وفي كلمة له ألقاها خلال مراسم أقيمت لتكريم الصحافيين في طهران، قال ظريف إن إيران استطاعت تجاوز مراحل صعبة خلال سنوات ماضية اختبرت فيها الحظر الاقتصادي الأميركي، مؤكداً أن بلاده لم تترك طاولة الحوار، والتزمت بتعهداتها مقابل قيام الولايات المتحدة بعكس ذلك. وتساءل: "من يصدق أن ترامب يريد التفاوض مع إيران؟"، مضيفاً أن وزير الخارجية الأسبق جون كيري "جلس ثمانية عشر يوماً في الفندق، وفاوض إيران، وهذا يدل على قوتها، لقد تفاوضنا عامين، وبشكل جيد، وبحثنا تفاصيل كل كلمة في الاتفاق ساعات، حتى ما يتعلق بالصواريخ، تحاورنا حوله ساعاتٍ".
ورأى ظريف أن ترامب جاء "لينهي كل شيء في زمن وجيز وهذا لا يصنف إلا كاستعراض". وفي ما يتعلق بعرض الرئيس الأميركي المقدم إلى طهران للدخول في تفاوض غير مشروط، رأى وزير الخارجية الإيراني أنه "يجب أن يكون للمفاوضات قيمة، وأن تعرف طهران على أي أمر ستتفاوض أولاً".
واعتبر ظريف أن إسرائيل وبعض الدول المجاورة لها التي وصفها بـ"غير الناضجة"، تبذل كل جهدها للقضاء على إيران، معتبراً أن ذلك "وهم"، ومتهماً هذه الأطراف إلى جانب الولايات المتحدة، بمحاولة إثارة بلبلة في الداخل الإيراني من خلال مضاعفة الضغوطات. وقال إن ترامب الذي يدّعي أنه يقف مع الشارع الإيراني، أعاد فرض حظر الطيران المدني، متسائلاً عن سبب إلغاء تراخيص تزويد طهران بـ200 طائرة مدنية أميركية وأوروبية، حتى قبل دخول قرار عودة العقوبات الحيز العملي.
ورأى ظريف أن الأمور مختلفة في الوقت الراهن، فالمجتمع الدولي برمته يقف إلى جانب بلاده، لكنه اعتبر أن الضغط المفروض على الشارع الإيراني يزيد من الصعوبات وتحمّل مسؤولية ذلك يقع على عاتق الحكومة، على حدّ قوله.
انتقاد أوروبي
من جهتها، أصدرت منسقة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني بالاشتراك مع وزراء خارجية فرنسا، بريطانيا وألمانيا، بياناً مشتركاً يأسف لإعادة تفعيل العقوبات الأميركية ضد طهران بعد الانسحاب من الاتفاق. وجاء في البيان أن الاتفاق النووي يضمن تحقق الاستقرار، وأن الوكالة الدولية (للطاقة الذرية) أكدت في 11 تقريراً التزام طهران بتعهداتها، وهو ما يحقق أمن أوروبا والمنطقة والعالم.
وأكد البيان أن الاتحاد الأوروبي مُصرّ على الحفاظ على المصالح الاقتصادية مع إيران، لذا سيبدأ بإجراءات الردع التي تحمي شركاته من تبعات العقوبات اعتباراً من يوم غد، الثلاثاء.
لا فائدة من الحوار مع أميركا
في سياق العلاقات الإيرانية - الأميركية، نشرت وكالة "تسنيم" الإيرانية تفاصيل جديدة من حوار خاص مع المساعد السياسي في مكتب الرئاسة الإيرانية والمفاوض النووي، مجيد تخت روانجي، الذي قال صراحة إن الحوار مع الولايات المتحدة "لا فائدة منه"، فـ"للمفاوضات قواعد وأصول وسلوك معين، إذا ما لم تُراع، تصبح مضرة أيضاً".
وأضاف روانجي أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو تحدث عن شروط غير مقبولة، على عكس ترامب الذي دعا إلى حوار غير مشروط، مجدداً القول إن الرئيس الأميركي "لا يملك أي خبرة سياسية ويتصرف كتاجر، وهو ما ينعكس على علاقات بلاده مع أطراف عدة، وليس فقط مع إيران"، واصفاً سلوك ترامب إزاء الآخرين بـ"الاحتقاري"، وبأن "على ترامب أن يفهم أن هذا السلوك لن ينفع" مع بلاده.
وخلال هذا الحوار، نفى روانجي أن تكون طهران قد بدأت بالحوار مع واشنطن عبر مسقط، واصفاً الزيارات المتبادلة بين المسؤولين الإيرانيين والعمانيين بـ"الاعتيادية". وقال إن الأمور "واضحة بالنسبة لطهران، ولا تحتاج لحمل وتبادل رسائل، كما ترحب دائماً بوزير الخارجية العماني يوسف بن علوي"، رافضاً ربط زيارة الأخير واشنطن بالحديث عن زيارة مرتقبة له كذلك لطهران.
وأكد روانجي وجود اتصالات ديبلوماسية بين بلاده ودول من المنطقة كقطر والكويت، وهي اتصالات تناقش مسائل مختلفة، ومنها الاتفاق النووي وسعي واشنطن إلى حشد الأطراف لتقف في جبهة مضادة لإيران، واضعاً ذلك في إطار "المساعي الدبلوماسية الاعتيادية".
تشدد العسكر
إلى ذلك، رد المتحدث باسم هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، على الانتقادات لموقف "الحرس الثوري" من رفض التفاوض مع الولايات المتحدة بشكل قطعي، وذكر أن "الحرس" لم يتدخل في المسائل السياسية كما يتهمه البعض ويؤدي وظائفه القانونية، واعتبر أن إيران هي الطرف الوحيد الذي يحق له الحديث عن أمن مضيق هرمز، وأي فعل تقوم به هناك مرتبط بتحقق أمن تلك المنطقة.
وكان "الحرس الثوري الإيراني" قد أكد أمس الأحد إجراء مناورات في المياه الخليجية ومضيق هرمز قبل أيام، بعد صدور تصريحات أميركية نقلت وجود تحركات عسكرية إيرانية في تلك المنطقة. وجاء ذلك عقب تصاعد حدة التهديدات المتبادلة بين طهران وواشنطن، والتي أعقبها صدور دعوة أميركية بفتح تفاوض غير مشروط.