شهدت الساعات الماضية استقالة عدد من أعضاء الحزب الشيوعي العراقي، عقب التحالف السياسي الذي جرى بين "سائرون" التابع لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والذي يضم الشيوعي وقوى مدنية معه، وتحالف "الفتح" برئاسة القيادي في مليشيات "الحشد الشعبي" هادي العامري، فيما أكد قياديون في الحزب أن فكرة تقبل الشيوعي لـ"الفتح"، لم تحدث باتفاق حزبي كامل.
وأعلن الصدر، من مدينة النجف العراقية، ليل الثلاثاء، اتفاقه مع "الفتح" ضمن تحالف انتخابي لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، ليصل هذا التحالف الطائفي إلى 101 مقعد برلماني، بعد التوافق مع تيار "الحكمة" التابع لعمار الحكيم، و"الوطنية" الذي يرأسه إياد علاوي.
وأصدر الحزب الشيوعي، شريك الصدر في تظاهرات "الإصلاح" لأكثر من عام، بياناً وصفه مراقبون بـ"الهزيل"، جاء فيه، أن "التحالف مع الفتح، يسهم في منع تعريض البلد إلى مخاطر جدية، تحرق الأخضر واليابس، وهو ما تحاول قوى مختلفة وبدوافع متباينة جره إليها".
وأضاف الحزب: "إننا نجد في ذلك تعبيرا عن قناعة مزيد من القوى الوطنية ببرنامج سائرون، وما يتضمن من التزامات شاملة في سائر الميادين، ومن توجه إلى الخلاص من المحاصصة الطائفية والإثنية، ومكافحة الفساد، وإقامة الدولة المدنية الديمقراطية التي تحقق العدالة الاجتماعية".
وتصاعدت حدة الخلافات داخل الحزب الشيوعي العراقي، عقب إصدار البيان، حتى وصل إلى إعلان عدد كبير من أعضاء الحزب استقالاتهم السريعة عن طريق تقديم أوراق لسكرتير الحزب رائد فهمي، الذي حصل على مقعد برلماني في هذه الانتخابات، أو من خلال قيام آخرين بإعلان استقالتهم على حساباتهم في موقع "فيسبوك"، في إشارة لرفضهم تحالف "سائرون" مع "الفتح"، وتفرد الحزب بقراراته دون التشاور مع اللجان الحزبية والأعضاء.
في هذا السياق، أكد عضو اللجنة المركزية للحزب جهاد جليل، لـ"العربي الجديد"، أن "قرار موافقة الحزب الشيوعي على تحالف سائرون مع الفتح، كان من المفترض وضمن سياقات عمل اللجان الشيوعية، أن يُترك للجنة المركزية، ليتم العمل على تفسيره وتشكيل حلقة من القياديين وأعضاء اللجنة، والتوصل في النهاية إلى قرار رسمي، إلا أن هذه الخطوات كلها لم تحصل، فقد صدر البيان الشيوعي من خلال المكتب السياسي، دون أخذ رأينا".
وأضاف "فوجئنا بإعلان التحالف بين سائرون والفتح، من خلال وسائل الإعلام، والموقف الذي تبناه الحزب الشيوعي كان خاطئاً"، مبيناً أن "لجنة الحزب المركزية ستعمل على تصحيح هذا الخطأ".
وأشار إلى أن "مقتدى الصدر لا يمثل سائرون، لأننا مجموعة أطراف في هذا التحالف، وكل طرف له رأيه، وحصل التحالف مع الفتح، بعد زيارة واحدة من هادي العامري للصدر".
بدوره، قال أحد أعضاء الحزب الشيوعي وهو مقيم في فرنسا، في اتصال مع "العربي الجديد" إن أنفاراً قليلة من الحزب في بغداد رهنت تاريخ ومستقبل الحزب بيد الإسلاميين وهذه نكسة لا يمكن إنكارها".
وأضاف "الحزب يمر بأزمة حقيقية وهذا واضح، ونأمل من الرفاق كافة في المهجر أو الداخل الدعوة لاجتماع سريع لتدارك ذلك"، واصفاً القبول بأن يكون الشيوعي مع زعيم مليشيا يؤمن بولاية الفقيه في كتلة واحدة "مهزلة غير مسبوقة".
انفتاح الصدر على كتل سياسية كان يهاجمها خلال الأشهر الماضية، جرّ احتمالات أخرى لاحتواء قوائم انتخابية أخرى، مثل ائتلاف "النصر"، لرئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، وائتلاف دولة القانون، بزعامة "نوري المالكي".
في هذا السياق، أكد عضو حزب "الدعوة" أحمد الحسناوي أن "سائرون والصدر قريبان جداً من ضمّ العبادي ضمن تحالف واحد، حيث تجري حالياً حوارات بهذا الخصوص لاستقطابه، والشروع ببناء دولة قوية ومنسجمة".
وأضاف في تصريحٍ لـ "العربي الجديد"، أن "الحوار بين الصدر والمالكي على الخوض في تحالف واسع، هو أمر وارد"، مشيراً إلى أن "الأمر متوقف على الاتفاق بشأن البرامج السياسية لتشكيل الحكومة، وكما أن للصدر شروطاً للتحالف مع المالكي، فالمالكي أيضاً له شروط، وأبرزها الحصول على رئاسة الوزراء، أو السيطرة على الأجهزة الأمنية والوزارات، الداخلية والدفاع والأمن الوطني والمخابرات، وهذه هي بالأصل توجهات موجودة في شخصية المالكي".
كما اعتبر أن "العبادي أقرب إلى الصدر من المالكي، والتحالف الذي حصل بين سائرون والفتح، جاء لفتح باب التحاور بين باقي الأطراف الشيعية مع بعضها البعض".