مع بداية فصل الصيف تلجأ كثير من الأسر إلى إشراك أطفالهم في بعض الأعمال والأنشطة التطوعية المناسبة لأعمارهم، فمنهم من يلتحق بمجموعات تنسيق الملابس وعمل معارض خيرية متنوعة، ومنهم من يزور المستشفيات الخاصة بالأطفال وجلب الهدايا والألعاب إليهم، وكذلك زيارة جمعيات الأيتام ومحاولة رسم بسمة على وجوههم، كما يلجأ بعضهم إلى تنظيف دور العبادة والشوارع وزرع الأشجار للتجميل.. ولكن الملاحظ أنه يغلب على هذه الجهود، كونها جهوداً فردية مشتتة، تهدف إلى زرع بذور الخير في نفوس الأبناء، في حين لا توجد كثير من الجهود المؤسسية التي تهدف إلى دمج الأطفال بشكل أساسي.
مبادرات للأطفال
تحكي بسنت عن تجربتها، فتقول إنها عمدت، منذ أن كان طفلها ثلاثة أعوام، إلى أن تجعله يشعر بالآخرين "كنت آخذه معي إلى زيارة بعض الأيتام وتقديم الهدايا لهم واللعب معهم بعض الوقت. إن إشراك الأطفال في الأعمال التطوعية يساهم في غرس القيم الإنسانية لديهم، مما يخلق جيلاً قادراً على إفادة المجتمع، "فأنا لا أريد لابني أن يعيش لنفسه فقط".
كما تعتب بسنت على المجتمع الذي لا يوفر حلولاً سهلة لمشاركة الأطفال في الأعمال التطوعية والاستفادة من طاقاتهم الكبيرة، خلال فصل الصيف، فلا توجد مبادرات كافية تسهل على الآباء هذه المهمة.
إلا أن البعض بدأ يلتفت إلى أهمية هذا الموضوع في بعض الدول العربية، ففي تونس على سبيل المثال تم تأسيس فرقة كشافة للأطفال في مدينة القيروان، تهدف إلى إشراك الأطفال في أعمال تطوعية، فقاموا بعمل وجبات طعام للفقراء بأنفسهم، ومن ثم توزيعها عليهم، ومن خلال هذا المشروع انتفعت حوالي 200 أسرة في شهر رمضان المبارك بوجبات الإفطار والسحور.
أيضا في السعودية، توجد مجموعة تسمى "بذرة للتطوع " والتى تهدف إلى إشراك الأطفال في الأعمال التطوعية في سن مبكّرة، وتتنوع الأنشطة التي يقوم بها الأطفال من مساعدة بعض الأسر الفقيرة وزيارة المستشفيات وغيرها، ويقبل الكثير من الأطفال على الاشتراك في هذه المبادرة.
كما أن هناك بعض المدارس، التي تقدم بعض الأنشطة التطوعية للطلاب مثل ما قام به مشروع "بادر" التنموي في مصر والذي أطلقته جمعية الشباب للسكان والتنمية، والتى تقوم بعمل غرفة مخصصة للنشاط التطوعي للأطفال في المدارس وتدربهم على عمل دراسة للمجتمع المحيط بهم، وما يحتاجه لكي يكون هو مشروعهم التطوعي، ومن خلال هذا المشروع اكتشف الأطفال أن العاملين في المدارس لا يستطيعون الكتابة أو القراءة، فكان هدفهم التغلب على هذه المشكلة بتعليم هؤلاء العاملين.
أهمية التطوع
وعلى الرغم من قلة المؤسسات التطوعية الحاضنة للأطفال، إلا أن مفهوم التطوع بشكل عام أصبح مستساغاً في العالم العربي، فيلاحظ تزايد المؤسسات التطوعية المختلفة على الرغم من الأوضاع السياسية المضطربة. وأصبح للتطوع دور معترف به في تحسين الأوضاع ومساعدة من لا تستطيع الحكومة توفير الدعم لهم. وعلى الرغم من ندرة الإحصائيات عن عدد المتطوعين في العالم العربي إلا أنه يلاحظ بشكل كبير.
وقد كشف أمين عام الاتحاد العربي للتطوع، يوسف الكاظم، أن التطوع يوفر على منظومة الاقتصاد العربي، سنوياً، ما يقرب من 500 مليون دولار (مليار و875 مليون ريال)، مما يدل على الإسهام الكبير لظاهرة التطوع في مساندة المجتمع.
وبحثاً عن أرقام دقيقة تعتبر أقرب إحصائية ظهرت وفقاً لتقرير الشبكة العربية للمنظمات الأهلية، قدرت عدد المتطوعين بما يقرب من 4 ملايين متطوع فى مصر، منقسمين فى العمل الأهلي بأنشطته المختلفة الخيرية، الإنسانية، التنموية، الاجتماعية والاقتصادية، وفي عمان 37% من العمانيين قاموا بعمل تطوعي و62% تبرعوا لعمل خيري.
تطوع بالـshare
يقول الأستاذ مدحت العطار، أحد الناشطين في العمل التطوعي والاجتماعي: "إن أعداد من يرغبون في التطوع في تزايد مستمر، ومن اللافت للنظر، أن سن التطوع انخفضت كثيراً عمّا كانت، فمن قبل كان المعظم شباب الجامعات، أما الآن لدينا متطوعون في سن الثامنة ويعملون بكل جد".
يقول العطار، إن التطوع لم يعد يقتصر على المجهود الجسدي أو المادي فقط، فقد ساعدت مواقع التواصل الاجتماعي على تسهيل عملية التطوع من خلال زر الـ share ، حيث يمكن لمن لا يستطيع التطوع بالمفهوم المعتاد أن يساهم على سبيل المثال في جمع مبلغ من المال لحالة غارم أو فتاة يتيمة لا تستطيع تزويج نفسها، يفعل ذلك وهو جالس في بيته، وإذا كان في مقدور أحد أصدقائه المساعدة المادية فيكون الخير قد أتى عن طريقه، وقد ساهم فيه بالتأكيد. وهذا النوع من التطوع السهل يقبل عليه كثيرون من زوار "فيسبوك".
فوائد التطوع
وتعلق المستشارة التربوية والنفسية للأطفال، د.وفاء أبو موسى، على أهمية التطوع بالنسبة للأطفال فتقول: التطوع سلوك إنساني من أرقى السلوكات المقدمة للمجتمع، لذلك كتربويين ننصح الوالدين بغرس بذور توجهات الطفل نحو التطوع منذ الصغر.
وترجع أهمية غرس بذور التطوع في البناء النفسي للطفل منذ الصغر لأنها تساعد الطفل على النجاح في الحياة وتدربه على طرق المواجهة في المواقف المختلفة، خصوصاً في مواقف الأزمات. كما أنها تنمي روح الانتماء للمجتمع الصغير(أسرته) ثم الكبير وتجعله يتدرب على تحمل المسؤولية بالتدريج، وهذا يدفعه لأن يكون فاعلاً في المجتمع، ولا يكون فقط، شخصاً متلقياً.
وتضيف أبو موسى لـ"العربي الجديد" أن التطوع يدعم البناء الاجتماعي في شخصية الطفل ويجعله يتجه نحو القدوة والتفكير في هدف أن يصبح لديه قدرة على تحديد أهدافه وفق احتياجاته الصغيرة، وهذا لن يحدث إذا لم ينخرط في أنشطة كأنشطة التطوع والتي نطلق عليها، كتربويين، الأنشطة اللامنهجية (أي أنشطة خارج المنهج المدرسي).
بذرة تطوع
- أول خطوة لتدريب الطفل على التطوع هي في تدريبه على التركيز، ويدرب الطفل على التركيز بأن يختار الأهل عدداً من الأنشطة المنزلية، ويختار الطفل واحداً منها ليمارسه تحت بند التعاون الأسري أو المشاركة العائلية.
في الغالب لن يتقن الأطفال المهام بسرعة بل سيتكاسلون ويبدون بعض التذمر، وهنا علينا أن نكون حذرين ولا نعطي ردة فعل عنيفة، فقط نستمر في الدعم والتشجيع. وكل فترة زمنية تكرر العملية، وهذا كفيل بأن ينمي لدى الطفل المسؤولية والمشاركة واكتشاف الذات.
- تعويد الطفل على التطوع، بأن يكون له الحق في تكوين علاقات اجتماعية متكاملة حرة مستقلة، وهذا خاص بعمر من 6 إلى 13 عاماً. وذلك من خلال تحقيق بيئة حرة آمنة مستقلة لأطفالنا في صنع علاقاتهم في المدرسة والنادي. ومن ثم تشجيعهم على طرح كل ما يدور في أذهانهم من أنشطة تطوعية بلا قيود وتشجيعهم على عرضها على رفاقهم وحثهم على المشاركة والبحث في خطوات تنفيذها.
- تقديم القدوة للأطفال، هل نمارس نحن الكبار أنشطة تطوعية؟ وما هي تلك الأنشطة؟ علينا إشراك أطفالنا في مناقشة تلك الأنشطه وكيفية تقديمها للمجتمع، وأخذ رأي الطفل في عين الاعتبار واصطحابه ليتشرب الأجواء الروحية للتطوع.
- طرح قصص وأمثال إنسانية وإسلامية في التطوع من أجل خدمة المجتمع، وما هي نتائج هذه الأمثلة التطوعية. كذلك علينا طرح القصص الخيالية عن ممارسة التطوع بأساليب سهلة ممتعة للأطفال قبل سن المدرسة، فهم ملاحظون ومستمعون جيدون.
- كل أنشطة التطوع الإنسانية مناسبة للطفل، عدا الأنشطة التي تحتاج قوةً بدنية.
اقرأ أيضا: الأطفال الإسكندنافيون..إجازة خارج الجدران
مبادرات للأطفال
تحكي بسنت عن تجربتها، فتقول إنها عمدت، منذ أن كان طفلها ثلاثة أعوام، إلى أن تجعله يشعر بالآخرين "كنت آخذه معي إلى زيارة بعض الأيتام وتقديم الهدايا لهم واللعب معهم بعض الوقت. إن إشراك الأطفال في الأعمال التطوعية يساهم في غرس القيم الإنسانية لديهم، مما يخلق جيلاً قادراً على إفادة المجتمع، "فأنا لا أريد لابني أن يعيش لنفسه فقط".
كما تعتب بسنت على المجتمع الذي لا يوفر حلولاً سهلة لمشاركة الأطفال في الأعمال التطوعية والاستفادة من طاقاتهم الكبيرة، خلال فصل الصيف، فلا توجد مبادرات كافية تسهل على الآباء هذه المهمة.
إلا أن البعض بدأ يلتفت إلى أهمية هذا الموضوع في بعض الدول العربية، ففي تونس على سبيل المثال تم تأسيس فرقة كشافة للأطفال في مدينة القيروان، تهدف إلى إشراك الأطفال في أعمال تطوعية، فقاموا بعمل وجبات طعام للفقراء بأنفسهم، ومن ثم توزيعها عليهم، ومن خلال هذا المشروع انتفعت حوالي 200 أسرة في شهر رمضان المبارك بوجبات الإفطار والسحور.
أيضا في السعودية، توجد مجموعة تسمى "بذرة للتطوع " والتى تهدف إلى إشراك الأطفال في الأعمال التطوعية في سن مبكّرة، وتتنوع الأنشطة التي يقوم بها الأطفال من مساعدة بعض الأسر الفقيرة وزيارة المستشفيات وغيرها، ويقبل الكثير من الأطفال على الاشتراك في هذه المبادرة.
كما أن هناك بعض المدارس، التي تقدم بعض الأنشطة التطوعية للطلاب مثل ما قام به مشروع "بادر" التنموي في مصر والذي أطلقته جمعية الشباب للسكان والتنمية، والتى تقوم بعمل غرفة مخصصة للنشاط التطوعي للأطفال في المدارس وتدربهم على عمل دراسة للمجتمع المحيط بهم، وما يحتاجه لكي يكون هو مشروعهم التطوعي، ومن خلال هذا المشروع اكتشف الأطفال أن العاملين في المدارس لا يستطيعون الكتابة أو القراءة، فكان هدفهم التغلب على هذه المشكلة بتعليم هؤلاء العاملين.
أهمية التطوع
وعلى الرغم من قلة المؤسسات التطوعية الحاضنة للأطفال، إلا أن مفهوم التطوع بشكل عام أصبح مستساغاً في العالم العربي، فيلاحظ تزايد المؤسسات التطوعية المختلفة على الرغم من الأوضاع السياسية المضطربة. وأصبح للتطوع دور معترف به في تحسين الأوضاع ومساعدة من لا تستطيع الحكومة توفير الدعم لهم. وعلى الرغم من ندرة الإحصائيات عن عدد المتطوعين في العالم العربي إلا أنه يلاحظ بشكل كبير.
وقد كشف أمين عام الاتحاد العربي للتطوع، يوسف الكاظم، أن التطوع يوفر على منظومة الاقتصاد العربي، سنوياً، ما يقرب من 500 مليون دولار (مليار و875 مليون ريال)، مما يدل على الإسهام الكبير لظاهرة التطوع في مساندة المجتمع.
وبحثاً عن أرقام دقيقة تعتبر أقرب إحصائية ظهرت وفقاً لتقرير الشبكة العربية للمنظمات الأهلية، قدرت عدد المتطوعين بما يقرب من 4 ملايين متطوع فى مصر، منقسمين فى العمل الأهلي بأنشطته المختلفة الخيرية، الإنسانية، التنموية، الاجتماعية والاقتصادية، وفي عمان 37% من العمانيين قاموا بعمل تطوعي و62% تبرعوا لعمل خيري.
تطوع بالـshare
يقول الأستاذ مدحت العطار، أحد الناشطين في العمل التطوعي والاجتماعي: "إن أعداد من يرغبون في التطوع في تزايد مستمر، ومن اللافت للنظر، أن سن التطوع انخفضت كثيراً عمّا كانت، فمن قبل كان المعظم شباب الجامعات، أما الآن لدينا متطوعون في سن الثامنة ويعملون بكل جد".
يقول العطار، إن التطوع لم يعد يقتصر على المجهود الجسدي أو المادي فقط، فقد ساعدت مواقع التواصل الاجتماعي على تسهيل عملية التطوع من خلال زر الـ share ، حيث يمكن لمن لا يستطيع التطوع بالمفهوم المعتاد أن يساهم على سبيل المثال في جمع مبلغ من المال لحالة غارم أو فتاة يتيمة لا تستطيع تزويج نفسها، يفعل ذلك وهو جالس في بيته، وإذا كان في مقدور أحد أصدقائه المساعدة المادية فيكون الخير قد أتى عن طريقه، وقد ساهم فيه بالتأكيد. وهذا النوع من التطوع السهل يقبل عليه كثيرون من زوار "فيسبوك".
فوائد التطوع
وتعلق المستشارة التربوية والنفسية للأطفال، د.وفاء أبو موسى، على أهمية التطوع بالنسبة للأطفال فتقول: التطوع سلوك إنساني من أرقى السلوكات المقدمة للمجتمع، لذلك كتربويين ننصح الوالدين بغرس بذور توجهات الطفل نحو التطوع منذ الصغر.
وترجع أهمية غرس بذور التطوع في البناء النفسي للطفل منذ الصغر لأنها تساعد الطفل على النجاح في الحياة وتدربه على طرق المواجهة في المواقف المختلفة، خصوصاً في مواقف الأزمات. كما أنها تنمي روح الانتماء للمجتمع الصغير(أسرته) ثم الكبير وتجعله يتدرب على تحمل المسؤولية بالتدريج، وهذا يدفعه لأن يكون فاعلاً في المجتمع، ولا يكون فقط، شخصاً متلقياً.
وتضيف أبو موسى لـ"العربي الجديد" أن التطوع يدعم البناء الاجتماعي في شخصية الطفل ويجعله يتجه نحو القدوة والتفكير في هدف أن يصبح لديه قدرة على تحديد أهدافه وفق احتياجاته الصغيرة، وهذا لن يحدث إذا لم ينخرط في أنشطة كأنشطة التطوع والتي نطلق عليها، كتربويين، الأنشطة اللامنهجية (أي أنشطة خارج المنهج المدرسي).
بذرة تطوع
- أول خطوة لتدريب الطفل على التطوع هي في تدريبه على التركيز، ويدرب الطفل على التركيز بأن يختار الأهل عدداً من الأنشطة المنزلية، ويختار الطفل واحداً منها ليمارسه تحت بند التعاون الأسري أو المشاركة العائلية.
في الغالب لن يتقن الأطفال المهام بسرعة بل سيتكاسلون ويبدون بعض التذمر، وهنا علينا أن نكون حذرين ولا نعطي ردة فعل عنيفة، فقط نستمر في الدعم والتشجيع. وكل فترة زمنية تكرر العملية، وهذا كفيل بأن ينمي لدى الطفل المسؤولية والمشاركة واكتشاف الذات.
- تعويد الطفل على التطوع، بأن يكون له الحق في تكوين علاقات اجتماعية متكاملة حرة مستقلة، وهذا خاص بعمر من 6 إلى 13 عاماً. وذلك من خلال تحقيق بيئة حرة آمنة مستقلة لأطفالنا في صنع علاقاتهم في المدرسة والنادي. ومن ثم تشجيعهم على طرح كل ما يدور في أذهانهم من أنشطة تطوعية بلا قيود وتشجيعهم على عرضها على رفاقهم وحثهم على المشاركة والبحث في خطوات تنفيذها.
- تقديم القدوة للأطفال، هل نمارس نحن الكبار أنشطة تطوعية؟ وما هي تلك الأنشطة؟ علينا إشراك أطفالنا في مناقشة تلك الأنشطه وكيفية تقديمها للمجتمع، وأخذ رأي الطفل في عين الاعتبار واصطحابه ليتشرب الأجواء الروحية للتطوع.
- طرح قصص وأمثال إنسانية وإسلامية في التطوع من أجل خدمة المجتمع، وما هي نتائج هذه الأمثلة التطوعية. كذلك علينا طرح القصص الخيالية عن ممارسة التطوع بأساليب سهلة ممتعة للأطفال قبل سن المدرسة، فهم ملاحظون ومستمعون جيدون.
- كل أنشطة التطوع الإنسانية مناسبة للطفل، عدا الأنشطة التي تحتاج قوةً بدنية.
اقرأ أيضا: الأطفال الإسكندنافيون..إجازة خارج الجدران