13 فبراير 2022
استباحة "إخوان" مصر
أصبح من نافل القول إن النظام المصري يخوض معركةً استئصالية ضد جماعة الإخوان المسلمين. وبات عادياً أن تتداول الصحف أخباراً عن اعتقال قيادات وأعضاء الجماعة أو تصفيتهم، وسط لامبالاةٍ أو اكتراث من "النخبة" والجمهور، على غرار ما حدث، أخيراً، مع القيادي عضو مكتب الإرشاد، محمد كمال، الذي تم اغتياله بعد ساعات قليلة من تداول خبر اعتقاله.
بيد أن الأمر بات يتجاوز مجرد التصفية والاستئصال، ليكشف عن حالةٍ من التوحش والساديّة أصابت عقل السلطة، وطبعت سلوك رجالها، وجعلتهم أشبه بـ"مصاصي دماء" الإخوان. وقد كان أسلوب التصفية والقتل خارج القانون هو الأكثر اتباعاً من رجال الأمن خلال حقبة التسعينات، لكنه بات أكثر وضوحاً تحت قيادة وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، في التعاطي مع قيادات الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد وأعضائهما، فقد كانت التعليمات الأمنية، وقتها، تسير وفق قاعدة "القتل وليس الاعتقال"، أو بالأحرى "مطلوب ميتاً وليس حيّاً"، وهو ما يبدو أنه يحدث الآن. وثمّة قصص كثيرة عن بعض رجال الشرطة الذين رفضوا التورّط في مثل تلك الممارسات الوحشية آنذاك، ما دفعهم ليس فقط إلى ترك الخدمة، وإنما أيضاً ترك البلاد خوفاً من انتقام مسؤوليه.
تعكس استباحة رجال الأمن المصري "الإخوان" حالة البؤس والانحطاط الأخلاقي التي وصلت إليها السلطة الحالية. وهي سلطةٌ كلما زادت مشكلاتها وتعثرت في فشلها زاد انتقامها من "الإخوان"، بطريقةٍ لا تتناسب مع ما قد تمثله الجماعة من تهديدٍ للنظام القائم، فالجماعة لم يعد لها وجود فعلياً، سواء في الشارع أو في الجامعات والمدارس. وتعرّضت مؤسساتها الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية لعملية تدميرٍ ممنهجٍ واستيلاء من الدولة طوال الأعوام الثلاثة الماضية. كما أنها تعيش واحدةً من أحلك لحظاتها داخلياً وخارجياً، منذ نشأتها قبل أكثر من ثمانية عقود. لذا، يصبح الاستقواء عليها، واستباحة دماء أعضائها، أشبه بمن يغتصب امرأةً ميتة، أو من يعذّب شخصاً أعزل، لا لشيء سوى لإثبات قوته ورجولته. وبفعلهم هذا، يكشف رجال الأمن عن حجم الخراب النفسي الذي أصاب قلوبهم وعقولهم، بحيث بات إجرامهم في حق "الإخوان" كما لو كان طقساً عادياً من طقوس حياتهم اليومية، وكأنهم يستخدمون "الإخوان" مستودعاً يلقون فيه بكل رذائلهم وجرائمهم، نوعاً من التعويض النفسي عما أصابهم في ثورة 25 يناير التي قصمت ظهورهم، وعرّتهم أمام المجتمع.
ومن المثير للشفقة، ألّا تحرّك سادية الشرطة المصرية ووحشيتها في التعاطي مع قيادات جماعة الإخوان وأعضائها، ساكناً لدى النخب و"القوى المدنية" والليبرالية، وهي التي كانت تقيم الدنيا ولا تقعدها إذا ما أًصيب أحد في أثناء وجود "الإخوان" في السلطة، على نحو ما حدث مع المواطن حمادة صابر أمام قصر الاتحادية أواخر عام 2012، والذي اكتشفنا بعدها أنه كان يعمل لصالح قوى الثورة المضادة، وهي القوى التي تتشدّق بالحرية والديمقراطية، حين تتحدّث للغرب، في حين تقف صامتةً وعاجزةً أمام تغوّل نظام الجنرال عبد الفتاح السيسي ووحشيته في مصر. في حين لم نقرأ بيان إدانةٍ من المنظمات الحقوقية لحالات القتل خارج القانون التي تتم بحق أعضاء "الإخوان"، وهي التي كانت بياناتها تغمر بريدنا الإلكتروني في مرحلة ما قبل انقلاب الثالث من يوليو 2013.
وإذا كان نظام السيسي يعوّل على أن تؤدي استباحته "الإخوان"، إلى لجوئهم إلى العنف وحمل السلاح، من أجل تبرير بقائه حامياً للبلاد، فإن نتائج ذلك سوف تكون وخيمةً ليس فقط على الدولة ومؤسساتها، وإنما أيضا على المجتمع وفئاته وطوائفه، وهو بذلك يدفع البلاد خطوةً جديدةً باتجاه صدامٍ سوف يدفع النظام ثمنه قبل الآخرين.
بيد أن الأمر بات يتجاوز مجرد التصفية والاستئصال، ليكشف عن حالةٍ من التوحش والساديّة أصابت عقل السلطة، وطبعت سلوك رجالها، وجعلتهم أشبه بـ"مصاصي دماء" الإخوان. وقد كان أسلوب التصفية والقتل خارج القانون هو الأكثر اتباعاً من رجال الأمن خلال حقبة التسعينات، لكنه بات أكثر وضوحاً تحت قيادة وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلي، في التعاطي مع قيادات الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد وأعضائهما، فقد كانت التعليمات الأمنية، وقتها، تسير وفق قاعدة "القتل وليس الاعتقال"، أو بالأحرى "مطلوب ميتاً وليس حيّاً"، وهو ما يبدو أنه يحدث الآن. وثمّة قصص كثيرة عن بعض رجال الشرطة الذين رفضوا التورّط في مثل تلك الممارسات الوحشية آنذاك، ما دفعهم ليس فقط إلى ترك الخدمة، وإنما أيضاً ترك البلاد خوفاً من انتقام مسؤوليه.
تعكس استباحة رجال الأمن المصري "الإخوان" حالة البؤس والانحطاط الأخلاقي التي وصلت إليها السلطة الحالية. وهي سلطةٌ كلما زادت مشكلاتها وتعثرت في فشلها زاد انتقامها من "الإخوان"، بطريقةٍ لا تتناسب مع ما قد تمثله الجماعة من تهديدٍ للنظام القائم، فالجماعة لم يعد لها وجود فعلياً، سواء في الشارع أو في الجامعات والمدارس. وتعرّضت مؤسساتها الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية لعملية تدميرٍ ممنهجٍ واستيلاء من الدولة طوال الأعوام الثلاثة الماضية. كما أنها تعيش واحدةً من أحلك لحظاتها داخلياً وخارجياً، منذ نشأتها قبل أكثر من ثمانية عقود. لذا، يصبح الاستقواء عليها، واستباحة دماء أعضائها، أشبه بمن يغتصب امرأةً ميتة، أو من يعذّب شخصاً أعزل، لا لشيء سوى لإثبات قوته ورجولته. وبفعلهم هذا، يكشف رجال الأمن عن حجم الخراب النفسي الذي أصاب قلوبهم وعقولهم، بحيث بات إجرامهم في حق "الإخوان" كما لو كان طقساً عادياً من طقوس حياتهم اليومية، وكأنهم يستخدمون "الإخوان" مستودعاً يلقون فيه بكل رذائلهم وجرائمهم، نوعاً من التعويض النفسي عما أصابهم في ثورة 25 يناير التي قصمت ظهورهم، وعرّتهم أمام المجتمع.
ومن المثير للشفقة، ألّا تحرّك سادية الشرطة المصرية ووحشيتها في التعاطي مع قيادات جماعة الإخوان وأعضائها، ساكناً لدى النخب و"القوى المدنية" والليبرالية، وهي التي كانت تقيم الدنيا ولا تقعدها إذا ما أًصيب أحد في أثناء وجود "الإخوان" في السلطة، على نحو ما حدث مع المواطن حمادة صابر أمام قصر الاتحادية أواخر عام 2012، والذي اكتشفنا بعدها أنه كان يعمل لصالح قوى الثورة المضادة، وهي القوى التي تتشدّق بالحرية والديمقراطية، حين تتحدّث للغرب، في حين تقف صامتةً وعاجزةً أمام تغوّل نظام الجنرال عبد الفتاح السيسي ووحشيته في مصر. في حين لم نقرأ بيان إدانةٍ من المنظمات الحقوقية لحالات القتل خارج القانون التي تتم بحق أعضاء "الإخوان"، وهي التي كانت بياناتها تغمر بريدنا الإلكتروني في مرحلة ما قبل انقلاب الثالث من يوليو 2013.
وإذا كان نظام السيسي يعوّل على أن تؤدي استباحته "الإخوان"، إلى لجوئهم إلى العنف وحمل السلاح، من أجل تبرير بقائه حامياً للبلاد، فإن نتائج ذلك سوف تكون وخيمةً ليس فقط على الدولة ومؤسساتها، وإنما أيضا على المجتمع وفئاته وطوائفه، وهو بذلك يدفع البلاد خطوةً جديدةً باتجاه صدامٍ سوف يدفع النظام ثمنه قبل الآخرين.