وأبرز تقرير المجلس الاقتصادي، الذي يرأسه وزير المالية والاقتصاد السابق نزار بركة، أن اتفاقيات التبادل الحر تحولت من مصدر يساهم في النمو والمردودية الاقتصادية إلى عبء زاد في تعميق العجز التجاري للبلاد، كما أنه أضر بالناتج المحلي الإجمالي.
ارتفاع العجز التجاري
وأشار التقرير الصادر أخيراً، إلى أن سياسة الانفتاح الاقتصادي التي نهجها المغرب كانت صائبة، غير أن أوجه القصور تعود إلى كيفية تنفيذ هذه السياسة، "حيث يسجل المغرب عجزاً تجارياً تجاه أغلب الدول التي يرتبط معها باتفاقيات للتبادل الحر".
وعزا التقرير هذا العجز إلى غياب التنوع في الصادرات المغربية، التي ترتكز على الخضر والفواكه، خاصة الطماطم والليمون، وضعف تنافسيتها، ما يجعلها تخسر رهان السوق فور دخول اتفاقيات التبادل الحر حيز التطبيق.
وانتقد التقرير الرسمي غياب أية إستراتيجية واضحة فيما يتعلق بتحضير الأسواق المحلية لاتفاقيات التبادل الحر، بالتزامن مع ضعف سياسات المواكبة من أجل الاستفادة القصوى من هذه الاتفاقيات، وخصوصا من أجل الارتقاء بالتنافسية الوطنية.
وخلص تقرير المجلس الاقتصادي إلى أن اتفاقيات التبادل الحر لا تفضي إلى الآثار الموجودة في مجالات النمو الاقتصادي والتنافسية، وخلق كوادر الشغل المؤهلة، والتنمية البشرية.
تجارة من أجل السياسة
الخبير الاقتصادي المغربي، عبد السلام أديب، رأى أن المغرب صار مكبل اليدين بسبب تداعيات اتفاقيات التبادل التجاري الحر التي تربط المغرب بدول كالاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأميركية، والإمارات العربية المتحدة، وتونس، ومصر والأردن وتركيا.
وانتقد أديب دخول المغرب في اتفاقيات للتبادل الحر فقط لتعزيز الروابط السياسية مع تلك الدول دون التفكير في التداعيات الاقتصادية لتلك الاتفاقيات، مبرزا أن تلك الاتفاقيات المبرمة تساهم في فقدان التنافسية الاقتصادية.
ومن جانبه قال أستاذ اقتصاد التنمية في جامعة الرباط عمر الكتاني، إن المغرب يعقد اتفاقيات التبادل الحر أحياناً لجني الثمار السياسية أكثر منه لتحصيل الفوائد الاقتصادية، مستدلاً باتفاقيات المغرب مع الاتحاد الأوروبي، التي يراهن فيها المغرب على دعم أوروبا له في قضاياه السياسية المصيرية.
ونبه الخبير إلى مدى الأضرار التي يحدثها تحرير التجارة على الاقتصاد المغربي، باعتبار أن هذا التوجه الذي خاضه المغرب منذ سنوات خلت، يضر خاصة بالصناعات الناشئة في البلاد، ويجعل تنافسية المنتجات المغربية ضعيفة أمام ما تستورده البلاد من مواد ومنتجات أجنبية.
وحث الكتاني السلطات المغربية على التعامل بالند مع البلدان الأجنبية، خاصة دول الاتحاد الأوروبي في اتفاقيات الصيد البحري، مشدداً على أن المغرب هو من يحق له وضع الشروط، وبأن عدم تجديد تلك الاتفاقيات يكون أكثر جدوى للبلاد من الاستمرار في العمل بها.
ويأتي تقرير المجلس الاقتصادي في سياق توتر بين المغرب والاتحاد الأوروبي الذي يجمعه بالرباط عدد من اتفاقيات التبادل الحر، حيث قام الاتحاد الأوروبي أخيراً بمراجعة شروط دخول الفواكه والخضر إلى السوق الأوروبية ابتداء من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وهو ما اعتبره المغرب استهدافاً لصادراته من الخضر والفواكه، معتبرا القرار ذا انعكاسات كارثية على الاقتصاد الوطني.