اتفاق أميركي روسي "غير معلن" على الغوطة: كلٌّ يتسيّد في "منطقته"

واشنطن

فكتور شلهوب

avata
فكتور شلهوب
24 فبراير 2018
C64AD23A-4F47-4E50-AB54-C08BC03C6207
+ الخط -
في خطابه الشامل، يوم الجمعة، أمام مؤتمر "لجنة العمل السياسي المحافظة"، في إحدى ضواحي واشنطن، عرّج الرئيس الأميركي دونالد ترامب على معظم الملفات الخارجية الملتهبة، ما عدا سورية. صحيح أن حديثه كان مخصصاً كله تقريباً للشؤون السياسية المحلية، لكنه مرّ، ولو بسرعة خاطفة، على عدد من القضايا: الملف النووي الإيراني وكوريا الشمالية، وتباهى بقرار اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل (جمهور المؤتمر يطرب لهذه النغمة)، فضلاً عن رفضه اتفاقية باريس للمناخ، كما اتفاقيات التجارة الدولية.

غير أن موضوع اللحظة الأكثر سخونة، كارثة الغوطة الشرقية، غاب عن القائمة. تجاهله الرئيس، بالرغم من أن سيرته شغلت العالم ومجلس الأمن الدولي وحتى الإعلام الأميركي. 

بدا غير معني به، ولو من باب مداولات مجلس الأمن بخصوصه، والعراقيل المتواصلة لصدور قرار بوقف إطلاق النار لمدة ثلاثين يوماً، والذي تقول الخارجية الأميركية إن الإدارة تدعمه. لاسيما وأن عملية وضع العصي الروسية في دواليب مثل هذا القرار ما زالت مستمرة، حتى ظهر اليوم السبت، بعد تأجيل مكرر فرضته موسكو وحال دون طرح المشروع على التصويت.

الواضح أن الإدارة، بقدر ما تريد التوصل إلى قرار من هذا النوع، بقدر ما تحاشت التصدي لتحكّم موسكو في صيغة وتوقيت صدوره. وكأنها تعمل بتسليم ضمني بأن لموسكو امتيازا وحرية تصرف في هذا الجزء من سورية، مقابل تسليم موسكو بدور واشنطن في شرق البلاد.

كل طرف يتسيّد في "منطقته"، طالما تحوّل البلد إلى حصص للأطراف الدولية والإقليمية الحاضرة على أرضه؛ أميركا بزعم أنها تلاحق "داعش"، وروسيا تدّعي أنها متواجدة بطلب شرعي من الحكومة السورية، وتركيا دخلت بحجة ضرب الإرهاب الكردي، وإيران بذريعة دعم الحليف السوري.

ويبدو من تطور الأحداث أن هناك معادلة من هذا النوع يجري ترسيخها على الأرض، بحكم الأمر الواقع والتسليم الضمني، أو ربما المتفاهم حوله بين اللاعبين.

من مؤشرات التسليم بهذه المعادلة والتصرف على أساسها، أن الخارجية الأميركية في تعاملها مع فاجعة الغوطة، حرصت على مقاربتها من منظور إنساني بحت، مع الاكتفاء بغمز خجول من زاوية موسكو ودورها. خلال الإيجاز الصحافي في وزارة الخارجية الذي احتكر موضوع الغوطة معظم وقته، حرصت الناطقة الرسمية، هيذر نيورت، على انتقاء المفردات النقدية المخففة لدور روسيا، وبما يشير إلى الرغبة في الابتعاد عن لغة المصادمة معها.



لا إدانة صريحة ولا تلويحا بخطوات عقابية، على غرار ما حصل في مجزرة حلب، نهاية 2016. بقي المأخذ على موسكو في حدود "أنها لم تفَ بالتزاماتها" السورية التي تعهّد بها الرئيس فلاديمير بوتين لنظيره ترامب، خلال لقائهما في فييتنام، فضلاً عن استمرارها "في تمكين النظام السوري"؛ من دون شرح وتوضيح لتفاصيل هذا التمكين الميداني.

الرئيس ترامب، في مؤتمره الصحافي بعد ظهر الجمعة مع رئيس الحكومة الأسترالية، اكتفى بتوصيف ما "فعلته روسيا وإيران ودمشق" في الغوطة بأنه "مشين". لكنه توقّف عند هذا التوصيف. لا تحذير من عواقبه ولا من التمادي فيه. الرسالة أن إدارته ليست في وارد التحرك الفعال لوقفه، ولا للتصدي له. رد الخارجية خلال الإيجاز على فيض الأسئلة بهذا الخصوص، بقي في حدود حصر الدور الأميركي في مواصلة "التباحث" مع موسكو وحثها على "تفعيل تأثيرها على الرئيس السوري". ولما جوبهت بالاستغراب من هذا الموقف الرمادي، أجابت الناطقة: "ماذا تريدوننا أن نفعل؟".

طبعاً بإمكان واشنطن أن تفعل أكثر. وقد فعلت قبل أيام قرب دير الزور عندما تهددت مواقع حلفائها. لكن شرق الفرات شيء وضواحي دمشق شيء آخر. لكل طرف دولي وإقليمي في الساحة السورية حساباته وأولوياته. حسابات الشعب السوري ليس لها من بينهم من يرعاها.

ذات صلة

الصورة

سياسة

على الرغم من إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، إلا أنه ما زال يواجه تهماً عديدة في قضايا مختلفة، وذلك في سابقة من نوعها في البلاد.
الصورة
هاريس تتحدث أمام تجمع النتخابي في واشنطن / 29 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

حذرت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في خطاب أمام تجمع انتخابي حضره أكثر من 70 ألفاً في واشنطن من مخاطر فترة رئاسية ثانية لمنافسها الجمهوري دونالد ترامب.
الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
المساهمون