بترجيح من رفسنجاني، أصبح علي خامنئي مرشداً أعلى بعد إقصاء حسين منتظري مبكراً في حياة الخميني. واستمر رفسنجاني في أداء هذا الدور، فلا يمكن تخيل محمد خاتمي رئيساً لإيران أو فوز الرئيس الحالي حسن روحاني بدون ظل رفسنجاني، والذي كان فعلاً "رمز اعتدال"، وبالتالي فإن لخسارته ارتدادات سلبية على البلاد.
رسّخ رفسنجاني توجهاً سياسياً بين الإصلاحين والمحافظين. كان يؤمن بـ"ثوابت الثورة" في الوقت الذي تبنى فيه سياسات انفتاحية، داخلياً ودولياً. دعم الحرب في وقت الحرب، كما فعل أثناء الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي، وأقنع الخميني بـ"تجرّع السم" لاحقاً وإيقاف الحرب. دعم رفسنجاني الانفتاح في وقت البناء، فكان عرّاب العلاقات "الودية" مع العرب، في مقدمتهم السعودية، في تسعينيات القرن الماضي، وهي المسيرة التي أكملها خاتمي، ودُمرت لاحقاً.
داخلياً، كان رفسنجاني ضد القمع الدموي للحركة الخضراء في 2009، لكنه كان ضد ما اعتُبر آنذاك "مساساً" من هذه الحركة بـ "قيم الثورة".
رفسنجاني بلا شك أحد أعمدة النظام في طهران. بدونه يخسر الإصلاحيون رقماً صعباً، إذ كان دعمه يبطئ هيمنة الحرس الثوري، والتيار الأكثر محافظة في البلاد على أركان الدولة. اليوم ومع رحيل رفسنجاني، وصعود دونالد ترامب إلى السلطة، بكل مواقفه الجذرية ضد إيران، ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الإيرانية في مايو/أيار المقبل، مع الخوف من أن تدمر واشنطن كل منجز روحاني (المتمثل بالانفتاح على الغرب بواسطة الاتفاق النووي)، يبدو أن حقبة جديدة ترسم ملامحها في طهران، من دون رفسنجاني هذه المرة. ملامح لا يبدو أبداً أنها ستكون في صالح استقرار المنطقة.