إيران... تقتل "الموت لأميركا"

18 يونيو 2014
+ الخط -
لا يمكن قراءة إعلان الرئيس الإيراني، حسن روحاني، عن إمكانية التعاون مع الولايات المتحدة في العراق، إلا إعلاناً عن موت "الثورة" الإسلامية في إيران. فكما تبدأ الثورات بالشعارات، يبدو أنها تموت بالشعارات أيضاً. إذن، أين شعار "الموت لأميركا" الذي ظلت إيران الملالي ترفعه في العقود الثلاثة الماضية، شعاراً لسياساتها. على ما يبدو أنه انتهى، ولم يعد صالحاً لهذه المرحلة من عمر السياسية الإيرانية. إعلان روحاني، ورد الأميركيين الإيجابي بشأن إمكانية التعاون العسكري والاستخباري، ليس مجرد إعلان تحالف بين دولتين، إنما هو تاريخ لنهاية مرحلة، وبداية مرحلة أخرى على مستوى الداخل الإيراني، وعلى مستوى الإقليم والواقع الدولي.
سيكون لهذا الإعلان تبعاته على مستويات عدة. على المستوى الدولي؛ أثبتت إيران أنه لا قيمة لكل تحالفاتها الماضية مع روسيا ودول البريكس، فقد كانت تلك التحالفات من باب إثارة غيرة أميركا فقط. وحينما جدّ الجد، لم تجد إيران أفضل من الولايات المتحدة للتحالف معها، في أرضٍ من المفترض أن الإيرانيين ابتلعوها منذ زمن، ولا يحتاجون أي تحالف للتدخل في إدارتها. على مستوى الإقليم، كسرت إيران رابطاً مع كل مُريديها وأتباعها، الذين كانوا يأخذون معاداة طهران أميركا غطاءً يغطون به ميلهم لإيران، أما الآن، فيعلن الإيرانيون، بكل صراحة، أنهم على استعداد تام للتعاون الكامل مع الأميركيين في المنطقة. ومن يدري، قد تتخلى إيران عن كل الوجوه التي كانت تدافع عنها، لأنهم لم يعودوا صالحين للمرحلة الجديدة، وصار لزاماً البحث عن أشخاص أكثر انفتاحاً مع السياسة الإمبريالية للولايات المتحدة.
منذ الآن فصاعداً، لم يعد في استطاعة منظري الممانعة، أن يتبجحوا بورقة العداء للإمبريالية من أجل تمرير عمالتهم لإيران، ولم يعد في مقدورهم اختلاق حجج وأعذار، ولصق تهم العمالة للأميركيين بمن يخالفهم، لمجرد أنه ضد سياسات إيران، فهذه الشعارات سقطت في عقر دار الملالي أنفسهم. أما على مستوى الداخل الإيراني، فإن إعلان إمكانية التعاون مع أميركا، وضع المواطن الإيراني في حيرة من أمره، فبعد سنوات طويلة من الصبر على الحصار والفقر والتضييق بحجة محاربة أميركا، يجد هذا المواطن نظام بلده مستجدياً لمساعدة أميركا.
تعرض إيران، الآن، على أميركا والإقليم تغييراً في قواعد اللعبة، مفاده بأن تعود طهران إلى لعبة ما قبل العام 1979، بأن تكون شرطي المنطقة للصالح الأميركي. لكن، هناك شكوك في قدرة طهران على لعب هذا الدور، لأنها تأخرت ثلاث سنوات عن القيام به، وهي الآن في واحدة من أكثر مراحل ضعفها، وتتعرض لاستنزاف مادي وبشري كبير، لحمايتها نظام بشار الأسد في سورية، وما جرى في العراق هو آخر ما ينقصها، ولا تبدو، اليوم، في موقع قوي. وإلا ما الذي يجعلها تتخلى عن أهم شعار لها، وتستجدي ما كان يفترض أنه عدوها لمساعدتها.
لن يكون بمقدور إيران لعب أي دور في هذه المرحلة، سوى الدور المرسوم لها في الاستراتيجيات الأميركية، أي أن تكون أحد عناصر الفوضى الخلاقة، وفي أقصى تقدير، هي لن تحصل على أكثر من جنوب العراق، وما يجري، الآن، جزء من عملية إخراج طهران من سورية، وكسر شوكتها هناك، ورد مباشر على مقولة "إن حدود إيران هي البحر المتوسط". 
0318F4A2-63C4-46B1-A66F-EAAA865E79DE
0318F4A2-63C4-46B1-A66F-EAAA865E79DE
إبراهيم الزايد (سورية)
إبراهيم الزايد (سورية)