يشكو مصطفى السعيد، مالك إحدى شركات السياحة في وسط القاهرة، من الغياب التام لدور أجهزة الدولة في تعقب السماسرة الذين يعملون في العلن، مستغلين رغبة الآلاف ممن لم يحالفهم الحظ في الحصول على تأشيرة للحج من خلال القرعة الرسمية.
وتنتشر أسماء وهواتف السماسرة عبر منصات التواصل الاجتماعي، لعرض التأشيرات "الفارغة" التي فاز أصحابها في القرعة وقرروا عدم السفر وبيعها بمبالغ تصل إلى 10 آلاف جنيه مصري (605 دولارات أميركية)، كما يقول السعيد لـ"العربي الجديد"، بينما يراوح سعر تأشيرة الحج لهذا العام بين 55 ألف جنيه (3329 دولاراً) لرحلات الحج البري 4 نجوم، و125 ألف جنيه (7567 دولارا) لرحلات الحج السياحي 5 نجوم، الأمر الذي ساهم في ظاهرة وقوع مصريين ضحايا سماسرة باعوا لهم تأشيرات حج مزورة بنصف قيمة الحج البري، ومن بينهم أحمد عبد العزيز، من قرية كوم الحاصل، بمحافظة المنيا في صعيد مصر، الذي قال لـ"العربي الجديد": "رحنا لأداء فريضة الحج وفوجئنا بأن التأشيرة اللي معانا مش تأشيرة حج. اتنصب علينا من واحد لا عنده دين ولا ضمير. ربنا ينتقم من الظالم"، وتساءل: "إذا كانت التأشيرات مش تأشيرات حج. كيف سمحت السلطات المصرية لنا بالذهاب إلى جدة؟"، مضيفا أنهم لم يتمكنوا من التواصل مع أي مسؤول في السفارة المصرية بالسعودية، وتم ترحيلهم دون مساعدتهم على تأدية فريضة الحج.
اقــرأ أيضاً
التضييق على شركات السياحة
تقدر حصة مصر من تأشيرات الحج بـ78 ألف فرصة، تنظمها ثلاث جهات رسمية، هي وزارات التضامن الاجتماعي، الداخلية، والسياحة، والتي تعمل على توزيع 39 ألف تأشيرة على الشركات السياحية، التي يشكو ملاكها من مواجهة محاولات مستمرة للتضييق على عملهم، بهدف دفعهم لغلق أبوابها، وتقليل عدد الشركات العاملة في مجال السياحة الدينية تاليا، في مقابل استحواذ الشركات المملوكة لجنرالات الجيش والشرطة السابقين على عدد أكبر من تأشيرات الحج، على ضوء قرار وزارة السياحة بوقف إصدار تراخيص الشركات السياحية، بحجة وجود 2200 شركة تعمل في مجال السياحة الدينية، وفق ما وثقه معد التحقيق.
وتنتشر أسماء وهواتف السماسرة عبر منصات التواصل الاجتماعي، لعرض التأشيرات "الفارغة" التي فاز أصحابها في القرعة وقرروا عدم السفر وبيعها بمبالغ تصل إلى 10 آلاف جنيه مصري (605 دولارات أميركية)، كما يقول السعيد لـ"العربي الجديد"، بينما يراوح سعر تأشيرة الحج لهذا العام بين 55 ألف جنيه (3329 دولاراً) لرحلات الحج البري 4 نجوم، و125 ألف جنيه (7567 دولارا) لرحلات الحج السياحي 5 نجوم، الأمر الذي ساهم في ظاهرة وقوع مصريين ضحايا سماسرة باعوا لهم تأشيرات حج مزورة بنصف قيمة الحج البري، ومن بينهم أحمد عبد العزيز، من قرية كوم الحاصل، بمحافظة المنيا في صعيد مصر، الذي قال لـ"العربي الجديد": "رحنا لأداء فريضة الحج وفوجئنا بأن التأشيرة اللي معانا مش تأشيرة حج. اتنصب علينا من واحد لا عنده دين ولا ضمير. ربنا ينتقم من الظالم"، وتساءل: "إذا كانت التأشيرات مش تأشيرات حج. كيف سمحت السلطات المصرية لنا بالذهاب إلى جدة؟"، مضيفا أنهم لم يتمكنوا من التواصل مع أي مسؤول في السفارة المصرية بالسعودية، وتم ترحيلهم دون مساعدتهم على تأدية فريضة الحج.
التضييق على شركات السياحة
تقدر حصة مصر من تأشيرات الحج بـ78 ألف فرصة، تنظمها ثلاث جهات رسمية، هي وزارات التضامن الاجتماعي، الداخلية، والسياحة، والتي تعمل على توزيع 39 ألف تأشيرة على الشركات السياحية، التي يشكو ملاكها من مواجهة محاولات مستمرة للتضييق على عملهم، بهدف دفعهم لغلق أبوابها، وتقليل عدد الشركات العاملة في مجال السياحة الدينية تاليا، في مقابل استحواذ الشركات المملوكة لجنرالات الجيش والشرطة السابقين على عدد أكبر من تأشيرات الحج، على ضوء قرار وزارة السياحة بوقف إصدار تراخيص الشركات السياحية، بحجة وجود 2200 شركة تعمل في مجال السياحة الدينية، وفق ما وثقه معد التحقيق.
وأصدرت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة السياحة، في فبراير/ شباط الماضي، قرارا وزاريا برقم 63 قضى بوقف مؤقت لمدة عام، قبول طلبات إنشاء شركات سياحية جديدة بفئاتها المختلفة لعدم حاجة البلاد إليها خلال هذه الفترة، وذلك اعتبارا من تاريخ نهاية سريان القرار الوزاري رقم 99 لسنة 2017.
وتمتلك الدولة ثلاث شركات سياحية، هي مصر للسياحة، الكرنك التابعة لشركة مصر للطيران، و"لاكي تورز" المرتبطة بجهاز المخابرات العامة، ويديرها جنرالات متقاعدون منذ افتتاحها في عام 1974، وبحسب الموقع الرسمي للشركة، فإن لها أعمال مع عدة جهات، منها مجلس الدفاع الوطني، ومجلس النواب، ووزارة الكهرباء، والهيئة العامة للبترول، ومجموعة قنوات "سي بي سي" التي استحوذت عليها المخابرات العامة. وتعمل الشركة في مجال السياحة الدينية ولا يحتوي موقعها الرسمي على أي رحلات أخرى بخلاف الـ"خمس نجوم". وبحسب مصدر في وزارة السياحة، شدد على عدم الكشف عن هويته للموافقة على الحديث، فإن الشركة على الرغم من أنها تقوم بتسفير عدد أقل من الحجاج مقارنة بالشركات التي تتعامل في حج الأربع نجوم والحج الاقتصادي، إلا أن أرباحها تفوق تلك الشركات.
تكاليف مرتفعة للحج
تسببت الزيادة التي فرضتها النقابة العامة للنقل السعودي في معاناة شركات السياحة الدينية، كونها تعاقدت على السعر القديم المعلن من جانب وزارة السياحة، إذ وصلت زيادة أسعار النقل في السعودية إلى 1200 ريال سعودي عن كل حاج مصري، (5280 جنيهاً مصرياً)، بزيادة عن السعر المعلن من قبل وزارة السياحة، وفق تصريحات باسل السيسي، نائب رئيس غرفة الشركات السياحية.
وتحصل قيمة شيكات الركاب من الحجاج من قبل الجهات المعنية بتنظيم الحج التي تقوم بدورها بتسديدها عبر المسار الإلكتروني في وزارة الحج السعودية، مقابل خدمات نقل الحجاج من المطارات والمشاعر. ويصل أقل سعر لتذكرة الطيران خلال موسم الحج الحالي إلى 15 ألف جنيه (908 دولارات)، مضافاً إليها مصاريف الإقامة والتنقلات والطعام في مكة والمدينة، وشيك المطوف، ما يرفع كلفة الحج، بحسب تأكيد إسماعيل عبد الله، الذي لم يستطع الحج منذ 5 سنوات، بسبب عدم اختيار اسمه في القرعة السنوية التي تجريها وزارة الداخلية وتزايد كلفة الحج السياحي التي لا يستطيع تحملها، كما يقول.
وقررت شركة مصر للطيران رفع أسعار تذاكر الحج السياحي للعام الجاري بنسبة تزيد عن 10 في المائة، من 13 ألف جنيه (786 دولاراً) في العام الماضي إلى 15 ألف جنيه كحد أدنى، وصولاً إلى 35 ألف جنيه (2118 دولاراً) بالنسبة للحج "الفاخر"، الذي تقل فيه مدة الإقامة بعودة الحاج في الأيام الأولى من انتهاء المناسك، وذلك بذريعة فرض المملكة رسوماً إضافية على خدمات الطيران، علاوة على الارتفاع العالمي في أسعار الوقود، وفق ما وثقه معد التحقيق.
خداع البسطاء
ينقسم الحج السياحي في مصر إلى فئات حج 5 نجوم، وحج 4 نجوم، والحج الاقتصادي (بري، أو طيران)، وهو أرخص الأنواع، ويكلف الحج والسفر جوا 65 ألف جنيه (3934 دولاراً)، بحسب المصدر العامل في وزارة السياحة، مشيرا إلى أن الشركات والسماسرة أغروا البسطاء من الراغبين بالحج بأسعار وصلت إلى 30 ألف جنيه (1816 دولاراً)، حتى يوقعوهم في الفخ.
وفتحت وسائل إعلام موالية للنظام المصري النار على شركات السياحة الخاصة، بدعوى تورطها في بيع تأشيرات مزورة للحج، في وقت تُعاني فيه هذه الشركات من محدودية حصتها من التأشيرات الرسمية، وارتفاع تكاليف الحج هذا العام نتيجة الزيادات القياسية في أسعار الطيران من جانب شركة "مصر للطيران" (الناقل الوطني)، وقرار السعودية بزيادة قيمة شيك المطوف، لكن السعيد يقول إن سماسرة التأشيرات يرتبطون عادة بعلاقات وطيدة مع نواب في البرلمان، ولواءات سابقين وحاليين في مؤسستي الجيش والشرطة، إذ يتحصل هؤلاء على نسبة من حصيلة بيع تلك الفرص وبعضها حقيقي أو وهمي، وفي كل الأحوال يبحث البسطاء الراغبون في الحج عنها في كل عام، مشيراً إلى أن عدداً غير قليل من شركات السياحة الدينية مملوكة لأصحاب النفوذ، وإن كان من وراء ستار في كثير من الأحيان.
وتعد المخاطرة وراء التأشيرات المزورة، من الأسباب التي تخوف منها إسماعيل عبد الله، الذي عرض عليه شراء تأشيرة "فاضية" من قبل سماسرة منتشرين في قريته، مقابل دفع 50 ألف جنيه، غير أن قدرته المادية لا تسمح له بتحمل تكاليف مرتفعة للحج، فضلا عن تخوفه من حدوث مشكلات له داخل الأراضي السعودية، حسب قوله، كما حدث مع مصريين تمت إعادتهم من السعودية بعد خداعهم بتأشيرات "فعالية"، ومنهم عبد العزيز محمد، الذي قال: "السمسار جمع جوازات السفر من ناس كثيرة من محافظة دمياط (تقع في شمال شرقي مصر)، وقال إننا هنحج بالتأشيرة دي وهي أرخص من تأشيرة الحج، وهناك فوجئنا بالشرطة السعودية، تبلغنا أن التأشيرات اللي معانا مش تأشيرات حج، ورجعونا مصر تاني أنا وزوجتي. بأي ذنب يحصل فينا كده؟".
ويؤكد المصدر العامل في وزارة السياحة المصرية أن 30 شركة سياحية صغيرة قامت بتسفير 600 شخص من الراغبين بالحج إلى المملكة عبر استخراج تأشيرات "الترفيه"، وأنهم وصلوا بالفعل إلى مدينة جدة، وأثناء توجههم إلى المدينة المنورة أوقفتهم السلطات السعودية ورفضت دخولهم الأراضي المقدسة، قبل ترحيلهم إلى مصر، وهو ما علق عليه الدكتور عمرو صدقي، رئيس لجنة السياحة والطيران المدني بمجلس النواب، قائلا لـ"العربي الجديد"، إن الأزمة ليست في شركات السياحة وحدها، ولا في السماسرة التي يقال إنهم هم الذين تسببوا في الأزمة الأخيرة والتي أدت إلى إعادة الحجاج من السعودية، بل تعود إلى الجهات التنفيذية المتمثلة في وزارة السياحة وشعبة السياحة بالغرف التجارية، مؤكدا أن تطبيق القانون هو الحل الأمثل لمنع تكرار مثل هذه المشاكل. ودعا صدقي إلى فتح تحقيق موسع في واقعة "التأشيرات المضروبة"، متسائلا: "كيف استطاع أصحاب هذه التأشيرات المرور من المطار"؟.
وعلمت "العربي الجديد" أن وزارة السياحة المصرية تجري تحقيقاً بشكل سري حول قيام بعض شركات السياحة بالنصب على الراغبين بالحج واستخراج تأشيرات "زيارة فاعلية" التي طرحتها المملكة العربية السعودية أخيراً في إطار خطتها للترويج للسياحة، وهي التأشيرة التي لا تسمح لحاملها بالدخول إلى الأراضي المقدسة، لا سيما خلال فترة الحج، بحسب تأكيد مصدر في الوزارة لـ"العربي الجديد".
وإذا ثبت من خلال التحقيقات أن المتضررين تعاقدوا مع شركات السياحة على استخراج تأشيرة لأداء مناسك الحج والعمرة، وتم استخراجها من قبل الشركات لغرض آخر كحضور حفلات الترفيه مستغلة التسهيلات التي توفرها المملكة بدون علمهم، فإنه يتوجب في هذه الحالة محاسبة الشركات التي تسببت في هذه الأزمة وسحب تراخيصها على الفور لأنها ارتكبت خطأً لا يغتفر، بحسب الدكتور صدقي، مضيفا أن المنظومة بكاملها تحتاج إلى مراجعة لتفادي حدوث مثل هذه المشاكل التي تؤثر بالسلب على المواطن المصري، وهو ما يتمناه المصري عبد العزيز، فضلا عن إعادة أموالهم التي نهبها السمسار النصاب، كما يقول.
وتمتلك الدولة ثلاث شركات سياحية، هي مصر للسياحة، الكرنك التابعة لشركة مصر للطيران، و"لاكي تورز" المرتبطة بجهاز المخابرات العامة، ويديرها جنرالات متقاعدون منذ افتتاحها في عام 1974، وبحسب الموقع الرسمي للشركة، فإن لها أعمال مع عدة جهات، منها مجلس الدفاع الوطني، ومجلس النواب، ووزارة الكهرباء، والهيئة العامة للبترول، ومجموعة قنوات "سي بي سي" التي استحوذت عليها المخابرات العامة. وتعمل الشركة في مجال السياحة الدينية ولا يحتوي موقعها الرسمي على أي رحلات أخرى بخلاف الـ"خمس نجوم". وبحسب مصدر في وزارة السياحة، شدد على عدم الكشف عن هويته للموافقة على الحديث، فإن الشركة على الرغم من أنها تقوم بتسفير عدد أقل من الحجاج مقارنة بالشركات التي تتعامل في حج الأربع نجوم والحج الاقتصادي، إلا أن أرباحها تفوق تلك الشركات.
تكاليف مرتفعة للحج
تسببت الزيادة التي فرضتها النقابة العامة للنقل السعودي في معاناة شركات السياحة الدينية، كونها تعاقدت على السعر القديم المعلن من جانب وزارة السياحة، إذ وصلت زيادة أسعار النقل في السعودية إلى 1200 ريال سعودي عن كل حاج مصري، (5280 جنيهاً مصرياً)، بزيادة عن السعر المعلن من قبل وزارة السياحة، وفق تصريحات باسل السيسي، نائب رئيس غرفة الشركات السياحية.
وتحصل قيمة شيكات الركاب من الحجاج من قبل الجهات المعنية بتنظيم الحج التي تقوم بدورها بتسديدها عبر المسار الإلكتروني في وزارة الحج السعودية، مقابل خدمات نقل الحجاج من المطارات والمشاعر. ويصل أقل سعر لتذكرة الطيران خلال موسم الحج الحالي إلى 15 ألف جنيه (908 دولارات)، مضافاً إليها مصاريف الإقامة والتنقلات والطعام في مكة والمدينة، وشيك المطوف، ما يرفع كلفة الحج، بحسب تأكيد إسماعيل عبد الله، الذي لم يستطع الحج منذ 5 سنوات، بسبب عدم اختيار اسمه في القرعة السنوية التي تجريها وزارة الداخلية وتزايد كلفة الحج السياحي التي لا يستطيع تحملها، كما يقول.
وقررت شركة مصر للطيران رفع أسعار تذاكر الحج السياحي للعام الجاري بنسبة تزيد عن 10 في المائة، من 13 ألف جنيه (786 دولاراً) في العام الماضي إلى 15 ألف جنيه كحد أدنى، وصولاً إلى 35 ألف جنيه (2118 دولاراً) بالنسبة للحج "الفاخر"، الذي تقل فيه مدة الإقامة بعودة الحاج في الأيام الأولى من انتهاء المناسك، وذلك بذريعة فرض المملكة رسوماً إضافية على خدمات الطيران، علاوة على الارتفاع العالمي في أسعار الوقود، وفق ما وثقه معد التحقيق.
خداع البسطاء
ينقسم الحج السياحي في مصر إلى فئات حج 5 نجوم، وحج 4 نجوم، والحج الاقتصادي (بري، أو طيران)، وهو أرخص الأنواع، ويكلف الحج والسفر جوا 65 ألف جنيه (3934 دولاراً)، بحسب المصدر العامل في وزارة السياحة، مشيرا إلى أن الشركات والسماسرة أغروا البسطاء من الراغبين بالحج بأسعار وصلت إلى 30 ألف جنيه (1816 دولاراً)، حتى يوقعوهم في الفخ.
وفتحت وسائل إعلام موالية للنظام المصري النار على شركات السياحة الخاصة، بدعوى تورطها في بيع تأشيرات مزورة للحج، في وقت تُعاني فيه هذه الشركات من محدودية حصتها من التأشيرات الرسمية، وارتفاع تكاليف الحج هذا العام نتيجة الزيادات القياسية في أسعار الطيران من جانب شركة "مصر للطيران" (الناقل الوطني)، وقرار السعودية بزيادة قيمة شيك المطوف، لكن السعيد يقول إن سماسرة التأشيرات يرتبطون عادة بعلاقات وطيدة مع نواب في البرلمان، ولواءات سابقين وحاليين في مؤسستي الجيش والشرطة، إذ يتحصل هؤلاء على نسبة من حصيلة بيع تلك الفرص وبعضها حقيقي أو وهمي، وفي كل الأحوال يبحث البسطاء الراغبون في الحج عنها في كل عام، مشيراً إلى أن عدداً غير قليل من شركات السياحة الدينية مملوكة لأصحاب النفوذ، وإن كان من وراء ستار في كثير من الأحيان.
وتعد المخاطرة وراء التأشيرات المزورة، من الأسباب التي تخوف منها إسماعيل عبد الله، الذي عرض عليه شراء تأشيرة "فاضية" من قبل سماسرة منتشرين في قريته، مقابل دفع 50 ألف جنيه، غير أن قدرته المادية لا تسمح له بتحمل تكاليف مرتفعة للحج، فضلا عن تخوفه من حدوث مشكلات له داخل الأراضي السعودية، حسب قوله، كما حدث مع مصريين تمت إعادتهم من السعودية بعد خداعهم بتأشيرات "فعالية"، ومنهم عبد العزيز محمد، الذي قال: "السمسار جمع جوازات السفر من ناس كثيرة من محافظة دمياط (تقع في شمال شرقي مصر)، وقال إننا هنحج بالتأشيرة دي وهي أرخص من تأشيرة الحج، وهناك فوجئنا بالشرطة السعودية، تبلغنا أن التأشيرات اللي معانا مش تأشيرات حج، ورجعونا مصر تاني أنا وزوجتي. بأي ذنب يحصل فينا كده؟".
ويؤكد المصدر العامل في وزارة السياحة المصرية أن 30 شركة سياحية صغيرة قامت بتسفير 600 شخص من الراغبين بالحج إلى المملكة عبر استخراج تأشيرات "الترفيه"، وأنهم وصلوا بالفعل إلى مدينة جدة، وأثناء توجههم إلى المدينة المنورة أوقفتهم السلطات السعودية ورفضت دخولهم الأراضي المقدسة، قبل ترحيلهم إلى مصر، وهو ما علق عليه الدكتور عمرو صدقي، رئيس لجنة السياحة والطيران المدني بمجلس النواب، قائلا لـ"العربي الجديد"، إن الأزمة ليست في شركات السياحة وحدها، ولا في السماسرة التي يقال إنهم هم الذين تسببوا في الأزمة الأخيرة والتي أدت إلى إعادة الحجاج من السعودية، بل تعود إلى الجهات التنفيذية المتمثلة في وزارة السياحة وشعبة السياحة بالغرف التجارية، مؤكدا أن تطبيق القانون هو الحل الأمثل لمنع تكرار مثل هذه المشاكل. ودعا صدقي إلى فتح تحقيق موسع في واقعة "التأشيرات المضروبة"، متسائلا: "كيف استطاع أصحاب هذه التأشيرات المرور من المطار"؟.
وعلمت "العربي الجديد" أن وزارة السياحة المصرية تجري تحقيقاً بشكل سري حول قيام بعض شركات السياحة بالنصب على الراغبين بالحج واستخراج تأشيرات "زيارة فاعلية" التي طرحتها المملكة العربية السعودية أخيراً في إطار خطتها للترويج للسياحة، وهي التأشيرة التي لا تسمح لحاملها بالدخول إلى الأراضي المقدسة، لا سيما خلال فترة الحج، بحسب تأكيد مصدر في الوزارة لـ"العربي الجديد".
وإذا ثبت من خلال التحقيقات أن المتضررين تعاقدوا مع شركات السياحة على استخراج تأشيرة لأداء مناسك الحج والعمرة، وتم استخراجها من قبل الشركات لغرض آخر كحضور حفلات الترفيه مستغلة التسهيلات التي توفرها المملكة بدون علمهم، فإنه يتوجب في هذه الحالة محاسبة الشركات التي تسببت في هذه الأزمة وسحب تراخيصها على الفور لأنها ارتكبت خطأً لا يغتفر، بحسب الدكتور صدقي، مضيفا أن المنظومة بكاملها تحتاج إلى مراجعة لتفادي حدوث مثل هذه المشاكل التي تؤثر بالسلب على المواطن المصري، وهو ما يتمناه المصري عبد العزيز، فضلا عن إعادة أموالهم التي نهبها السمسار النصاب، كما يقول.