10 نوفمبر 2024
إيران وأميركا راهن قلق
لم تصدِّق إيران ما قاله الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن إسقاط الأميركان طائرة إيرانية مسيّرة فوق مضيق هرمز، ولا يبدو أن ترامب قد نسي إسقاط إيران الطائرة الأميركية قبل نحو شهر، لكنه قدّر أن الرد القوي قد تنجم عنه مضاعفات خطيرة، فابتلع غيظه حتى يوم الخميس الماضي، حين رد الصفعة ليتابع السير بمنطق التعادل.
قبل الحادثة الجديدة، حصل هدوء مؤقت في مياه الخليج، بعد فترة حرجة هدّدت إيران فيها بتفجيرات هنا وهناك، ووصل التوتر إلى ذروته، بعد إسقاط الطائرة الأميركية، ليرد ترامب على ذلك ويصرح بأنه أوقف، في اللحظة الأخيرة، ضربة كانت موجهة إلى إيران.. كانت الرسالة واضحة وفهمتها إيران، فتوقفت التحركات العسكرية، وانتقل السجال من مياه الخليج إلى ساحات الإعلام، وهناك استخدم سلاح التهديدات والتهديدات المضادّة مع ترداد نغمة الابتعاد عن الحرب. وعلى الرغم من تصريح إيران أنها ستتخطى الرقم المحدد لها في تخصيب اليورانيوم، فقد منحت أميركا لوزير خارجية إيران محمد جواد ظريف تأشيرة لدخول أميركا، وحضور اجتماعاتٍ في الأمم المتحدة، ولكنها لم تنسَ أن تقيد تحركاته بتوجيهها رسالة عبر سمة التأشيرة ذاتها بالسماح له بالتحرّك عبر ستة قطاعات في نيويورك، وكانت هذه القطاعات كافية ليعقد ظريف مؤتمراتٍ صحافية، يهاجم فيها أميركا.
تاريخياً، ومنذ فشل الإنزال الأميركي الذريع في إيران لإنقاذ رهائن السفارة عام 1980، كانت الحالة بين إيران وأميركا متأرجحة، تبرد أحياناً وترتفع درجتها لتصل إلى التهديد بقصف أو هجوم عسكري. ويمكن في بعض الأحيان أن تقدم أميركا معونة لإيران، أو يمكن أن يحدث العكس. وعلى الرغم من ذلك، لم تحدث الخصومة التي تفضي إلى حرب، ولم يحصل أيضاً تقارب حميم، بل ظلت العلاقات الدبلوماسية مقطوعةً منذ نجاح الثورة الإيرانية. كان الطرفان يردّدان على الدوام أن أياً منهما لا يرغب بالحرب، مع تأكيداتٍ من الجانب الأميركي أنه يتمنى لو يتحرّك الشعب الإيراني ليغير قيادته، ومن ثم تتغير عقيدة الهيمنة التي تسيطر على قادة إيران للاستحواذ على الخليج. وبقي هذا ضمن مجال الأمنيات، وكأن أميركا ما زالت تعول على عودة العلاقات الجيدة التي سادت قبل الثورة، وكأن قادة إيران، في الوقت نفسه، يحلمون بوفاق مع الأميركان، من دون أن يدري الطرفان كيفية الوصول إليه.
انتهى الهجوم الأميركي في الصحراء الإيرانية عام 1980 بكارثة، فقد قتل كل من شارك في الهجوم لإنقاذ الرهائن، ساهم هذا الفشل في سقوط مروّع لرئيس ديمقراطي هو جيمي كارتر. وبعد ساعة من مغادرته البيت الأبيض، أطلقت إيران جميع الرهائن، وبما يشبه المكافأة باع الرئيس الجمهوري رونالد ريغان عام 1985 إيران أسلحة، مخالفاً قراراً أممياً بحظر بيع السلاح في أوج الحرب العراقية الإيرانية، ثم ما لبثت البحرية الأميركية أن أسقطت طائرة مدنية إيرانية فوق الخليج، مخلفة أكثر من 250 قتيلاً، ثم فرض الرئيس التالي، وهو الديمقراطي بيل كلينتون، عقوبات على إيران بتهم الإرهاب، وخففت وزيرة خارجيته مادلين أولبرايت، من العقوبات بالسماح باستيراد السجاد والأغذية من إيران. وشهد عام 2000 أول لقاء دبلوماسي بين وزيري خارجية البلدين منذ قطع العلاقات في 1979، ولم يلبث الرئيس الجمهوري جورج بوش عام 2002 أن يصف إيران بأنها أحد أقطاب محور الشر، ثم أرسل إليها مساعدات اقتصادية، عندما ضربها زلزال مدمر العام التالي، ليبدأ بعد ذلك التراشق بشأن السلاح النووي الإيراني، وصولاً إلى الاتفاق الشهير حوله، ثم نقض ترامب له. وخلال ذلك كله، خاضت أميركا حربين كبيرتين على تخوم الحدود الإيرانية، ولم يحدث خرق كبير واحد خلال كل تلك الفترة، ما يعني أن هناك بقية ما زالت في قلب كل دولة للأخرى، وحنين إلى علاقات ما قبل عام 1980.
قبل الحادثة الجديدة، حصل هدوء مؤقت في مياه الخليج، بعد فترة حرجة هدّدت إيران فيها بتفجيرات هنا وهناك، ووصل التوتر إلى ذروته، بعد إسقاط الطائرة الأميركية، ليرد ترامب على ذلك ويصرح بأنه أوقف، في اللحظة الأخيرة، ضربة كانت موجهة إلى إيران.. كانت الرسالة واضحة وفهمتها إيران، فتوقفت التحركات العسكرية، وانتقل السجال من مياه الخليج إلى ساحات الإعلام، وهناك استخدم سلاح التهديدات والتهديدات المضادّة مع ترداد نغمة الابتعاد عن الحرب. وعلى الرغم من تصريح إيران أنها ستتخطى الرقم المحدد لها في تخصيب اليورانيوم، فقد منحت أميركا لوزير خارجية إيران محمد جواد ظريف تأشيرة لدخول أميركا، وحضور اجتماعاتٍ في الأمم المتحدة، ولكنها لم تنسَ أن تقيد تحركاته بتوجيهها رسالة عبر سمة التأشيرة ذاتها بالسماح له بالتحرّك عبر ستة قطاعات في نيويورك، وكانت هذه القطاعات كافية ليعقد ظريف مؤتمراتٍ صحافية، يهاجم فيها أميركا.
تاريخياً، ومنذ فشل الإنزال الأميركي الذريع في إيران لإنقاذ رهائن السفارة عام 1980، كانت الحالة بين إيران وأميركا متأرجحة، تبرد أحياناً وترتفع درجتها لتصل إلى التهديد بقصف أو هجوم عسكري. ويمكن في بعض الأحيان أن تقدم أميركا معونة لإيران، أو يمكن أن يحدث العكس. وعلى الرغم من ذلك، لم تحدث الخصومة التي تفضي إلى حرب، ولم يحصل أيضاً تقارب حميم، بل ظلت العلاقات الدبلوماسية مقطوعةً منذ نجاح الثورة الإيرانية. كان الطرفان يردّدان على الدوام أن أياً منهما لا يرغب بالحرب، مع تأكيداتٍ من الجانب الأميركي أنه يتمنى لو يتحرّك الشعب الإيراني ليغير قيادته، ومن ثم تتغير عقيدة الهيمنة التي تسيطر على قادة إيران للاستحواذ على الخليج. وبقي هذا ضمن مجال الأمنيات، وكأن أميركا ما زالت تعول على عودة العلاقات الجيدة التي سادت قبل الثورة، وكأن قادة إيران، في الوقت نفسه، يحلمون بوفاق مع الأميركان، من دون أن يدري الطرفان كيفية الوصول إليه.
انتهى الهجوم الأميركي في الصحراء الإيرانية عام 1980 بكارثة، فقد قتل كل من شارك في الهجوم لإنقاذ الرهائن، ساهم هذا الفشل في سقوط مروّع لرئيس ديمقراطي هو جيمي كارتر. وبعد ساعة من مغادرته البيت الأبيض، أطلقت إيران جميع الرهائن، وبما يشبه المكافأة باع الرئيس الجمهوري رونالد ريغان عام 1985 إيران أسلحة، مخالفاً قراراً أممياً بحظر بيع السلاح في أوج الحرب العراقية الإيرانية، ثم ما لبثت البحرية الأميركية أن أسقطت طائرة مدنية إيرانية فوق الخليج، مخلفة أكثر من 250 قتيلاً، ثم فرض الرئيس التالي، وهو الديمقراطي بيل كلينتون، عقوبات على إيران بتهم الإرهاب، وخففت وزيرة خارجيته مادلين أولبرايت، من العقوبات بالسماح باستيراد السجاد والأغذية من إيران. وشهد عام 2000 أول لقاء دبلوماسي بين وزيري خارجية البلدين منذ قطع العلاقات في 1979، ولم يلبث الرئيس الجمهوري جورج بوش عام 2002 أن يصف إيران بأنها أحد أقطاب محور الشر، ثم أرسل إليها مساعدات اقتصادية، عندما ضربها زلزال مدمر العام التالي، ليبدأ بعد ذلك التراشق بشأن السلاح النووي الإيراني، وصولاً إلى الاتفاق الشهير حوله، ثم نقض ترامب له. وخلال ذلك كله، خاضت أميركا حربين كبيرتين على تخوم الحدود الإيرانية، ولم يحدث خرق كبير واحد خلال كل تلك الفترة، ما يعني أن هناك بقية ما زالت في قلب كل دولة للأخرى، وحنين إلى علاقات ما قبل عام 1980.