ارتفاع الأسعار في تونس يقلص مبيعات السيارات 20%

03 يوليو 2018
رينو الأكثر مبيعاً في تونس (فرانس برس)
+ الخط -


يفرض التراجع المتواصل لسعر صرف الدينار التونسي مقابل عملتي اليورو الأوروبي والدولار الأميركي، ضغوطاً إضافية على حركة السوق التي شهدت زيادة كبيرة في أسعار السيارات، ما أدى إلى تراجع الطلب عليها خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الحالي بأكثر من 20%، وفق بيانات رسمية.

وتظهر أرقام غرفة وكلاء بيع السيارات، أنه تم خلال الفترة من يناير/كانون الثاني حتى نهاية مايو/أيار تسويق نحو 22383 سيارة، مقابل 28501 سيارة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، بانخفاض بلغت نسبته 21.4%، حيث تحتل "رينو" الفرنسية صدارة المبيعات بعد أن سوقت 1990 عربة، مقابل 2529 عربة في الفترة المناظرة من 2017.

كما طاول تراجع مبيعات السوق الموازية (السيارات المستعملة)، التي انخفصت إلى 6118 عربة حتى نهاية مايو/أيار، مقابل 7673 وحدة في الفترة ذاتها من العام الماضي.

ويقول مهدي محجوب الناطق الرسمي باسم غرفة وكلاء بيع السيارات في حديث لـ"العربي الجديد"، إن تراجع المبيعات مسّ كل الماركات في تونس، مشيراً إلى أن الانخفاض المتواصل لسعر الدينار مقابل اليورو والدولار يؤثر في أسعار السيارات التي قفزت بأكثر من 30% في مدة وجيزة.

ويضيف أن أسعار عدد من الأصناف زاد بنحو 3 آلاف دينار (1137 دولارا) في شهر واحد، لافتا إلى عجز وكلاء البيع عن كبح الأسعار مع تواصل انزلاق سعر الدينار، ما يدفعهم إلى البحث عن حلول لتنشيط المبيعات على غرار العروض التنموية التي تنسق بالتعاون مع المصارف، منها منح العملاء مهلة شهرين لتسديد الأقساط الأولى.

ويربط محجوب تفاقم أسعار السيارات بالوضع الاقتصادي والمالي للبلاد، مشيرا إلى أن سوق السيارات فرع نشيط في الاقتصاد المحلي، غير أنه شديد التأثر بوضع العملة.

ويوم السبت الماضي، نشر البنك المركزي المعدلات اليومية لأسعار صرف العملات، حيث سجّل الدينار التونسي تراجعاً جديداً، ليبلغ سعر صرفه نحو 3.1378 مقابل اليورو و2.6388 مقابل الدولار.

وتسارعت وتيرة هبوط احتياطات النقد الأجنبي في تونس، منذ 2017، بفعل ارتفاع عجز ميزان التجارة وهبوط أسعار صرف العملة المحلية.

ويرى رضا شكندالي الخبير الاقتصادي، أن تراجع مبيعات السيارات يرجع كذلك إلى تضخم أقساط القروض المصرفية بعد زيادة سعر الفائدة مرتين في ظرف ثلاثة أشهر .

ويقول شكندالي لـ"العربي الجديد" إن معدل الزيادة في أقساط القروض المصرفية يقدر بنحو 25 دينارا عن كل 100 دينار، مشيرا إلى أن أغلب التونسيين حاصلون على قروض مصرفية لتمويل مساكن أو سيارات وغيرها من السلع.

وأعلن البنك المركزي التونسي، منتصف يونيو/حزيران الماضي، رفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 6.75% من 5.75%، في ثاني زيادة خلال 3 أشهر، بهدف مكافحة التضخم الذي وصل إلى أعلى مستوى منذ عام 1990.

وقال المركزي التونسي في بيان له، إن القرار اتخذ بعد استعراض آخر المعطيات حول الظرف الاقتصادي وتداول حول سير أهم المؤشرات الاقتصادية والنقدية والمالية، ووضع المعاملات في السوق النقدية وسوق الصرف، مبديا انشغالا باستمرار الضغوط التضخمية، إذ استقرت نسبة التضخم في مستوى مرتفع للشهر الثاني على التوالي، لتبلغ زيادة مؤشر الأسعار عند الاستهلاك الشهر الماضي 7.7% على أساس سنوي.

ومنذ بداية العام الحالي، استشعرت الحكومة تأثير توريد السيارات في الميزان التجاري ورصيد العملة، ما دفعها إلى اتخاذ قرار بتخفيض حصص العربات لعام 2018 بنسبة 20%، بالإضافة إلى الزيادات المختلفة في ضريبة الدخل وضريبة الاستهلاك والرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة بموجب قانون المالية للعام الجاري، وهو ما زاد من أسعار المركبات وفق ناشطين في السوق.

وتشهد السوق التونسية توريد ما بين 60 و70 ألف سيارة سنوياً من قبل وكلاء البيع، إلى جانب نحو 20 ألف سيارة من جانب السوق الموازية.

وشهدت السنوات الأخيرة دخول العديد من الماركات الجديد للسوق المحلية ولا سيما منها العلامات الآسيوية التي تتدرج في منافسة كبار العلامات الأوروبية الرائدة في السوق التونسية.

وفي 2017، دخلت الحكومة في مفاوضات مع عدد من كبار مصنعي السيارات في العالم، من أجل تحفيزهم على فتح مصانع سيارات موجهة للتصدير انطلاقا من هذا البلد الأفريقي.

وتعول الحكومة على خبرة طويلة لعدد من المؤسسات التونسية والأجنبية في صناعة مكونات السيارات، من أجل دعم هذا التوجه وفتح مصانع كاملة لمركبات النقل بأنواعها.

وتتفاوض مجموعة "فولكسفاغن" الألمانية، عملاق صناعة السيارات في العالم، مع المسؤولين التونسيين من أجل الوصول إلى اتفاق بشأن إنشاء مصنع لها لتركيب أجزاء سياراتها في تونس.

وتعتمد تونس، لإقناع كبار مصنعي السيارات في العالم، على قوانينها الاستثمارية الجديدة والحوافز الضريبية التي ستقدمها للمستثمرين، فضلاً عن توفر اليد العاملة المختصة في هذا المجال، لا سيما أن التوجه الحكومي في التدريب والتعليم يركز منذ سنوات على تخريج دفعات كبيرة من المهندسين والفنيين في الصناعات الميكانيكية والكهربائية التي تحتاج إليها مثل هذه الصناعات.