استغلال فاحش

06 سبتمبر 2019
+ الخط -
لا بدّ من تعريف القطاع الخاص تعريفاً اقتصادياً، حتى يتبيّن معناه، فهو تعريفاً: قطاع الأعمال المرتبط بالمؤسسات، والشركات التي يملكها أفراد بصفةٍ شخصيّةٍ، وغير مرتبطة بحكومة الدولة، أو أيّة مؤسسةٍ من مؤسساتها.
تعريف آخر: هو مجموعة المهن والأعمال التي يعمل فيها فردٌ، أو مجموعةٌ من الأفراد وترتبط بالخبرات، والمهارات المكتسبة، سواءً بالاعتماد على التدريب المهني، أو التعليم الأكاديمي، ويساهمُ القطاع الخاص بتوفيرِ الدخل للأفراد، من خلال وجود مجموعةٍ مِن فرص العمل ضمن المُنشآت الخاصة. ومن الأمثلة على ذلك، المؤسسات الأهلية والمدارس الأهلية والمستشفيات الأهلية والكليات الأهلية وشركات الاتصال غير التابعة للدولة. إذ إن أي مؤسسة أو محلات تجارية، سواء كان لها بناية أو لا، والعاملون فيها يستلمون مبالغ نتاج عملهم فيها، سواء كانت على شكل راتب شهري أو أجور يومية أو أسبوعية كما هو المتعارف في العراق وغير تابعة للدولة، تعتبر ضمن القطاع الخاص.
ويعني هذا أن القطاع الخاص يوفر وظائف قد تنافس وظائف الدولة، وقد تزيد، وهذا هو المطلوب. لكن ما يحدث في العراق شيء مختلف تماماً، وبعيد كل البعد عن التخطيط والدراسات الاقتصادية، وهذه المشكلة التي تقع فيها الحكومة، وهي عدم التخطيط والتنسيق في البلاد بشكل عام، فالقطاع الخاص غير واقع تحت رقابة الدولة إطلاقاً، فالدولة بحاجة إلى من يراقب عملها، فضلاً عن أن يحاسبها. فهذا الأمر يولد الكثير من المشاكل في الأعمال التي تقع ضمن القطاع الخاص، ولأن صاحب المشروع أو صاحب رأس المال في القطاع الخاص، هو من يضع القوانين، سواء كانت مجحفة أو صحيحة، فلا أحد يتمكن من محاسبته. وكما يحدد ساعات العمل ومقدار الراتب حسب قناعاته الشخصية، وهذه مشكلة كبيرة.
القطاع العام الذي هو تحت رعاية الدولة بشكل مباشر، امتلأ بشكل كبير جداً، إذ إن صندوق النقد الدولي يحذر من فائض الموظفين في الدولة لأن هذا يزيد من أعباء نفقات الدولة. فالكل يعلم أن الدولة عندما تصرف أو تحاول صرف مبلغ لمشروع تحتاج إلى نفقات نفقة المشروع فإذا كانت تريد نفقة مليار، فإنها تحتاج إلى صرف ثلاثة مليارات لترضية جميع الأطراف.
فالقطاع العام يعاني من كثرة النفقات الزائفة، فإن استطاع توفير بعض التعيينات القليلة تجد آلاف المتقدمين عليها بتنافس شديد مقابل وساطة أو تباع مقابل مبالغ مالية كبيرة جداً.
لذا يتوجه الشاب إلى القطاع الخاص، وهو البوابة الوحيدة أمامه لكي يعيش في العراق. لكن هذا القطاع يخفي الكثير من الأمور التي لا بد من توضيحها وطرحها أمام المسؤولين بغية حل هذه المشكلة.
يمتاز هذا القطاع باستغلاله الفاحش عديم الإنسانية، لأن صاحب العمل يجعلك تعمل بأقصى طاقتك مقابل راتب أو أجر يومي زهيد لا يكفي لسد قوت العامل وقوت عياله، لذا تجده يعمل لاثنتي عشرة ساعة في اليوم، وربما أكثر من أجل الحصول على هذا المقدار. فالقطاع أصبح وحشاً كاسراً يفتك بالمواهب والطاقات الموجودة لدى الشباب. فقانون الطاقة لا تفنى ولا تستحدث لا يعمل هنا، لأن صاحب المشروع يسحبها بالكامل من أجل مصلحته الشخصية غير مبالٍ بالإنسانية.
لذا على البرلمان إيجاد قوانين حقيقية من أجل تقنين القطاع كما في الدول المتقدمة، من حيث ساعات العمل، وتحديد أجوره لكي يتم حماية الأفراد العاملين فيه من فك الاستغلال الجسدي لإصحاب المشاريع، فالتقنين أصبح ضرورة ملحة في الوقت الحالي، لذا نرجو العمل الحقيقي على حل هذه المشكلة، فهل سنسمع من يسمع إلى هموم الشعب؟ وهل سنجد من يجد وجوده للشعب؟ وهل سنرى من يرى مستقبلاً للعراق؟
الشاب العراقي اليوم أمام تحدّ كبير ومنقطع النظير، وعليه تحديد المصير، فنحن أمام صمت برلماني كبير، وعمل الدولة بلا تدبير، والأيام والسنين تسير، والعراق أمام سؤال: إلى أين المصير؟
72958BBC-DB21-4FBE-87F9-3964DA8A822D
72958BBC-DB21-4FBE-87F9-3964DA8A822D
منتظر العيساوي (العراق)
منتظر العيساوي (العراق)