنانية ــ لبنانيّة، بأن إيران لا تُريد فصل مسارات الاشتباك مع السعوديّة، كما ترغب الأخيرة. وبرأيه، فإن إيران لا تشعر بالضغط في لبنان. فحزب الله يعيش بأفضل أيامه، وقد حصل على التنازلات التي يُريدها من تيّار المستقبل إن فيما يخصّ الأمن، أو خفض سقف الخطاب المذهبي، وضرب الحالات الإسلاميّة المرتبطة بالثورة السورية. كما أن النقاش في لبنان حول دوره في القتال في سورية إلى جانب النظام، أو حول شرعية سلاحه، في أدنى مستوياته. وبالتالي، فإن إيران ليست مستعجلة للتسوية في لبنان، بعكس السعودية التي تُريد أن يعود الحريري إلى بيروت، ويضبط شارعه السياسي، وكما يبدو فإن الحريري لا يُريد العودة إلى في ظل اتفاق شامل يضمن أمنه الشخصي. ويُضيف المصدر المعني بالمبادرة، أن إيران إذا ما أرادت "بيع رئاسة الجمهوريّة في لبنان، فتريد أن تقبض الثمن من الولايات المتحدة الأميركيّة"، وليس من وليد جنبلاط وسعد الحريري اللذين سوقا لمبادرتهما في السعوديّة وباريس وواشنطن.

ومن الأسباب الأخرى التي يرى البعض أنها دفعت إلى تعطيل المبادرة الرئاسية، أن انتخاب فرنجية، يعني الحفاظ على اتفاق الطائف كما هو لسنوات ست إضافيّة على الأقل، وهي مدة ولاية رئيس الجمهوريّة في لبنان. وقد لا تتكرر ظروف تعديل اتفاق الطائف، التي يرغب بها حزب الله، كما هي الظروف اليوم. ومعلوم، أن نصرالله دعا مراراً إلى مؤتمرٍ تأسيسي أو لإيجاد مرجعية لاتفاق الطائف، وهو ما يعني بالحد الأدنى إجراء بعض التعديلات الدستورية. فالظروف الحالية مناسبة جداً لإجراء تعديلات دستورية، وخصوصاً لجهة الفراغ الرئاسي وقوة حزب الله المرتبطة بسطوة سلاحه. في المقابل، يشير البعض إلى أن بعض تبريرات المقربين من السعودية لتأييدها انتخاب فرنجية، هو الحفاظ على اتفاق الطائف.

اقرأ أيضاً: مبادرة فرنجية الرئاسية تنجح في شق 8 و14 آذار