ترتفع مؤشّرات دخول حزب "حركة مشروع تونس" في التشكيلة الحكومية الجديدة المتوقّعة ليوسف الشاهد، مما يزيد من احتمالات تحالف الجانبين الذي لن يكون بعيداً عن حركة "النهضة" الداعمة للشاهد. وتكثر الأدلة حول ذلك، ولعل أبرزها الموقف الصادر عن "حركة مشروع تونس" الذي يرأسه محسن مرزوق، والداعي لإجراء تعديل حكومي يكون جزءاً منه، حيث دعا في بيان له أخيراً رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى "المبادرة بتغيير حكومي يراجع نقاط القصور والضعف في الأداء، على قاعدة برنامج عمل يسمح بإيقاف نزيف التوازنات الماليّة والاقتصادية ويضمن تدابير عمليّة للتخفيف من معاناة المواطنين جهوياً ومحلياً، ويصار عرضه على البرلمان في أقرب الآجال". وأكّد البيان استعداد الحركة "للمشاركة في الحوار حول التعديل الحكومي وخطة عمل الحكومة المقبلة، مع رئيس الحكومة وبقية القوى الوطنيّة المعنيّة".
وشكّل هذا الموقف مفاجأة سياسية من الحجم الثقيل، وخصوصا أنّ مرزوق يعتبر من أكبر منتقدي "حركة النهضة"، الداعمة حالياً للشاهد والذي يرجّح أن تكون جزءاً مهماً من حكومته المقبلة، وتساءل كثيرون عن هذا التغيير المفاجئ من موقف الانتقاد إلى إمكانية دخول حكومة تكون "النهضة" طرفاً فيها.
وفي هذا الإطار، كشفت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" في تونس، أنّ مرزوق قد يكون حسم أمره فيما يتعلّق بالانضمام للحكومة الجديدة ليوسف الشاهد، بعدما أكّد أنّه لن يدخل في خلاف مع "نداء تونس" كما تبادر إلى ذهن الجميع. وأكدت المصادر أنّ مرزوق قد يكون التقى قيادات بارزة من "حركة النهضة" في الأيام الأخيرة لبحث تفاصيل المرحلة الجديدة، مرجحةً أن يكون طالب بتعديل حكومي سريع، قبل مناقشة موازنة العام المقبل، وهو ما تعارضه "حركة النهضة" فيما يبدو، وقد يكون حوار الطرفين تطرّق إلى هذه المسألة. ورأت المصادر أنّ مرزوق قد يكون حسم أمره كذلك في مسألة الصراعات الإيديولوجية على اعتبار أنها ليست قاعدة التنافس في هذه المرحلة الجديدة، مرجحةً إمكانية عقد لقاء قريب بينه وبين رئيس "حركة النهضة" راشد الغنوشي، ما قد ينهي مرحلة طويلة من الانتقادات والخلافات.
وإذا ما صحّ نبأ هذا التحالف الجديد نيابياً، بين كتلة "الائتلاف الوطني" و"حركة النهضة" و"مشروع تونس"، فإنّه قد يشكّل أرضية مريحة لحكومة الشاهد الجديدة، وربّما يشكّل قوّة سياسية جديدة في الساحة التونسية تغيّر كل الموازين. كما أنه إذا صحّ هذا الموقف الجديد لمرزوق، فإنّه سيشكّل تحوّلاً سياسياً بارزاً في تونس يعيد تقسيم المشهد على قواعد جديدة قبل عام من الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وستكون له تداعيات مهمّة على جميع الأطراف، مرزوق والشاهد و"حركة النهضة" من جهة، ومنافسيهم أيضاً من الجهة المقابلة.