في مدرسة الطويل، إحدى المدارس النائية التي تكافح للبقاء، إلى الجنوب من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، يعيش الأستاذ عائد أبو هنية، متعة لا يمكن أن تصفها الكلمات وهو يجلس في مشغله منهمكاً بإعداد وسائل تعليمية تجعل المنهاج قريباً لعقول وقلوب تلاميذه.
فالهدف من العملية التعليمية قد يصل، لكن أي الطرق أقرب لإيصاله، أو القدرة في التأثير على الطالب؟ هذا ما يهم أبو هنية الذي يتحدث لـ"العربي الجديد" عن دور الوسائل التعليمية في تعزيز ما يُدرسه في ظل حالة التطور التقني.
ويشير أبو هنية إلى أن لتخصصه الجامعي بأساليب التدريس ودراسته في المرحلة الثانوية بالفرع الصناعي الأثر الكبير في تعزيز قدراته على ابتكار وسائل تعليمية، أو تطوير الوسائل المتعارف عليها لتخرج عن حالة التقليد العادي.
فـ"التقليد بالوسائل"، كما يرى أبو هنية، لا يمنح الطلبة الجاذبية الكافية أو لفت الانتباه لمضمون المنهاج، إلى جانب أن أسلوب التلقين في المرحلة الأساسية وفي ظل المناهج التعليمية الحديثة لا يتعدى كونه بذل جهد في حلقة مفرغة.
كما أن حالة "التكرار" بالوسائل قد تشكل حالة من الملل، وهو ما يتطلب من المدرس أن يستحدث وسائل تبتعد عن الأشكال التقليدية، وتتناسب الوسيلة وتطورها التكنولوجي، كما يشير أبو هنية.
اقــرأ أيضاً
وكمثال على حالة استحداث الوسائل التعليمية، يقول أبو هنية، إن أستاذ الجغرافيا يمكن أن يحضر في كل حصة له خارطة ورقية للعالم ويضعها أمام الطلبة ليشرح لهم عن الأقطار المختلفة، إلا أن هذا أسلوب مضت عليه عشرات السنين، وبالتالي اليوم يمكنه أن يلجأ إلى تطبيق "غوغل إيرث" الذي قد يوصل به ذات المضمون لكن بجاذبية أكبر للطلاب.
وعلى الرغم من تواضع مشغله، وضعف البنية التحتية في مدرسته، إلا أن أبو هنية يرى فيما يقوم به تعبيراً عن حبه لنقل تجربته لطلبته، وهو ما يلامسه في نتائج نهاية العام كما يوضح.
المواءمة لتطور المناهج
الأستاذ محمد أبو غضيب، المشرف التربوي في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأنروا"، يرى أن المطلوب هو "المواءمة ما بين تطور المناهج مع الوسائل التعليمية، فغالبية المناهج تطورت وأصبحت تتناغم مع حالة التطور التقني، وهو ما يتطلب بذل جهد من قبل المدرس لإحداث حالة المواءمة".
ويشير أبو غضيب إلى أنه المهم ليس حالة التعقيد في الوسيلة التعليمية، إلا أن الهدف قدرتها على الانتقال من حالة الجمود إلى ملامسة الطالب للمنهاج من خلال الإحساس به.
ولتحقيق النقطة الثانية، يوضح أبو غضيب أنها تتطلب أن يتحول الطالب إلى شريك في إعداد الوسيلة التعليمية، سواء بالتحضير النظري لها أو عملية البناء، وهو ما ينعكس على حالة قبولها وبالتالي زيادة الفهم وتنمية مدارك التلاميذ.
ويرى أبوغضيب أن المناهج الحديثة قائمة على التعلم بالنشاط، خاصة المناهج المتعلقة بالتخصصات العلمية، هي اليوم مرتبطة بالتطورات التكنولوجية الحديثة، فأي محاضرة دون استخدام وسائل تعليمية يمكن أن تعد "فاشلة"، وفقاً لمقاييس التعليم الحديث.
فعالية الوسيلة
ولتحقيق الفعالية من الوسيلة التعليمية، يرى أبو غضيب أن هناك محددات تتمثل في قدرة المعلم على عرضها بطريقة مناسبة، إضافة إلى اختيار الوقت المناسب لاستخدامها، ومعرفة المعلم بالتكنولوجيا واستخدامها، فمن غير الممكن أن يحضر وسيلة تعليمية لا يتقن استخدامها!.
ويرى أبو غضيب أن هناك فجوة معرفية ما بين الطلبة والمدرسين، خاصة في ما يخص استخدامات التقنيات الحديثة التي من شأنها أن تترك انطباعاً سلبياً لدى الطلبة عن مدرسهم، أو تضعف ثقة المدرس بنفسه، وهذا يتطلب تجاوزه من خلال تطوير المدرسين لأنفسهم.
وينصح أبو غضيب أن يتمرس المعلمون على استخدام الوسائل التعليمية الحديثة حتى لا تحدث تشويشا أو إرباكا داخل قاعات التدريس.
وحول إن كانت هناك فجوة ما بين المدرسين خريجي الجامعات سابقا، والخريجين الجدد في قدرتهم على استخدام الوسائل التعليمية المستندة للتكنولوجيا، يشير أبو غضيب إلى أن هذا ليس معياراً إذا ما توفرت الرغبة الذاتية لدى المدرس نفسه في تطوير أدائه.
اقــرأ أيضاً
شروط مهمة
بدوره يرى د. سهيل صالحه، أستاذ المناهج وطرق التدريس في جامعة النجاح الوطنية، أن شروطا مهمة يجب توفرها في الوسائل التعليمية لتحقيق الهدف منها، تبدأ ببساطة الوسيلة؛ فالوسيلة تستخدم لتبسيط المادة العلمية حتى يتمكن الطالب من فهمها لا أن تأتي الوسيلة لتعقيد المفاهيم والمضامين.
ويشير صالحه، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن الشرط الثاني يتمثل في أن مكوناتها أو ما تصنع منه يفضل أن يكون من خامات قريبة للبيئة التي يدرس بها الطالب حتى يستطيع استيعابها.
ويتابع بالقول: هناك شرط مهم هو أهمية استخدام الطالب للوسيلة حتى يتم نقل الفكرة من التجريد للمحسوس، فالطالب الذي يشاهد الوسيلة ولا يستخدمها تتولد لديه فجوة، أو ربما عدم يقين بفعاليتها، وهو ما يعني عدم قدرته على تفحص المفاهيم التي تقدمها بشكل مباشر.
ويرى صالحه أن المناهج العربية تعيش بحالة عزلة عن التكنولوجيا، فهناك إشكاليه تتمثل في عدم وجود خطة منظمة لإدماج التكنولوجيا بالوسائل التعليمية وهو ما يعني السعي لتحقيق حالة توافقية تتناغم وقدرات المدرس نفسه، أو الإمكانات المتاحة لديه، أو حتى قدرته على استخدامها. ويرجع صالحة ذلك إلى أنه لا توجد حتى الآن برامج في اللغة العربية للمساعدة في التطور التكنولوجي الحاصل بالمناهج التعليمية.
إضافة إلى ذلك، يشير صالحه إلى أن هناك حالة من التفاوت في البنية التحتية في المدارس العربية التي يمكن أن تساعد في إنتاج الوسائل التعليمية أو حتى استخدام ما ينتج منها، وهو ما يعني ضرورة تعزيز هذه البنية بشكل أفقي لا عمودي.
مواقع التواصل
وفي ظل الانتشار الواسع لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي ما بين الطلبة وأهاليهم، يقدم الدكتور صالحه اقتراحا تمكن من خلاله الاستفادة منها في إيجاد بيئة تعليمية تفاعلية تمتزج فيها المعرفة والتقنية والوسائل الحديثة التي توفرها التكنولوجيا.
ويوضح صالحه ذلك من خلال قدرة المدرس على تعزيز تواصله مع طلابه ضمن مجموعات مغلقة وتحديد ساعات معينة يمكن من خلالها تقديم نماذج حية ومباشرة لمضامين المنهاج الذي يدرسه، ويربط ذلك بنماذج ووسائل تتيحها مواقع الإنترنت المختلفة.
اقــرأ أيضاً
ويشير أبو هنية إلى أن لتخصصه الجامعي بأساليب التدريس ودراسته في المرحلة الثانوية بالفرع الصناعي الأثر الكبير في تعزيز قدراته على ابتكار وسائل تعليمية، أو تطوير الوسائل المتعارف عليها لتخرج عن حالة التقليد العادي.
فـ"التقليد بالوسائل"، كما يرى أبو هنية، لا يمنح الطلبة الجاذبية الكافية أو لفت الانتباه لمضمون المنهاج، إلى جانب أن أسلوب التلقين في المرحلة الأساسية وفي ظل المناهج التعليمية الحديثة لا يتعدى كونه بذل جهد في حلقة مفرغة.
كما أن حالة "التكرار" بالوسائل قد تشكل حالة من الملل، وهو ما يتطلب من المدرس أن يستحدث وسائل تبتعد عن الأشكال التقليدية، وتتناسب الوسيلة وتطورها التكنولوجي، كما يشير أبو هنية.
وكمثال على حالة استحداث الوسائل التعليمية، يقول أبو هنية، إن أستاذ الجغرافيا يمكن أن يحضر في كل حصة له خارطة ورقية للعالم ويضعها أمام الطلبة ليشرح لهم عن الأقطار المختلفة، إلا أن هذا أسلوب مضت عليه عشرات السنين، وبالتالي اليوم يمكنه أن يلجأ إلى تطبيق "غوغل إيرث" الذي قد يوصل به ذات المضمون لكن بجاذبية أكبر للطلاب.
وعلى الرغم من تواضع مشغله، وضعف البنية التحتية في مدرسته، إلا أن أبو هنية يرى فيما يقوم به تعبيراً عن حبه لنقل تجربته لطلبته، وهو ما يلامسه في نتائج نهاية العام كما يوضح.
المواءمة لتطور المناهج
الأستاذ محمد أبو غضيب، المشرف التربوي في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأنروا"، يرى أن المطلوب هو "المواءمة ما بين تطور المناهج مع الوسائل التعليمية، فغالبية المناهج تطورت وأصبحت تتناغم مع حالة التطور التقني، وهو ما يتطلب بذل جهد من قبل المدرس لإحداث حالة المواءمة".
ويشير أبو غضيب إلى أنه المهم ليس حالة التعقيد في الوسيلة التعليمية، إلا أن الهدف قدرتها على الانتقال من حالة الجمود إلى ملامسة الطالب للمنهاج من خلال الإحساس به.
ولتحقيق النقطة الثانية، يوضح أبو غضيب أنها تتطلب أن يتحول الطالب إلى شريك في إعداد الوسيلة التعليمية، سواء بالتحضير النظري لها أو عملية البناء، وهو ما ينعكس على حالة قبولها وبالتالي زيادة الفهم وتنمية مدارك التلاميذ.
ويرى أبوغضيب أن المناهج الحديثة قائمة على التعلم بالنشاط، خاصة المناهج المتعلقة بالتخصصات العلمية، هي اليوم مرتبطة بالتطورات التكنولوجية الحديثة، فأي محاضرة دون استخدام وسائل تعليمية يمكن أن تعد "فاشلة"، وفقاً لمقاييس التعليم الحديث.
فعالية الوسيلة
ويرى أبو غضيب أن هناك فجوة معرفية ما بين الطلبة والمدرسين، خاصة في ما يخص استخدامات التقنيات الحديثة التي من شأنها أن تترك انطباعاً سلبياً لدى الطلبة عن مدرسهم، أو تضعف ثقة المدرس بنفسه، وهذا يتطلب تجاوزه من خلال تطوير المدرسين لأنفسهم.
وينصح أبو غضيب أن يتمرس المعلمون على استخدام الوسائل التعليمية الحديثة حتى لا تحدث تشويشا أو إرباكا داخل قاعات التدريس.
وحول إن كانت هناك فجوة ما بين المدرسين خريجي الجامعات سابقا، والخريجين الجدد في قدرتهم على استخدام الوسائل التعليمية المستندة للتكنولوجيا، يشير أبو غضيب إلى أن هذا ليس معياراً إذا ما توفرت الرغبة الذاتية لدى المدرس نفسه في تطوير أدائه.
شروط مهمة
بدوره يرى د. سهيل صالحه، أستاذ المناهج وطرق التدريس في جامعة النجاح الوطنية، أن شروطا مهمة يجب توفرها في الوسائل التعليمية لتحقيق الهدف منها، تبدأ ببساطة الوسيلة؛ فالوسيلة تستخدم لتبسيط المادة العلمية حتى يتمكن الطالب من فهمها لا أن تأتي الوسيلة لتعقيد المفاهيم والمضامين.
ويشير صالحه، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن الشرط الثاني يتمثل في أن مكوناتها أو ما تصنع منه يفضل أن يكون من خامات قريبة للبيئة التي يدرس بها الطالب حتى يستطيع استيعابها.
ويتابع بالقول: هناك شرط مهم هو أهمية استخدام الطالب للوسيلة حتى يتم نقل الفكرة من التجريد للمحسوس، فالطالب الذي يشاهد الوسيلة ولا يستخدمها تتولد لديه فجوة، أو ربما عدم يقين بفعاليتها، وهو ما يعني عدم قدرته على تفحص المفاهيم التي تقدمها بشكل مباشر.
ويرى صالحه أن المناهج العربية تعيش بحالة عزلة عن التكنولوجيا، فهناك إشكاليه تتمثل في عدم وجود خطة منظمة لإدماج التكنولوجيا بالوسائل التعليمية وهو ما يعني السعي لتحقيق حالة توافقية تتناغم وقدرات المدرس نفسه، أو الإمكانات المتاحة لديه، أو حتى قدرته على استخدامها. ويرجع صالحة ذلك إلى أنه لا توجد حتى الآن برامج في اللغة العربية للمساعدة في التطور التكنولوجي الحاصل بالمناهج التعليمية.
إضافة إلى ذلك، يشير صالحه إلى أن هناك حالة من التفاوت في البنية التحتية في المدارس العربية التي يمكن أن تساعد في إنتاج الوسائل التعليمية أو حتى استخدام ما ينتج منها، وهو ما يعني ضرورة تعزيز هذه البنية بشكل أفقي لا عمودي.
مواقع التواصل
وفي ظل الانتشار الواسع لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي ما بين الطلبة وأهاليهم، يقدم الدكتور صالحه اقتراحا تمكن من خلاله الاستفادة منها في إيجاد بيئة تعليمية تفاعلية تمتزج فيها المعرفة والتقنية والوسائل الحديثة التي توفرها التكنولوجيا.
ويوضح صالحه ذلك من خلال قدرة المدرس على تعزيز تواصله مع طلابه ضمن مجموعات مغلقة وتحديد ساعات معينة يمكن من خلالها تقديم نماذج حية ومباشرة لمضامين المنهاج الذي يدرسه، ويربط ذلك بنماذج ووسائل تتيحها مواقع الإنترنت المختلفة.