واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في ظل تفاقم الغضب العالمي والاستنكار المتواصل لجريمة دوما بعد استشهاد والد الرضيع علي دوابشة، أول من أمس، بعد أسبوع من استشهاد ولده، حملاتها الرسمية المعلنة لمواجهة عناصر "جباية الثمن"، عبر اعتقال عشرة من الناشطين في هذه الجماعات، في عدد من البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة.
وفيما حاولت الجهات الإسرائيلية الرسمية الظهور بمظهر من لا يتهاون مع أعمال القتل والحرق، والإرهاب، أكدت تقارير متواترة أن الحكومة الإسرائيلية هي التي تمول جمعيات توفر الحماية القانونية والمساعدات لعناصر عصابات "جباية الثمن"، خاصة التقارير التي بثتها القناة العاشرة الأسبوع الماضي عن تمويل وزارة المالية دون غيرها لجمعية "حنانو" الاستيطانية التي توفر المشورة القضائية والقانونية لمعتقلي "جباية الثمن".
وفي هذا السياق ومع إعلان سلطات الاحتلال اليوم عن اعتقال أكثر من عشرة من ناشطي "فتية التلال" و"جباية الثمن"، أكد المحامي اليهودي المتطرف وأبرز نشطاء حركة "كهانا حاي" سابقاً، إيتمار بن غفير، في تصريح لموقع "يديعوت أحرونوت" أن: "الحديث يدور عن اعتقالات تهدف أساساً لتهدئة رجال السياسة في إسرائيل. إنني أوصي هذه الجهات أن تكتفي في المرات القادمة بأخذ حبوب مهدئة وألا تقوم بانتهاك حريات الأشخاص بدون سبب".
ويعكس تصريح بن غفير، والذي يعتبر من أبناء الجيل الأول لـ"فتية التلال"، ولعناصر "كاخ" الذين طالبوا أيضاً بنقل النشاطات إلى الداخل الفلسطيني، حقيقة دوافع الحملة التي يشنها جهاز الشاباك الإسرائيلي، بدعم وتأييد من حكومة الاحتلال، خاصة أن جهات مختلفة داخل جهاز الشاباك الإسرائيلي، كانت قد حاولت مطلع الأسبوع الماضي مع وقوع جريمة حرق بيت عائلة دوابشة، التذرع بأنه لا يملك الأدوات اللازمة لاعتقال ومحاكمة ناشطي التنظيمات الإرهابية.
وتمكن الشاباك على مدار الأسبوع من الترويج لرواية وجود تنظيم مكون من عشرات الناشطين في اليمين المتطرف، (ليسوا بالضرورة من المستوطنين، وهي حجة أراد بها الشاباك تفادي ضغوط المستوطنين، من جهة، وتبرئة ساحتهم من جهة وإيجاد مبررات لقصوره عن اعتقالهم من جهة أخرى)، وتم في هذا السياق إبراز اعتقال مئير إيتينجر، حفيد الرابي الأكثر عنصرية في تاريخ إسرائيل في الثمانينيات، مئير كهانا، وأحد الناشطين الحريديم من بني براك، للتدليل على وجود تنظيم جديد ادعى الشاباك أنه يسعى لإشاعة الفوضى وقلب نظام الحكم في إسرائيل وإقامة دولة شريعة توراتية.
وينضم إلى هذا ما صرح به اليوم، لموقع "والا"، ضابط إسرائيلي رفيع المستوى يخدم في الضفة الغربية، والذي قال إن أجهزة الأمن الإسرائيلية رصدت منذ النصف الثاني من عام 2015 ارتفاعاً في منسوب وعدد العمليات التي تنفذها جماعات "جباية الثمن" وإن هذه العمليات لم تصل للإعلام لأنها لم تسفر عن خسائر أو إصابات بشرية في صفوف المستوطنين أو الفلسطينيين.
ومن الواضح في سياق هذه التطورات، خاصة بعد استشهاد الوالد سعد الدوابشة أن الاحتلال الإسرائيلي بحاجة لأن يقدم للعالم دليلاً على رفضه الجريمة، وتبرئة ساحته من المسؤولية عن هذه الجريمة، بفعل التساهل الكبير في تعامله مع عناصر "جباية الثمن" في العمليات السابقة، خاصة أن قسماً كبيراً من عناصر هذه المجموعات، كان يهاجم القرى والمدن الفلسطينية تحت سمع وبصر وحماية جنود الاحتلال، بل كان عادة يتم تصويرهم من قبل وسائل الإعلام ومن قبل الفلسطينيين أنفسهم، حتى وإن كان بعضهم يتلثم ويخفي هويته، إلا أنه بمجرد الابتعاد عن القرية الفلسطينية محل الهجوم، كان يكشف هويته علناً بسبب اقتناعه بأن الجيش لن يقوم باعتقاله.
اقرأ أيضاً ضابط إسرائيلي: التنسيق الأمني منع الرد على حرق الدوابشة