كشف مصدر رفيع في وزارة الداخلية العراقية، أمس السبت، لـ"العربي الجديد"، عن اختفاء 130 معتقلاً غير مدانيين كانوا محتجزين على ذمة التحقيق في ثلاثة سجون تابعة لوزارة العدل خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى احتمال تصفيتهم من قبل ميليشيات وصفها بـ"الطائفية".
وقال المصدر، الذي يشغل رتبة عميد في الوزارة وفضّل عدم الكشف عن اسمه، إن "ذوي المعتقلين راجعوا المحاكم الجنائية والوزارة ومفوضية حقوق الانسان لمساعدتهم في معرفة مصير أبنائهم المعتقلين في سجون الناصرية والحلة والحوت شمالي بغداد"، موضحاً أن "الوزارة تحقّقت من سجلات دخولهم المعتقلات وكانوا متواجدين فيها حتى الثامن عشر من الشهر الجاري".
وأشار إلى أن المعتقلين "اختفوا بشكل تدريجي وليس مرة واحدة"، مرجّحاً "إعدامهم على أيدي ميليشيات نشطت مؤخراً في البلاد بدعم من رئيس الحكومة المنتهية ولايته، نوري المالكي، عقب أحداث الموصل وتكريت".
من جانبها، قالت زوجة أحد المعتقلين، وتدعى منال أحمد، لـ"العربي الجديد"، إن "آخر مرة زارت زوجها منتصف الشهر الماضي وكان بصحة جيدة، لكنه أبلغها عن مخاوفه وباقي المعتقلين من الميليشيات التي سيطرت على السجن واختفاء مكتب المفتش العام وموظفي حقوق الانسان".
وأضافت أن "زوجي (حسن حمدي) طلب مني أن يرى الأطفال الزيارة المقبلة، وعندما جئت إلى سجن الحوت، شمالي بغداد، رفض الحراس إدخالي وقالوا لي: زوجك ليس لدينا ولم يدخل هنا. وعندما ألححت عليهم، هددوني بالاعتقال".
وكان محافظ ديالى، عامر المجمعي، قد اتهم ميليشيات مدعومة من قبل الحكومة بتنفيذ عمليات إعدام بحق عشرات المعتقلين في السجون نهاية الشهر الماضي.
كما قتل 91 معتقلاً في هجمات متفرقة في بابل وبغداد شنّها مسلحون خلال عملية نقلهم إلى المحاكم ومعتقلات مركزية جنوبي البلاد، واتهمت خلالها منظمات مدنية وقبائل عراقية الميليشيات بتدبير عملية قتلهم بتواطئ من قوات الأمن.
وفي سياق متصل، عثرت قوات الأمن العراقية على 17 جثة مجهولة الهوية في مناطق متفرقة من بغداد، أمس السبت.
وقال مدير وحدة النجدة في الرصافة ببغداد، العقيد الركن جبار الساعدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الجثث التي عثر عليها في مدينة الصدر والشعلة والبلديات تعود لشبان تراوح أعمارهم بين 20 و37 عاماً، وبدت عليهم آثار تعذيب وعيارات نارية في مناطق متفرقة من الجسد".
وأوضح أن من بين الضحايا أستاذ جامعي وطبيب اختطف من قبل مجموعة مسلحة من داخل عيادته في منطقة الحارثية ببغداد قبل يومين، مشيراً إلى أن "تلك الحوادث تندرج ضمن خانة الجريمة المنظمة وليست جرائم إرهابية".
بالتزامن مع ذلك، أطلقت ميليشيا مسلحة سراح رئيس مجلس محافظة بغداد، رياض العضاض، بعد يوم على اختطافه مع ثمانية من عناصر حمايته من منزله في حي الأعظمية شمالي بغداد.
وقال العضاض، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "ميليشيا مسلحة خارجة عن القانون هاجمت منزلي وكانوا يستقلون سيارات قوات الأمن ويحملون رتب متفاوتة، بينهم عميد وعقيد ورائد، وملابسهم شبيهة بملابس قوات مكافحة الإرهاب الخاصة، واقتادوني إلى منطقة مهجورة جنوب شرقي بغداد مع أعضاء حمايتي".
وأضاف: "أبقوني معصوب العينين طيلة تلك الساعات، لكن اقتحام قوة خاصة للمكان أدى إلى إطلاق سراحي مع أفراد حمايتي. وعلمت أن رئيس البرلمان، سليم الجبوري، تدخل لدى المالكي وزعيم ميليشيا عصائب الحق، قيس الخزاعي، واستدلوا على مكان تواجدي".
ووصف حادثة اختطافه بأنها "مؤسفة في بلد لا يأمن فيه أعلى مسؤول على نفسه"، مطالباً "الحكومة بفتح تحقيق بملابسات الحادث وكل ما جرى".