تقدّمت، اليوم الأحد، عمليات التحقيق في اعتداء نيس، الذي تسبب، ليل الخميس الماضي، في مقتل 84 وجرح أكثر من 200 شخص، إذ اكتشف المحققون، من خلال تحليل شرائط كاميرات المراقبة المثبتة في الشوارع، أن منفذ الاعتداء خطط بعناية محكمة للاعتداء، وقام مرتين، الأربعاء والخميس الماضيين، بتفقد الشارع الذي نفذ فيه عملية الدهس، وهو على متن الشاحنة البيضاء التي اكتراها باسمه، والتي تزن 19 طنا.
وظهر الفرنسي من أصل تونسي، محمد لحويج بوهلال، منفذ الاعتداء، في فيديوهات الكاميرات وهو يقود شاحنته بتركيز كبير في الشارع وفضاءاته التي نفذ فيها الاعتداء، وهذا ما يؤكد فرضية الاعتداء المدبّر.
كما اكتشف المحققون أن بوهلال سحب كل أمواله من حسابه المصرفي قبل أيام من الاعتداء، وباع سيارته، في الوقت الذي أكدت مصادر أمنية أنه بعث إلى أقربائه في تونس بحوالي 100 ألف يورو قبل بضعة أيام من الاعتداء، وهو ما أكده أخوه، الذي أقر للمحققين بأن أخاه أقنع عددا من معارفه بنقل المبلغ إلى تونس.
في المقابل، لا يزال المحققون يحاولون معرفة مصدر هذا المبلغ الكبير، خاصة أن بوهلال لم يكن يجني أموالا طائلة من عمله المتواضع كسائق شاحنة.
وفي سياق متصل، اعتقلت السلطات شخصين إضافيين من معارف بوهلال في إطار التحقيق، بعد أن كانت اعتقلت خمسة أشخاص على ارتباط به، بينهم زوجته السابقة.
ومن بين الموقوفين أشخاص لهم سجلات جنائية اتصل بهم بوهلال في الأيام الأخيرة.
وحسب تسريبات أولية، فإن هؤلاء المعتقلين كشفوا للمحققين أن بوهلال ظهرت عليه علامات "التطرف الديني" في الأيام الأخيرة، الأمر الذي أكدته تصريحات وزير الداخلية، برنار كازنوف، الذي قال، أمس السبت، إن منفد اعتداء نيس، الذي تبناه تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، "تحوّل إلى التطرف الديني بسرعة كبيرة في الآونة الأخيرة".
وأكد عدد من معارف بوهلال للمحققين أن الرجل كان قليل الكلام وعنيفا مع زوجته السابقة، وأنه ربما كان يعاني من حالة اكتئاب، ولم يكن يظهر أية ميول دينية، كما أنه كان يمارس الرياضة بانتظام، وكان مواظبا على دروس تعلم الرقص على موسيقى "السالسا".
وذكرت المصادر نفسها أنه توقف فجأة عن شرب الكحول قبل أسبوعين من تنفيذه للاعتداء.
وكان النائب العام في باريس، فرانسوا مولان، قد صرح، في وقت سابق، بأن المعتدي "كان معروفا لدى الأجهزة الأمنية والقضائية، على خلفية أعمال تهديد وعنف وسرقة تم ارتكابها بين عامي 2010 و2016، لكنه كان مجهولاً تماماً لدى أجهزة الاستخبارات، ولم يكن لديه أي ملف يسجل ميله إلى التطرف الديني".
من جهة أخرى، أكدت الوزيرة المكلفة بملف ضحايا الإرهاب، جولييت ميدال، أن عمليات التحقق من هويات ضحايا اعتداء نيس لا تزال متواصلة، وأن هناك 19 شخصا لم تتوصل السلطات إلى تحديد هوياتهم، وأيضا لا يزال 86 شخصا من ضحايا الاعتداء يخضعون للعلاج، من بينهم 29 شخصا، أحدهم طفل، في حالة خطرة بين الحياة والموت ويخضعون للعلاج في غرف العناية الفائقة.