استراتيجية النظام السوري مع أدواته

10 يونيو 2018
عناصر مؤيدة للنظام السوري في الحجر الأسود(لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -



لم يكن قرار النظام بحلّ مليشيا الدفاع الوطني والبدء بالتضييق على أزلامه من قياداتها، وملاحقة عناصرها، سواء للسوق للخدمة الإلزامية، أو ملاحقتهم على جرائم جنائية ارتكبوها بتسهيل منه، بأمر مستبعد أو منافٍ للمنطق والاستراتيجية التي يتبعها النظام مع أدواته حتى في مرحلة ما قبل الثورة السورية، والتي تقوم على مبدأ البالون الذي يتحكم النظام بنفخه وبذات الوقت يكون ممسكاً بالدبوس الذي يفجره وينهيه في أية لحظة يراها هو مناسبة. والنظام غالباً ما يستخدم أدوات متورطة بقضايا فساد شرط أن يكون ممسكاً بكل خيوطها من أجل فتحها في الوقت الذي تنتهي فيه مهمة الأداة، أو في الوقت الذي ترتكب فيه خطأ لا يستطيع السكوت عنه. وبالتالي يحاسبه ضمن القانون وليس عقاباً على خطأه أو تمرده.

كما يتبع أسلوباً توريطياً مع بعض الأدوات التي لا تمتلك سجلات جنائية، أو فسادا مسكوتا عنه، وذلك من خلال منح الأداة امتيازات كبيرة بشكل مخالف للقانون، تورطها بمشاريع مخالفة يستطيع بأية لحظة القضاء عليها، فقط من خلال تطبيق القانون، ومحاسبتها على تلك المخالفات التي هو من منحها امتيازا بها. وبالتالي فالنظام لا يحاسب الصحافي ـ الأداة على أنه تجاوز الخطوط الحمراء المرسومة له وإنما يحاسبه على جرائم جنائية أو أخلاقية مسكوت عنها، ولا يحاسب المستثمر، والسياسي ـ الأداة على تمرده وإنما على فساده وتجاوزه للقانون.

وفي حالة مليشيا الدفاع الوطني اختار النظام أشخاصاً مغمورين نسبياً وتافهين اجتماعياً، ولديهم سجلات حافلة بالفساد المالي والأخلاقي، ومنحهم امتيازات وصلاحيات مطلقة بالتحكم بالمواطنين ونهبهم بكل الطرق المتاحة، وذلك كي يضمن ردات فعل إيجابية، وحتى شامتة على المستوى الشعبي، حين يتم فتح ملفاتهم بعد إنجاز مهامهم. فبعد تمكن النظام من تأمين محيط العاصمة وتأمين طريق حمص دمشق، وهدوء معظم جبهات القتال بغطاء روسي، واستخدام المليشيات في الأعمال القذرة التي تسيء بشكل كبير لسمعة المؤسسة العسكرية، رأت موسكو أن دور تلك المليشيات قد انتهى فأمرت النظام بحلّها، إلا أن موضوع حلّ تلك المليشيات التي بدأت تتجاوز الخطوط المرسومة لها هي أيضاً مصلحة للنظام، فاستخدم نفس الأسلوب في التعامل مع كل أدواته وعملائه فبدأ بفتح دفاترهم المحفوظة.