كيف كنا سنعيش بدون شتائم؟ أبقى ما بقي من البضاعة الفكرية هو الشتائم. الجوانب المجيدة في الأحزاب سمعنا عنها ولم نرها. لم نرث من الأحزاب سوى رذائلها؛ التآمر والوشاية وأدوات البروباغندا والديماغوجيا، هناك حيث اختنقت عوالم كاملة بالأوهام والأكاذيب.
من كل رسالة الإسلام لا يحفظ بعض جهلة اليوم سوى مفردات التكفير، فيما تتجدد الهالة حول صورة أم لهب ومسيلمة الكذّاب.
قاموس الشتائم الاشتراكية يبدو شاحباً الآن. كيفك يا رجعي؟ لم يعد سؤالاً ينطوي على مداعبة.
يتذكّر صاحبنا أياماً تقدّمية بيضاء كأنها فارغة الآن، بينما لا يستطيع صاحب آخر فصل الرايات الحمراء في رأسه عن صاحبات الرايات الحمراء في الجاهلية.
بعضهم يفضّل الحيوانات كمجال استعاري للشتيمة، وبعضهم يستحسن الشتائم الطبقية. ولعل أفضل ما فعلته الأيديولوجيات، ربما، هو إيجاد مجال حيوي واستعاري جديد للشتيمة.
في النكبات تكثر الشتائم. في عمّان اللجوء العراقي، تسعينيات القرن الماضي، اتهم عراقي آخر بأنه عميل لشركة طيران الشرق الأوسط. أما صديقي عبّاس، فقد ترددت، في مقهى السنترال، إشاعة لا يمكن دحضها بأنه عميل لكاظم الساهر.