اقرأ أيضاً: حشد أميركي لعملية برّية ضدّ "داعش" في سورية
شارحاً موقف كيري خلال اجتماع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، يقول مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية فضل عدم الكشف عن هويته لـ"العربي الجديد": "نحن نعمل منذ بعض الوقت مع شركاء محليين لتمكينهم من قتال (داعش) واستعادة الأراضي. لقد عززنا قدرتنا على الشراكة مع هذه القوات بتقديم المشورة والمساعدة على تسهيل الأنشطة وتوفير الدعم الجوي للهجمات البرية وتجهيزهم بشكل مباشر ليكونوا أكثر فعالية". ويبدو أن كيري قصد بكلامه عن القوات العربية فصائل المعارضة السورية السنية، التي تسميها واشنطن القوات العربية لتمييزها عن القوات الكردية على الجانب السوري.
وأشار المصدر الحكومي الأميركي إلى تقدم على الأرض خلال الشهر الماضي، مشيراً إلى أن ما أنجزه المقاتلون الأكراد بإخراج "داعش" من سنجار في العراق من جهة، وما حققته الفصائل على الجانب السوري باستعادة السيطرة على منطقة الهول من جهة أخرى.
ورأى المصدر أن سنجار والهول يمثلان "محاور تنقل واتصالات هامة" بالنسبة الى "داعش"، وأن هذه "الهزائم ستجعل من الصعب على (داعش) إيجاد ملاذ آمن وإعادة تجميع قواها والتخطيط لهجمات خارجية".
وأكّد المسؤول الأميركي أن "الجهود العسكرية وحدها لن تهزم (داعش). علينا أن نستمر في حرمانهم المقاتلين الأجانب وقطع سبل حصولهم على التمويل وتعطيل وفضح رسائلهم وتعزيز الاستقرار في المجتمعات الهشة التي تحررت من سيطرة (داعش)".
وهناك اقتناع أميركي أن الحرب ضدّ التنظيم طويلة، واذا كان هناك صعوبات في العراق، فإن الوضع أكثر تعقيداً في سورية. والقصف الجوي، الذي ازدادت وتيرته في الأسابيع الأخيرة بعد اعتداءات باريس، لم يتمكن بعد من احتواء "داعش". في ظل تلاشي االحديث عن عملية مرتقبة على الرقة مع الوقت لاستحالة تنفيذها بدون قوات برية قادرة على خوض المعركة.
فوجدت الإدارة الأميركية أن البديل العسكري بالنسبة الى الإدارة تمثل في قرار وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" إرسال "قوة التدخل السريع للاستهداف" الى العراق وسورية؛ وهي قوة مؤلفة من حوالي 200 جندي، نصفها من عناصر (الكومندوس)، وتتخذ مقرّاً لها في شمال العراق. وهذه الوحدة العسكرية لن تكون في وضعية متحركة أو قتالية، بل ستكتفي بتنفيذ عمليات نوعية وسريعة ومحدودة، خصوصاً على طول الحدود العراقية السورية، وهذا ما يعتبر البيت الأبيض أنه يتوافق مع موقف الرئيس باراك أوباما الرافض لنشر أي قوات أميركية قتالية على الأرض. وتنضم هذه المجموعة الى أكثر من 3.500 جندي أميركي في العراق يعملون حالياً كمستشارين.
ويقول المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية روجير كابينيس لـ"العربي الجديد"، إن هدف نشر هذه القوات الخاصة هو "تكثيف عملياتنا القائمة لمكافحة (داعش)، بما في ذلك بذل المزيد مما أثبت نجاحه، مثل دعم القوات المحلية التي تحقق نجاحات ضد (داعش)، وشن غارات ضد أهداف ذات قيمة عالية لداعش".
ويلفت كابينيس إلى أنه مع مرور الوقت ستتمكن هذه القوات الخاصة من تحمّل مسؤوليات إضافية مثل تحرير رهائن وجمع المعلومات الاستخباراتية واعتقال قادة "داعش" في العراق، مضيفاً أن هذا الأمر يؤدي الى توسيع دائرة الاستهداف.
وتأمل وزارة الدفاع الأميركية تكرار عمليات مشابهة لسيناريو الإنزال الجوي للقوات الخاصة الأميركية لدعم قوات (البشمركة) الكردية، وتحرير 70 رهينة من أيدي "داعش" في كركوك خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويتوقع أن تركز قوات النخبة، التي ستكون تحت إمرة قيادة العمليات العسكرية المشتركة التي تقع عليها مسؤولية تحديد وتدمير الخلايا الإرهابية حول العالم، على العراق في المرحلة الأولى لكن ستكون سورية ضمن نطاق عملها أيضاً.
كما يرتقب أن يراجع "البنتاغون" نتائج عملياتها الأولى خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، ليقرر ما اذا كان هناك ضرورة لتوسيع مهامها.
وحول موقف رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي المتحفظ على نشر قوات أميركية خاصة في العراق، يقول كابينيس "سنواصل العمل بشكل وثيق مع حكومة العراق ومع شركائنا في القوات العراقية لمساعدة العراق على الدفاع عن سيادته وسلامة أراضيه ضدّ هجمات (داعش)".
أما على الجانب التركي من الحدود، فيصل في الشهر الحالي إلى شمال شرق سورية حوالي 50 عنصرا من القوات الخاصة، بعدما أصدر البيت الأبيض قرار إرسالهم في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وتتمركز هذه المجموعة في مقرات فصائل المعارضة السورية البعيدة عن الجبهات، ومهمتها إعطاء المشورة لعناصرها. وتأتي هذه الخطوات، الى جانب إمداد المعارضة بالذخيرة، في سياق ما تعتبره الإدارة الأميركية بداية اختبار علاقتها المباشرة مع مقاتلي المعارضة السورية.
وتستند خطة الإدارة الأميركية الميدانية ضدّ "داعش" حالياً إلى ثلاثة محاور، يختصرها "البنتاغون" بالرمادي والرقة والغارات. وتتقدّم معركة الرمادي بشكل تدريجي وبطيء، لكن هناك استراتيجية تقضي بدعم الجيش العراقي والقوات الكردية ومقاتلي العشائر.
وفي الرقة، هناك تعاون أميركي مع فصائل المعارضة والقوات الكردية، لبناء قدراتها وتعزيز التنسيق معها. لكن معركة استعادة، لن تكون بالسرعة التي أوحت بها واشنطن قبل أسابيع.
وبالنسبة للغارت الجوية، فهي قائمة وتتوسع دولياً. ويحاول (البنتاغون) من خلال القوات الخاصة البناء على عمليات برية نوعية سابقة مثل تصفية القيادي في "داعش" أبو سياف قرب منطقة "دير الزور" في شهر مايو/أيار الماضي.