تنظر محكمة الإسكندرية، اليوم الأحد، قضية حنين. لكنّ الصغيرة ليست المنتهكة الوحيدة، فهنالك العشرات من قصص التعذيب التي يتعرض لها الأطفال في مصر.
فقد تضمن تقرير حديث صادر عن "المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة"، عشرات القصص لأوضاع الأطفال الضائعة في السجون والمحاكم والمدارس.
وتمكنت المؤسسة من العمل على قضية 24 طفلاً منهم داخل النيابات والمحاكم. وأجرت دراسة على حالاتهم، وأحالت 11 منهم إلى الوحدة القانونية في المؤسسة. وتراوحت أعمار هؤلاء بين 14 و18عاماً.
ووضعت المؤسسة نتائج ما توصلت إليه أمام الجهات الحكومية المعنية بعدالة الأطفال، وعلى رأسها وزارات العدل والداخلية والتضامن الاجتماعي، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني، خاصة المعنية بحقوق الطفل، لدعم الجهود الرامية إلى النهوض بأوضاع الطفل وحقوقه وحمايتها.
إحدى الحالات التي عملت عليها المؤسسة يوسف ذبيح. كان الطفل تلميذاً في المرحلة الابتدائية، وتوفي جراء سقوط زجاج على رقبته داخل الفصل. وقد رفض مستشفى عين شمس التخصصي، إجراء عملية جراحية له إلا بعد دفع مبلغ 10 آلاف جنيه مصري (1400 دولار أميركي).
وهو ما استدعى من المؤسسة التقدم ببلاغ للنائب العام بتاريخ 18 أكتوبر/تشرين الأول الماضي للتحقيق في واقعة وفاته، وتقديم المسؤولين عن وفاة الطفل للمحاكمة الجنائية.
الحالات كثيرة
حالة أخرى تتعلق بالفتية عبد الرحمن، وأحمد، ومروان، الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عاماً، اعتقلتهم الشرطة أمام جامعة القاهرة أثناء الإعداد لتظاهرة. وحضر محامي المؤسسة معهم في محكمة الجيزة في جلسة الاستئناف. وصدر قرار بإخلاء سبيلهم بكفالة 200 جنيه (28 دولاراً). تم قبول الاستئناف، لكنّ النيابة رفضت إخلاء سبيلهم، ليستمر حبسهم حتى اليوم في قسم شرطة الجيزة.
كما رصدت المؤسسة في تقريرها عشرات الحالات الأخرى. وطالبت وزارة العدل المصرية بضرورة البدء في تنفيذ نصوص الدستور، وتوفير التخصص القضائي المستقل للأطفال، وتفعيل دور الوزارة في التفتيش على أماكن الاحتجاز، والتأكد من مراعاة المعايير اللازمة لاحتجاز الأطفال، وكذلك فصلهم عن البالغين.
وفي السياق نفسه، طلبت المؤسسة من وزارة الداخلية ضرورة تفعيل نصوص قانون الطفل المصري، الذي يجرم في نص المادة 112، احتجاز الأطفال مع البالغين وفي أماكن غير مخصصة، وتوفير أماكن منفصلة لاحتجاز الأطفال حال عرض أمرهم على الجهات المعنية. كما طالبها بألا تتجاوز مدة احتجاز الأطفال في أقسام الشرطة 24 ساعة، وفقا لنص المادة 36 من قانون الإجراءات الجنائية.
وطالبت المؤسسة وزارة التضامن الاجتماعي، بتفعيل لجان الحماية في مصر، كآلية قانونية لتطبيق نصوص الطفل، كما جاء في نص المادة 97 من قانون الطفل، وتفعيل دور لجان الحماية في مجال عدالة الأطفال، خاصة فيما يتعلق بالأطفال المعرضين للخطر، والحيلولة دون تعرضهم لمراحل التقاضي المختلفة، تطبيقاً لنص المادة 98 من قانون الطفل. فضلا عن البدء الفوري في تعديل التقرير الاجتماعي المرفق بملف الطفل قبل عرضه على جهات التحقيق.
أما فيما يتعلق بالنيابة العامة المصرية، فقد أدانت المؤسسة ما تنتهجه النيابة من تكرار قراراتها بإلزام الأطفال بدفع كفالات مالية في قرارات إخلاء السبيل، بما هو مخالف لنص المادة 140 من قانون الطفل، خاصة أنّ الأطفال لا ذمة مالية لديهم بسبب حداثة سنهم.
وبخصوص وزارة التربية والتعليم، رأت المؤسسة أنّ الانتهاكات الواقعة على الأطفال داخل المؤسسات التعليمية تتعدد وتتكرر بشكل شبه يومي، منذ بدء العام الدراسي الجاري. وذكرت أنواعاً من الانتهاكات، منها الحالة السيئة للأبنية التعليمية وعدم اكتمالها، والعنف ضد الأطفال من قبل الموظفين والعاملين والمعلمين، وكذلك القرارات المتعسفة من الإدارات التعليمية.
وذكرت المؤسسة أنّ كلّ هذه الممارسات تشير إلى استمرار تدهور العملية التعليمية، واستمرار وصف التعليم في مصر بأنّه طارد للأطفال، واستمرار فشل القائمين على التربية والتعليم في تحسين أوضاعها في كافة الوزارات المتعاقبة ما بعد الثورة.
وخلص التقرير إلى ضرورة تطبيق حزمة من السياسات والإجراءات الحمائية للأطفال داخل المدارس. وكذلك وضع نظام رقابي فعال للوقوف على حالة وأوضاع المدارس. بالإضافة إلى تسريع محاسبة كافة المسؤولين عن تلك الانتهاكات، والسماح لمنظمات المجتمع المدني ولجان حماية الطفل بالمشاركة في وضع وتطبيق تلك السياسات ومراقبة تنفيذها.