احتفالات الميلاد..الإرهاب في الخارج يؤرّق الجزائريين

28 ديسمبر 2016
(مخيّم بالصحراء الجزائرية، تصوير: جورج شتاينميتز)
+ الخط -

مع اقتراب نهاية سنة 2016، يتهافت كثير من الجزائريين على وكالات السياحة والسفر من أجل حجوزات قضاء احتفالات رأس السنة الميلادية، وعادة ما يأخذ شباب جزائريون أو حتى بعض العائلات إجازة لمدّة أسبوع كامل، خاصّة وأن هذه الفترة تتزامن أيضًا مع العطلة الشتوية لتلاميذ المدارس.

تُعتبر تونس وتركيا وباريس الوجهات المفضّلة للجزائريين في مثل هذا الوقت، حيث تشهد مناطق العبور على الحدود التونسية، طوابير طويلة للجزائريين في انتظار استكمال إجراءات السفر.

وتعرف هذه الفترة من السنة، عروضًا تنافسية من قبل وكالات السياحة، حيث يمكن الحصول على رحلات بأسعار منخفضة جدًا، للتنقل إلى الجارة الشرقية تونس أو تركيا أو حتى فرنسا، أقل بكثير من العروض المقدّمة لقضاء الاحتفالات داخل الجزائر، لكن تبقى الأوضاع الأمنية داخل هذه الدول هاجسًا يؤرّق الجزائريين الراغبين في التنقّل إلى الخارج، لإحياء رأس السنة الميلادية.

إلغاء رحلات
التطوّرات الأمنية التي عرفتها تونس، بعد اغتيال مهندس الطيران محمد الزواري، وتوالي حملات الاعتقالات لمشتبه فيهم، إضافة إلى مقتل السفير الروسي في تركيا، وإعلان فرنسا التي يقصدها ميسورو الحال من الجزائريين، تمديد حالة الطوارئ، عشية إحياء السنة الميلادية إلى مطلع 2017، كل هذا جعل الكثير من الجزائريين يلغون حجوزاتهم أو يغيّرون وجهاتهم خوفًا من تردّي الأوضاع الأمنية في هذه الدول واستهدافها في عمليات إرهابية، هذا ما أكدته نصيرة، صاحبة وكالة سياحية بالعاصمة.

توضّح المتحدّثة، أنه قبل نحو شهر من الآن، أقبل العديد من المواطنين على وكالتها لإلغاء حجوزاتهم المتعلقة برحلاتهم إلى تركيا وفرنسا، بعد التطوّرات التي عرفتها مؤخرًا هذه الدول على حدّ تعبيرها.

نصيرة تعتبر أن العديد من الجزائريين أصبحوا يفضّلون السفر إلى تركيا، بفضل ما تزخر به من مناطق سياحية وخدمات جيّدة، أما فرنسا، تضيف المتحدّثة، فهي تقليد قديم للأثرياء والمسؤولين الذين لا يفوّتون فرصة قضاء "الريفيون" في بلاد الجن و الملائكة على حدّ قولها.


الأسعار تحدّد الوجهة
استقرار الأوضاع الأمنية في الجزائر وبالخصوص في الصحراء، جعل كثيرًا من الجزائريين يحوّلون وجهتهم لقضاء احتفالات رأس السنة الميلادية إلى الجنوب الجزائري ومناطقه السياحية "المغيّبة"، والتي أصبحت محطّ أنظار هذا العام، خاصة في محافظات غرداية، وتيميمون، وجانت، وبسكرة، لكن يبقى الإشكال بالنسبة لهؤلاء، هو الأسعار "الباهظة" التي تعرضها وكالات السياحة والسفر، مقارنة بالعروض المطروحة إلى دول اعتاد الجزائريون زيارتها، إذ يمكن أن تتجاوز أسعار الحجوزات في الجزائر، ما تعرضه دولٌ أخرى يقصدها الجزائريون في ليلة عيد الميلاد.

وكالات سياحية جزائرية أطلقت عروضها الخاصّة بنهاية السنة، وحسب برامجها المنشورة في مواقع إعلانية وفيسبوك، فغالبيتها متعلّقة برحلات برّية إلى تونس، حيث تعرض إحدى الوكالات قضاء احتفال بالسنة الجديدة بفنادق في مناطق تونسية مثل الحمامات وسوسة، بأسعار تتراوح بين 20 ألف دينار و30 ألف دينار جزائري للشخص الواحد، ما يعادل 120 دولارا إلى 160 دولارا تقريبًا، والبرنامج يتمثل في قضاء أربع ليال وخمسة أيّام بفندق فخم، مع التكفّل بالإطعام مدّة الإقامة، وبرمجة عروض فنية يومية ومنها سهرة خاصة برأس السنة.

في مقابل ذلك، نجد أن هذه الوكالات برمجت عروضًا داخلية، تتمثّل في رحلات بريّة إلى الصحراء الجزائرية، ومنها رحلات بالحافلة إلى تاغيت وتيميمون الجنوبيتين تدوم أربع ليال وخمسة أيّام، وتصل الأسعار إلى 39 ألف دينار جزائري للشخص الواحد، أو ما يعادل 200 دولار.


المنافسة خارج اللعبة
تشجيع السياحة الداخلية في الجزائر، ما هو إلا خطابات رنانة من قبل مسؤولين جزائريين، هذا ما يؤكده مهدي، مهندس في المؤسسة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية، حيث يستعد الشاب للسفر إلى تونس مع أحد أصدقائه، مضيفًا أنه حجز في فندق- أربع نجوم بمنطقة حمامات ياسمين بتونس، لقضاء خمسة أيّام بسعر لم يتجاوز 200 دولار، وهو سعر ليلة واحدة بفندق خمس نجوم في الجزائر ليلة رأس السنة.

زيادة على اختلاف الأسعار بين تونس والجزائر، فهناك أيضًا اختلاف في الخدمات وتنوّعها، ما يمنح للجزائريين الخيار ويجعلهم يفضلون قضاء احتفالات رأس السنة عند الجارة الشرقية، وهي الأسباب نفسها التي جعلت مهدي وصديقه يختاران هذه الوجهة.

الوكالات السياحية لا تتحمّل الارتفاع الكبير لأسعار الفنادق في الجزائر، هذا ما تراه صاحبة وكالة السياحة نصيرة، حيث أكّدت أنها تحاول قدر المستطاع الحصول على عروض منخفضة من قبل الفنادق لضمان جلب أكبر عدد من الزبائن، خاصة في هذه الفترة، لكن على العكس تمامًا تعلّق المتحدثة، يلجأ أصحاب الفنادق إلى رفع الأسعار في مثل هذه المناسبات إلى عدة أضعاف، ما يجعل الوكالات السياحية بدورها تبحث عن هامش للربح في فنادق أخرى خارج البلاد.

المساهمون