10 نوفمبر 2024
إيران... و"ربّات الجمال"
ضُربت على آلهة الرومان الحُجُب، ليتمتع الرئيس الإيراني، حسن روحاني، برؤية نفائس الفن بدون معوقات شرعية. وكان قد فرغ للتو من توقيع عقود ضخمة القيمة، وطويلة الأمد، بعشرات المليارات من الدولارات مع شركاتٍ إيطالية وفرنسية.. تتوقع إيران أن الوئام سيسود بينها وبين الغرب مدة كافية، على الأقل ليتم تنفيذ هذه العقود، التي سيستغرق إنجازها عدة سنوات.
لم ينتظر روحاني أكثر من أسبوع، بعد التقرير الإيجابي الذي أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبدء الاتفاق النووي مع أميركا، ليباشر رحلته المشهودة إلى أوروبا. ليس شوقاً لرؤية المتاحف التاريخية المجللة بالسواد، ولا لمشاهدة البابا ضمن الطقس البروتوكولي، ولكن، تحرقاً للقاء كبريات الشركات، وتوقيع أكبر العقود معها، وهذا ما حققه بالفعل.
الأرقام الضخمة التي أذيعت، بالخط العريض، على مختلف وسائل الإعلام، تثير الريبة، وتستدعي التأمل قليلاً، بعد الانتهاء من عد الأصفار الكثيرة المصفوفة على يمين الأرقام. ستة عشر ملياراً مع شركة إيرباص الفرنسية لتوريد طائرات جديدة، ستة مليارات مع شركة دانيلي لتوريد معدات ثقيلة، قرابة أربعة مليارات مع شركة سابيم الإيطالية لتطوير حقول النفط، وعشرات العقود الصغيرة المنثورة هنا وهناك، تتراوح قيمتها بين المائة والخمسمئة مليون دولار.. وفق دخول تجاري عميق قد يورّط الشركات الأوروبية بعلاقات صعبة الانفصام لحجم التداخل المالي الكبير، وحاجة هذه الشركات لعقود من هذا النوع، في ظل أزمات تخيّم على اقتصاديات الدول الأوروبية.
كل العقود قد وقعت.. وتأبط روحاني ابتسامته الوديعة، ونسخته من العقود المصدقّة من الحكومات، وعاد إلى طهران مستبشراً، مخلفاً التساؤل الذي يهرب الجميع من الإجابة عليه: من سيقوم بتمويل كل هذه العقود؟
البنوك الأوروبية التي من المفترض أن تُقرض الحكومة الإيرانية ما زالت ترزح تحت الغرامات الكبيرة التي طبقتها الخزينة الأميركية بحقها نتيجة تعاملها السابق مع إيران، وقد تفكّر هذه البنوك بالعد إلى المليار، قبل أن تقبل بدء تمويل ضخم غير مضمون النتائج، فالسياسة الإيرانية مُريبة، وتدعو إلى القلق، ولا يمكن التنبؤ بالخطوة التالية، وصور الجنود الأميركيين راكعين وظهورهم للخلف نُشرت بعد أيام قليلة على بدء تنفيذ الاتفاق، ما يعني أن إيران ما زالت تستسيغ استفزاز أميركا، هذا الاستفزاز قد يتخذ أشكالاً أكثر خطورة لاحقاً، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من العقوبات التي ما زالت أميركا تطبقها على إيران خارج الملف النووي، والمتعلقة بحقوق الإنسان وقضايا الإرهاب.
الأمر الآخر والمهم الذي سيضع كل تلك الاتفاقات في الثلاجة وقتاً قد يطول هو الموقف الذي أعلنه جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي حول الاتفاق النووي الموقع مع إيران، فهو يعتبر أنه اتفاق مشابه لاتفاقات الحد من التسلح الذي عقدته الولايات المتحدة مع الاتحاد السوفييتي السابق، وأن اتفاقاً من هذا النوع يحمل صفات مرحلية وتكتيكية، ويفيد، فقط، في ترسيخ الوضع الحالي، وإبقاء المنطقة عند مستويات الاستقرار المقبولة. أما استراتيجياً فما زالت أميركا تعتبر إيران مصدر قلق، ولن يتغير سلوكها بهذه السرعة، خصوصاً أن العقليات المحركة للنظام ما زالت في موقعها المحصن. هذا الموقف السياسي يجعل رجل الاقتصاد يفكر كثيراً قبل البدء بتوقيع الشيكات، لشكّه بإمكانية استردادها بعد ذلك.
رضوخ أوروبا لتوصيات خبراء التسويق بضرب الخمار على "ربات الجمال" مظهر شكلي يُفصح عن ماهية الزبون، واتجاهاته الذوقية، ومستواه الثقافي، كما يبرز التزام البائع بأمور بروتوكولية، من شأنها أن تضاعف أرقام وارداته، لكن الأهم هو الالتزام الأميركي برؤية بايدن الاتفاق النووي أنه أمر راهن. مع ذلك، يبقى القلق قائماً من كون ما وُقِّعَ اتفاقا نهائيا، ومدخلا لقبول إيران "كما هي"، ما يعني مسؤولية الدول العظمى عن مزيد من التدهور الأمني في المنطقة.
لم ينتظر روحاني أكثر من أسبوع، بعد التقرير الإيجابي الذي أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبدء الاتفاق النووي مع أميركا، ليباشر رحلته المشهودة إلى أوروبا. ليس شوقاً لرؤية المتاحف التاريخية المجللة بالسواد، ولا لمشاهدة البابا ضمن الطقس البروتوكولي، ولكن، تحرقاً للقاء كبريات الشركات، وتوقيع أكبر العقود معها، وهذا ما حققه بالفعل.
الأرقام الضخمة التي أذيعت، بالخط العريض، على مختلف وسائل الإعلام، تثير الريبة، وتستدعي التأمل قليلاً، بعد الانتهاء من عد الأصفار الكثيرة المصفوفة على يمين الأرقام. ستة عشر ملياراً مع شركة إيرباص الفرنسية لتوريد طائرات جديدة، ستة مليارات مع شركة دانيلي لتوريد معدات ثقيلة، قرابة أربعة مليارات مع شركة سابيم الإيطالية لتطوير حقول النفط، وعشرات العقود الصغيرة المنثورة هنا وهناك، تتراوح قيمتها بين المائة والخمسمئة مليون دولار.. وفق دخول تجاري عميق قد يورّط الشركات الأوروبية بعلاقات صعبة الانفصام لحجم التداخل المالي الكبير، وحاجة هذه الشركات لعقود من هذا النوع، في ظل أزمات تخيّم على اقتصاديات الدول الأوروبية.
كل العقود قد وقعت.. وتأبط روحاني ابتسامته الوديعة، ونسخته من العقود المصدقّة من الحكومات، وعاد إلى طهران مستبشراً، مخلفاً التساؤل الذي يهرب الجميع من الإجابة عليه: من سيقوم بتمويل كل هذه العقود؟
البنوك الأوروبية التي من المفترض أن تُقرض الحكومة الإيرانية ما زالت ترزح تحت الغرامات الكبيرة التي طبقتها الخزينة الأميركية بحقها نتيجة تعاملها السابق مع إيران، وقد تفكّر هذه البنوك بالعد إلى المليار، قبل أن تقبل بدء تمويل ضخم غير مضمون النتائج، فالسياسة الإيرانية مُريبة، وتدعو إلى القلق، ولا يمكن التنبؤ بالخطوة التالية، وصور الجنود الأميركيين راكعين وظهورهم للخلف نُشرت بعد أيام قليلة على بدء تنفيذ الاتفاق، ما يعني أن إيران ما زالت تستسيغ استفزاز أميركا، هذا الاستفزاز قد يتخذ أشكالاً أكثر خطورة لاحقاً، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من العقوبات التي ما زالت أميركا تطبقها على إيران خارج الملف النووي، والمتعلقة بحقوق الإنسان وقضايا الإرهاب.
الأمر الآخر والمهم الذي سيضع كل تلك الاتفاقات في الثلاجة وقتاً قد يطول هو الموقف الذي أعلنه جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي حول الاتفاق النووي الموقع مع إيران، فهو يعتبر أنه اتفاق مشابه لاتفاقات الحد من التسلح الذي عقدته الولايات المتحدة مع الاتحاد السوفييتي السابق، وأن اتفاقاً من هذا النوع يحمل صفات مرحلية وتكتيكية، ويفيد، فقط، في ترسيخ الوضع الحالي، وإبقاء المنطقة عند مستويات الاستقرار المقبولة. أما استراتيجياً فما زالت أميركا تعتبر إيران مصدر قلق، ولن يتغير سلوكها بهذه السرعة، خصوصاً أن العقليات المحركة للنظام ما زالت في موقعها المحصن. هذا الموقف السياسي يجعل رجل الاقتصاد يفكر كثيراً قبل البدء بتوقيع الشيكات، لشكّه بإمكانية استردادها بعد ذلك.
رضوخ أوروبا لتوصيات خبراء التسويق بضرب الخمار على "ربات الجمال" مظهر شكلي يُفصح عن ماهية الزبون، واتجاهاته الذوقية، ومستواه الثقافي، كما يبرز التزام البائع بأمور بروتوكولية، من شأنها أن تضاعف أرقام وارداته، لكن الأهم هو الالتزام الأميركي برؤية بايدن الاتفاق النووي أنه أمر راهن. مع ذلك، يبقى القلق قائماً من كون ما وُقِّعَ اتفاقا نهائيا، ومدخلا لقبول إيران "كما هي"، ما يعني مسؤولية الدول العظمى عن مزيد من التدهور الأمني في المنطقة.