وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة سفيان سلمان القضاة، في تصريح صحافي، رفض الأردن المطلق لمثل هذه الإجراءات الاستفزازية والمُدانة، مشدداً على أن "إدارة أوقاف القدس هي الجهة الحصرية صاحبة الاختصاص في إدارة جميع شؤون المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف بموجب القانون الدولي"، وأن جميع الإجراءات الإسرائيلية الأحادية المتعلقة بإدارة ومجلس الأوقاف والحرم القدسي الشريف "باطلة وغير قانونية وغير مبررة، والتي لن تؤدي إلا إلى مزيد من التوتر والاحتقان".
وأضاف أن الوزارة "تتابع هذا الموضوع بشكل حثيث عبر سفارتنا في تل أبيب، التي قدمت احتجاجاً رسمياً على هذا الإجراء لدى وزارة الخارجية الإسرائيلية".
وطالبت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين السلطات الإسرائيلية بـ"الإفراج الفوري عن الشيخ سلهب وغيره من موظفي دائرة الأوقاف الإسلامية، وحملتها كامل المسؤولية عن نتائج مثل هذه الإجراءات غير المبررة".
من جهته، رفض مجلس النواب الأردني، اليوم الأحد، التصعید الإسرائیلي باعتقال رئیس مجلس الأوقاف في القدس، وإصدار مذكرة جلب لمدیر عام أوقاف القدس.
وقال رئیس مجلس النواب عاطف الطراونة، في كلمته في افتتاح جلسة مجلس النواب، إن المجلس یرى في تلك الإجراءات "تعدیاً صارخاً على الدور الأردني في القدس"، ودعا الحكومة إلى "التحرك على الفور، للقیام بما یلزم، لوقف تلك الإجراءات، والإفراج عن المعتقلین، وإلغاء طلبات الاستدعاء بحق مدیر أوقاف القدس".
وأضاف الطراونة: "تصر سلطات الاحتلال على التصعيد، وبقاء المنطقة على صفيح من الغليان والتوتر"، موضحا: "لقد حذرنا مراراً في الأردن بأن غياب الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين واستمرار الانتهاكات الإسرائيلية للمقدسات، لن يجلب لشعوب المنطقة سوى الاضطراب والاحتراب".
من جهته، وصف وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني عبد الناصر أبو البصل، اعتقال سلطات الاحتلال الإسرائيلي مسؤولين في أوقاف المسجد الأقصى بـ"التصعيد الخطير واللعب بالنار".
واستنكر وزير الأوقاف الأردني، في تصريح صحافي، اعتقال سلطات الاحتلال الإسرائيلي الشيخ سلهب.
واعتبر أبو البصل قيام الاحتلال بتوجيه مذكرة جلب لمدير عام أوقاف القدس الشيخ، محمد عزام الخطيب، بأنه "تصعيد خطير وغير مقبول على الإطلاق، ويمس الدور الأردني في رعاية المقدسات في القدس الشريف، ولعب بالنار في هذه الظروف العصيبة"، مطالبا بـ"الإفراج فورا عن المعتقلين وإلغاء طلب استدعاء مدير الأوقاف في القدس".
وحذر وزير الأوقاف الأردني، في تصريح سابق، سلطات الاحتلال الإسرائيلي من استمرار الاعتداءات على المسجد الأقصى، مشيرا إلى أن استمرار الاعتداءات سيجر المنطقة إلى "حرب دينية لطالما تم التحذير منها".
وعبّر الوزير عن "رفضه الشديد" الاعتداءات الإسرائيلية على موظفي الأوقاف الإسلامية وعلى المسجد الأقصى بمرافقه كافة، ووصفها بـ"الاستفزازية"، معتبرا إياها "دعوة مفتوحة للمسلمين في العالم بأن قبلتهم الأولى ومسجدهم الثاني، وثالث الحرمين الشريفين، في خطر حقيقي، حيث أصبح المسجد الأقصى ضحية للتسابق الانتخابي والصراع السياسي".
الإجراءات تستهدف سيادة الأردن
ويرى متابعون في القدس المحتلة أن الاعتقالات التي نفذتها سلطات الاحتلال، فجر اليوم الأحد، رسالة موجهة إلى المملكة الأردنية، صاحبة الولاية والإشراف على المسجد الأقصى، خاصة بعد قرار الملك عبد الله الثاني إعادة تشكيل مجلس الأوقاف الإسلامية وتطعيمه برموز وطنية فلسطينية.
وأشار المتابعون إلى أن اعتقال أبرز مسؤولين في المجلس، وما سبقه من تهديد عبر الهاتف لمسؤولين آخرين باعتقالهم، من بينهم حاتم عبد القادر، القيادي في حركة فتح وعضو مجلس الأوقاف، كلها رسائل موجهة للأردن، استُبقت بإغلاق باب الرحمة الخارجي بالسلاسل الحديدية.
في السياق، اعتبر عبد القادر اعتقال رئيس مجلس الأوقاف ونائبه تماديا من جانب الاحتلال، خاصة ضد رئيس المجلس، والذي يمثل أكبر مؤسسة دينية ومرجعية في مدينة القدس.
ووصف عبد القادر، في حديث مع "العربي الجديد"، اعتقال رئيس مجلس الأوقاف المرجعية التنفيذية للوصاية الأردنية الهاشمية بأنه "يشكل مسا بهذه الوصاية، وستكون له تداعيات سياسية".
وقال: "نحن متمسكون بفتح مصلى باب الرحمة وترميمه، وهذه الاعتقالات لن تثنينا عن استمرار عمل مجلس الأوقاف في إدارة شؤون المسجد الأقصى كوحدة واحدة غير قابل للتجزئة أو للشراكة، وليس هناك مناطق ممنوعة ومناطق مفتوحة، ولا يسري أي قانون على الأقصى إلا قانون الأوقاف الإسلامية"، مؤكدا أن "مجلس الأوقاف اتخذ قراره بإعادة فتح باب الرحمة والصلاة فيه وترميمه، والاعتقالات ستكون حافزا لمواصلة عملنا فيه".
وقبيل التئام مجلس الأوقاف في جلسة طارئة خصصت لاعتقال رئيسه ونائبه، ومذكرة الاستدعاء للتحقيق التي سلمت من قبل لمدير عام أوقاف القدس الشيخ عزام الخطيب، أكد المجلس، وفق ما نقل عبد القادر، إدانته ورفضه الشديدين لإبعاد الشيخين سلهب وبكيرات عن الأقصى لمدة 7 أيام، ووصفه بـ"الخطير، خاصة أنه يمس شخصيات دينية رفيعة المستوى".
من ناحيته، امتنع الشيخ سلهب، وفق ما أكدته مصادر في الأوقاف الإسلامية لـ"العربي الجديد"، عن التوقيع على أمر إبعاده عن الأقصى، رافضا بشدة ادعاءات الاحتلال بخرق قرار محكمة الاحتلال بشأن مصلى باب الرحمة. ونقلت المصادر عن محامي سلهب قوله إنه لا يعترف بقرارات تلك المحاكم ويرفض مبررات اعتقاله.
وفيما استأنف المستوطنون اقتحاماتهم للأقصى اليوم، اعتقلت قوات الاحتلال أحد حراسه، ويدعى عرفات نجيب، بعد أن اعتقلت بالأمس حارسا آخر هو سامر القباني بالتهم ذاتها التي وجهت لمسؤولي الأوقاف، ولمدير نادي الأسير في القدس ناصر قوس.
كما قررت سلطات الاحتلال الأحد إبعاد الشيخ رائد دعنا، من خطباء الأقصى وأحد موظفيه عن المسجد، لمدة ستة أشهر تبدأ من اليوم.