حاولت رئاسة الوزراء البريطانية احتواء أزمةٍ جديدةٍ ناجمة عن تصويت نواب حزب المحافظين البريطاني في البرلمان الأوروبي ضد قانون يفرض العقوبات على المجر، بسبب سياسات زعيمها اليميني المتطرف، فيكتور أوربان.
وكان حزب "المحافظين" البريطاني، هو الحزب الحاكم الوحيد من غرب أوروبا، الذي صوت أعضاؤه بالأغلبية، لصالح دعم حكومة أوربان المتطرفة، والمتهمة بالفساد وتقييد حرية الصحافة والنظام القضائي في المجر، إضافة إلى مواقفها العنصرية ضد الأجانب.
وكانت منظمتان تمثلان المسلمين واليهود البريطانيين، قد اتهمتا المحافظين بـ"التساهل مع العنصرية"، وإعطاء الأولوية لخططهم الخاصة بـ"بريكست"، على حساب حقوق الأقليات، من خلال إجبار نوابهم الأوروبيين الـ19 على معارضة قانون رقابي ضد المجر في برلمان الاتحاد الأوروبي، أمس الأول الأربعاء.
وتمّ تمرير القانون بأغلبية الثلثين (448 مقابل 197)، ليتم تفعيل المادة السابعة، والتي قد تنتهي بتجريد المجر من حقوقها في التصويت في المجلس الأوروبي. وبينما جادل المحافظون بأن العقوبات على المجر ستؤدي إلى تقوية موقف أوربان داخلياً، توجه الاتهامات لهم بأنهم سعوا إلى كسب ود الأخير، للمساهمة في الضغط على دول الاتحاد الأوروبي، والدفع نحو القبول بصفقة "بريكست".
من جهته، رأى أمين المجلس الإسلامي البريطاني، هارون خان، أنه "في وقت يسود فيه القلق من صعود اليمين المتطرف عبر أوروبا، نرى في إجبار نواب المحافظين في البرلمان الأوروبي للاصطفاف إلى جانب الأحزاب اليمينية المتطرفة في دعمها للسيد أوربان، أمراً مقلقاً جداً"، مضيفاً أنه "لا يسع المرء إلا أن يأمل ألا تكون حقوق المسلمين والأقليات الأخرى قابلة للتفاوض مقابل دعم موقف الحكومة الخاص بالبريكست، كما يبدو في هذه الحالة".
وأضاف خان: "لقد رفض حزب المحافظين حتى الآن التحقيق في كراهية الإسلام المنتشرة في صفوفه، وهذا التصرف الأخير يزيد من الشكوك حول انتشار العنصرية في الحزب".
أما ماري فان دير زيل، رئيسة مجلس ممثلي اليهود البريطانيين، فقد علقت على الأمر بقولها إنها "قلقة جداً لاختيار نواب المحافظين الأوروبيين الدفاع عن سجل هنغاريا (المجر) المهول، بدلاً من دعم مشروع يهدف للدفاع عن حكم القانون".
وأضافت: "كما قلنا سابقاً، إن الرسائل التي وجهتها حملة أوربان الانتخابية مثيرة جداً للقلق، وخاصة تعليقاته حول المسلمين الغزاة، ووصفه للمهاجرين بالسم، والمعاداة الشديدة للسامية في الحملة المستمرة ضد الثري اليهودي جورج سوروس".
واعتبرت فان دير زيل أن "لعب الحكومة المجرية على وتر العنصرية، إضافة إلى تقييدها لحرّية الصحافة واستقلال القضاء، يجب أن يوضع له حدّ، قبل أن يقضي على الديمقراطية المجرية من دون رجعة".
بدوره، طالب جيريمي كوربن، زعيم حزب العمال البريطاني، رئاسة الوزراء، بضرورة معالجة الموضوع. وكتب كوربن في تغريدة على "تويتر": "لقد جلب المحافظون العار على بريطانيا بدعمهم لحكومة اليمين المتطرف الهنغارية في تصويت حاسم في أوروبا. تحاول تيريزا ماي تحويل الانتباه عن هذه المسألة، في تصرف غير مقبول. يجب أن تعتذر رئيسة الوزراء، وتشرح لماذا صوت حزبها بالطريقة تلك".
يذكر أن دانيل دالتون، العضو في البرلمان الأوروبي عن حزب المحافظين، نفى أن يكون التصويت ضد المادة السابعة، تبنياً لفيكتور أوربان، فيما ذكرت رئاسة الوزراء البريطانية أن النواب اتخذوا قرارهم بـ"شكل مستقل"، في محاولةٍ لتجنب تحمل المسؤولية.
وقال متحدث باسم رئاسة الوزراء البريطانية يوم أمس إن الأمر "كان حصيلة تصويت ديمقراطي في البرلمان الأوروبي، وهي مسألة في يد المجلس الأوروبي حالياً. ننتظر التقدم في الإجراءات التي سيتم إرسالها إلى الرئاسة النمساوية"، مشدداً "على أهمية حكم القانون"، ومعرباً عن أمله "في التوصل إلى حلٍّ يحترم حق الشعوب في اختيار ترتيباتها الدستورية الخاصة، في إطار التقاليد المتعارف بها دولياً".