يختتم البرلمان المغربي، اليوم الأربعاء، الدورة التشريعية الخريفية، التي تميزت بالمصادقة على 15 مشروع قانون، من أبرزها مشروع قانون يتعلق بتنظيم المواد المتفجرة ذات الاستعمال المدني والشهب الاصطناعية الترفيهية، ومشروع قانون يتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، ومشروع قانون يتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وصادق البرلمان خلال الدورة المنتهية اليوم، والتي انطلقت منذ الجمعة الثانية من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على مشروع قانون يتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، ومشروع قانون يتعلق بالمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، ومشروع قانون يتعلق بمدونة التجارة.
وفي تقييم حصيلته خلال الدورة الخريفية، أفاد البرلمان المغربي بأنه واصل طرح القضايا المتعلقة بالسياسة العامة وبالمعيش اليومي للمواطنين، عبر الجلسات الأسبوعية للأسئلة الشفهية والجلسات الشهرية الموجهة لرئيس الحكومة، وبإعمال آليات الرقابة المتوفرة لدى اللجان.
وبحسب المصدر عينه، فإن البرلمان "استطاع تحقيق تراكم هام في إعداد ومناقشة وتقييم السياسات العمومية، كما تميزت الحصيلة أيضا بتقوية الدور المحوري لمجلسي النواب والمستشارين في توطيد وتثمين العلاقات الخارجية ذات الصبغة البرلمانية، وتركيز العمل على الدفاع عن القضايا الكبرى للبلاد".
"ستاتيكو" برلماني
وفي تقييمه لأداء نواب الأمة خلال الدورة الخريفية للبرلمان، قال الدكتور عثمان الزاني، أستاذ القانون الدستوري بجامعة وجدة، إن هناك "نوعاً من الستاتيكو البرلماني على مستوى مجمل الوظائف التي يقوم بها البرلمان، بمعنى أنه خلال هذه الدورة الخريفية المنتهية لم تحدث رجات حقيقية ذات منحى إيجابي تسير بالأداء البرلماني نحو الأفضل والأحسن".
ويشرح الزياني، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "أنماط الممارسة والسلوكيات ترسم نفس المنحنيات المعيبة والمنتقدة على المستوى التشريعي والرقابي والدبلوماسي"، مستحضرا ما سماه "البعد التواصلي الضعيف في العمل البرلماني الذي يؤدي إلى اتساع الهوة بين البرلمان والرأي العام الوطني والمحلي".
وأورد المحلل ذاته أنه "على المستوى التشريعي نجد هيمنة الحكومة على مجمل سيرورة صناعة القرار التشريعي انطلاقا من المبادرة وحجم التعديلات المقبولة والمعتمدة، والتي يكون مصدرها أعضاء البرلمان خصوصا المعارضة البرلمانية"، مبرزا "الطريقة الإيجابية التفضيلية في تعامل الحكومة مع الأغلبية المساندة لها على حساب المعارضة البرلمانية التي لا تجد المنافذ الممكنة للتعبير عن إرادتها في الفعل التشريعي".
وسجل الزياني معضلة أخرى تتمثل في تدبير الزمن التشريعي، خصوصا فيما يتعلق بإخراج بعض القوانين التنظيمية إلى حيز الوجود"، مستدركا بأن "الحسنة الوحيدة تبقى هي المصادقة على القانون التنظيمي للحق في الحصول على المعلومات خلال هذه الدورة على الرغم من كثرة علاته".
الرقابة ودبلوماسية البرلمان
وعلى المستوى الرقابي، يضيف الزياني أن هناك "استمرارية بخصوص الإقبال على استعمال الأدوات الرقابية التي لا تطرح معها المسؤولية السياسية للحكومة، أي الاستعمال المكثف للأسئلة الكتابية والشفوية التي تظل بمثابة الملاذ الآمن بالنسبة للبرلمانيين، وهي في مضمونها موجهة لما هو خدماتي وعبرها يخطب البرلماني ود دائرته الانتخابية".
وأما على مستوى الدبلوماسية البرلمانية، لاحظ الأستاذ الجامعي أن البرلمان لا يتفاعل بما فيه الكفاية مع مجمل القضايا الوطنية والعلاقات الخارجية"، مردفا أنه "على الرغم من المجهودات المبذولة فهي لا ترقى إلى المستوى المطلوب خصوصا أمام تحدي إثبات البرلمان لوجوده على المستوى الأفريقي".
واسترسل المتحدث بأنه "في سياق التفاعل مع قضايا الرأي العام، يُلاحظ أن البرلمان المغربي مازال عبارة عن بنية مغلقة لا تتفاعل بشكل إيجابي مع الأحداث المجتمعية الطارئة، خصوصا مع ارتفاع منسوب الاحتجاجات في المغرب، وعلى رأسها تبعات حراك الريف وما تعرفه أيضا مدينة جرادة من احتجاجات يومية".
وخلص الزياني إلى أنه "رغم وجود مؤشرات التطور والتدحرج في أداء مختلف الوظائف التشريعية والرقابية والدبلوماسية والتواصلية، لكن الأداء العام للبرلمان مازال يراوح مكانه، ويعيد ترسيم إحداثيات نفس أداء الدورات السابقة مع الاختلاف في الدرجات"، وفق تعبيره.