عاد المستثمرون الى الاسواق الناشئة بعد الهروب الكبير من هذه الاسواق طوال الشهور الثمانية الماضية. وقال معهد التمويل الدولي، في تقريره الأسبوعي لرصد التدفقات المالية في الاسواق الناشئة، إن الاستثمارات الدولية في هذه الاسواق ارتفعت الى 39 مليار دولار في شهر مارس/ آذار الجاري. ويذكر أن الاستثمارات العالمية في الاسواق الناشئة بلغت 25 مليار دولار في شهر فبراير/شباط الماضي و5 مليارات في يناير/ كانون الثاني.
وقال معهد التمويل الدولي، في تقريره الذي يرصد فيه اسبوعياً أداء الاسواق الناشئة واطلع عليه" العربي الجديد"، إن من بين هذه التدفقات 24 مليار دولار استثمرت في السندات و15 مليار دولار استثمرت في اسواق الاسهم. وقال المعهد إن الارتفاع الكبير في التدفقات المالية على الاسواق الناشئة في مارس/آذار يعود الى جاذبية ثلاثة أسواق، وهي الهند وأندونيسيا وجنوب أفريقيا. وقال إن التدفقات في هذه البلدان بلغت 9 مليارات دولار.
يذكر أن الدول الناشئة واجهت هجمة شرسة من المضاربين الدوليين، خاصة البنوك التجارية الكبرى وشركات المتاجرة في سوق الصرف الاجنبي. وتسعى هذه الدول إلى الدفاع عن عملاتها، وسط اضطرابات الاسواق والبيع المكثّف لموجودات الاسواق الناشئة منذ بداية العام الجاري.
وكانت تقارير بريطانية قد قدّرت خسائر المستثمرين في الاسواق العالمية، بسبب الاسواق الناشئة، بما يقارب 3 تريليونات دولار. وحسب إحصائيات مصرف "غولدمان ساكس" الاستثماري، الذي يراقب أداء عدد من الاسواق الناشئة، فإن بعض البنوك المركزية خسرت نسبة كبيرة من احتياطاتها في سبيل الدفاع عن سعر صرف عملاتها، فيما اضطرت دول أخرى الى خفض سعر صرف عملاتها بهدف ثني المضاربين الدوليين عن المتاجرة الكثيفة بعملاتها.
ومن بين الدول التي خسرت نسبة كبيرة من احتياطاتها الاجنبية، بسبب هروب المستثمرين وسحب الدولارات من السوق، كلٌّ من تركيا وجنوب أفريقيا والارجنتين. وحسب مصرف "غولدمان ساكس"، فإن تركيا خسرت 27% من احتياطاتها الاجنبية للحفاظ على استقرار الليرة. وانخفض الاحتياطي الاجنبي لدى البنك المركزي التركي، في نهاية يوم 10 فبراير/ شباط الجاري، الى 34 مليار دولار، فيما خسرت حكومة جنوب أفريقيا 13% من احتياطاتها الاجنبية في سبيل الحفاظ على قيمة مستقرة ومعقولة لعملتها الراند، وانخفضت احتياطات البنك المركزي لجنوب أفريقيا الى 46 مليار دولار في الفترة نفسها. ورغم هذه المبالغ الضخمة التي وضعتها البنوك المركزية في الدول الناشئة، فإنها لم تتمكن بعد من الحفاظ على الاستقرار المنشود لعملاتها الوطنية.