استطلاع: أغلبية الفرنسيين يقبلون بـ"حاكم عسكري" و"إجراءات استثنائية"

28 مارس 2019
أغلبية الفرنسيين لا يثقون في النخب (فلوريا غانتنر/فرانس برس)
+ الخط -
كشف استطلاع للرأي أنجزه معهد "أودوكسا" أن 55 في المائة من الفرنسيين مستعدون لتحمل "إجراءات استثنائية"، والحد من الحريات مقابل الأمن، فيما يؤيّد نصفهم وصول شخصية عسكرية إلى الحكم في حال تعرضت البلاد لاعتداءات جديدة.

وقد أجري استطلاع "أودوكسا" يومي 13 و14 فبراير/ شباط الماضي، عن طريق الإنترنت، وأُعلِنت نتائجه أمس الأربعاء تحت عنوان لافت: "من أجل مواجهة الإرهاب: الفرنسيون يوافقون بأغلبية ساحقة على أهمية الجيش، ويدعون إلى فرض إجراءات استثنائية".

وقد حمل الاستطلاع مجموعة من الأسئلة إلى الفرنسيين، من بينها "هل تعيش فرنسا أزمة حكم وسلطة وهيبة سياسية؟ ومن هو القادر على تأمين حياة الفرنسيين في حالة تعرضهم لاعتداءات جديدة؟".

ويبدو من خلال النتائج المعلن عنه أن 55 في المائة من الفرنسيين مستعدون لـ"تحمل إجراءات استثنائية"، والحد من الحريات مقابل الأمن، مقابل 44 في المائة، فيما لم يعبر 1 في المائة من المستجوبين عن أي موقف.

وتشعر غالبية من الفرنسيين، بما مجموعه 60 في المائة (مقابل 36 في المائة وامتناع 1 في المائة عن الإدلاء بآرائهم)، أن فرنسا، كما تقول شعارات اليمين واليمين المتطرف، توجد، في الوقت الراهن، في حالة حرب "ضد الإرهاب". 

وهذا الشعور يتقاسمه متعاطفون مع كل الأحزاب السياسية تقريبا، باستثناء المتعاطفين مع "فرنسا غير الخاضعة"، الذين تتساوى بينهم النسب.

ومن أجل مواجهة الإرهاب وتبديد المخاوف، يثق 54 في المائة من الفرنسيين في الجيش أكثر من ثقتهم في القضاء وفي السلطة السياسية.

وتصل الثقة في الشرطة إلى 20 في المائة، والعدالة إلى 9 في المائة، وأوروبا إلى 8 في المائة، والحكومة إلى 7 في المائة، والنخبة السياسية، من حكومة ومعارَضة، إلى 1 في المائة.   

ويؤيّد 50 في المائة من الفرنسيين، من بينهم أغلبية من أنصار حزب "الجمهوريون" اليميني، ومن "التجمع الوطني"، اليميني المتطرف، وصول شخصية عسكرية إلى حكم فرنسا في حال تعرضت البلاد لاعتداءات جديدة. 

ويصل عدد المؤيدين لهذه الفكرة من بين المتعاطفين مع "فرنسا غير الخاضعة" إلى 49 في المائة، و58 في المائة بين أنصار حزب "الجمهوريون"، و71 في المائة بين أنصار "التجمع الوطني"، بينما لا يتجاوز نسبة 25 في المائة بين أنصار "الجمهورية إلى الأمام"، و32 في المائة بين متعاطفي الحزب الاشتراكي.


يشار إلى أن الاستطلاع جرى في وقت تعرف فيه فرنسا ظروفا سياسية واجتماعية صعبة، مع اندلاع "قضية ألكسندر بنعلا"، التي مست هيبة رئيس الجمهورية، والتي ظل بعدها الرئيس إيمانويل ماكرون صامتا لبعض الوقت، ثم اندلاع حركة "السترات الصفراء" واستمرارها حتى الآن، بدعم شعبي مستمر، مع ما تسببت فيه من توقف الإصلاحات التي وعد بها الرئيس، والتي نفَّذَ بعضا منها في الأشهر الأولى من ولايته، ومن شلّ لعمل الحكومة، ومع شعور أغلبية الفرنسيين أن الرئيس لا يفهمهم.

ويبدو أن تصريحات ماكرون الأولى بعد اندلاع الحراك كان لها تأثير في نتائج الاستطلاع بما يؤكد وجود "هوة سحيقة تفصل النُّخَب السياسية عن الشعب"، إذ يظهر أن نسبة 8% فقط من الفرنسيين تثق في حكومتها ونوابها ومعارضتها، مجتمعين، لمواجهة تحديات الإرهاب، ما يعني، أيضا، أن النظام السياسي لا يستطيع التصدي لهموم ومخاوف الفرنسيين، ومن هنا الحاجة إلى شخصية عسكرية. 

ولم يكن مفاجئاً استنجاد الحكومة، بعد تظاهرات 16 مارس/آذار العنيفة، بالجيش لدعم الشرطة، كما لم يكن مفاجئا أن يُطالب وجهٌ من وجوه "السترات الصفراء"، وهو كريستوف شالنسون، في 3 ديسمبر/كانون الأول 2018، بتعيين الجنرال بيير دي فيليي، رئيس الأركان السابق الذي أزاحه ماكرون، على رئاسة الحكومة، كي "يأخذ بيديه مصيرَ فرنسا، بشكل جديّ"، وهو موقف يقترب من تصريحات حزب "الجمهوريون" الجديدة، والمطالِبة بفرض حالة الطوارئ في فرنسا من جديد. ​