بعدما غابت طهران عن المشاركة في حفل التوقيع على الاتفاق بين حركة "طالبان" الأفغانية والولايات المتحدة الأميركية، أمس السبت، علّقت الخارجية الإيرانية، في بيان، اليوم الأحد، على هذا الاتفاق بطريقة توحي بمعارضتها للاتفاق، ليعتبر البيان أن "أميركا ليست في موقع قانوني يخولها التوقيع على اتفاقية سلام حول أفغانستان أو أن تقرر مستقبلها".
ولمّحت الخارجية الإيرانية إلى أن اتفاق الدوحة لم يأخذ بالاعتبار ملاحظات إيران كدولة جارة، تربطهما حدود مشتركة بطول يصل إلى أكثر من 900 كلم، وذلك من خلال القول إن "السلام المستدام في أفغانستان يتحقق فقط من طريق الحوار بين الأفغان بمشاركة جميع القوى السياسية مع الأخذ بالاعتبار ملاحظات الدول المجاورة لأفغانستان".
إلا أن بيان الخارجية الإيرانية، أكد أن طهران "ترحب بأي تطور يساعد في استتباب السلام والاستقرار في أفغانستان وبجهود تبذل في هذا السياق تحت قيادة الأفغان أنفسهم"، وهو موقف دأبت عليه إيران بشأن الأوضاع في أفغانستان، التي تحولت إلى ساحة صراع بينها وبين الولايات المتحدة.
في السياق، أشار البيان إلى أن حضور القوات الأجنبية في أفغانستان "غير شرعي، وهو من الأسباب الرئيسة للحرب والاضطراب الأمني فيها".
واعتبرت الخارجية الإيرانية أن "تصرفات أميركا محاولة لإضفاء الشرعية على وجود قواتها في أفغانستان"، مؤكدة أن إيران "تعارض ذلك، وأميركا ليست في موقع قانوني يخولها التوقيع على اتفاقية سلام أو تقرر بشأن مستقبل أفغانستان".
ورأت طهران أن الأمم المتحدة "لديها طاقات وقدرات مناسبة لتسهيل المفاوضات بين الأفغانيين والإشراف عليها وضمان تنفيذ الاتفاقيات الموجودة"، معلنة استعدادها "للمساعدة في استتباب السلام والاستقرار والأمن في أفغانستان". وأعربت عن الأمل في "تشكيل حكومة أفغانية تقيم علاقات صداقة وأخوة مع الجيران وتقلع جذور الإرهاب".
يشار إلى أن إيران لم تشارك في حفل التوقيع على اتفاق الدوحة بين "طالبان" وواشنطن. وأمس السبت، قبل تنظيمه، نقلت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية، عن مصادر، قولها إن إيران تلقت دعوة من دولة قطر لحضور الحفل، لكنها رفضت المشاركة فيه.
وذكرت الصحيفة أن موقف إيران من التفاوض مع حركة "طالبان" هو التشديد على "إجراء المفاوضات بين الأفغانيين وحدهم"، أي من دون أن تكون واشنطن طرفاً فيها. وأكدت "اعتماد" أن الولايات المتحدة أخفت تفاصيل الاتفاق عن جيران أفغانستان وحتى الرئيس الأفغاني، أشرف غني نفسه.
ويرجَّح أن هذا الموقف الإيراني من اتفاق الدوحة، والمفاوضات بين "طالبان" والولايات المتحدة، مدفوع بمخاوف من أن يؤدي الاتفاق إلى تقليص دورها في الدولة الجارة، ما يرتد عليها سلباً من الناحية الأمنية مستقبلاً، وذلك بعدما تجاوزت هي و"طالبان" حالة العداء "التاريخي" بينهما، التي تعود إلى قبل الحرب الأميركية على أفغانستان عام 2001، ونجحتا في نسج علاقات جيدة، بدافع وجود عدو مشترك بعد الحرب.
وظلت هذه العلاقات طيّ الكتمان حتى اعترفت طهران بها رسمياً لأول مرة على لسان أمين مجلس الأمن الإيراني علي شمخاني، خلال زيارة لكابول في ديسمبر/كانون الأول 2018.