تلميذ في الثامنة من عمره تعرّض للاغتصاب، ليس في منطقة مهجورة أو بعيدة عن الأنظار، بل داخل مدرسته، في حالة ليست الأولى في البلاد.
وتشير المعطيات الأولى الى أنّ أحد الغرباء تسلل إلى داخل المدرسة الابتدائية في حي الروضة في محافظة نابل،وتعدى على الطفل، في تكرار حادثة طفلة ذات ثلاثة أعوام تم اغتصابها في شهر مارس/آذار من العام الماضي من أحد العاملين في روضة أطفال ترتادها في جهة المرسى بالعاصمة التونسية.
وأثارت الحادثة الرأي العام التونسي وتنديد منظمات المجتمع المدني، فبعد أن كانت أحداث الاغتصاب تطال النساء فقط، بات الأطفال أيضا عرضة لها، والمثير أنها تتم داخل الفضاءات التربوية.
اغتصاب الأطفال ليست ظاهرة محلية، حيث أصدرت منظمة الصحة العالمية دراسة أشارت فيها إلى وقوع الاعتداء جنسياً وبطريقة قسرية على 150 مليون طفلة و70 مليون طفل في العالم، حتى باتت الظاهرة آفة تفتك بكل المجتمعات.
وفي حديث الى مهيار حمّادي، المندوب العام لحماية الطفولة، أكد، أن "حماية الأطفال من الاستغلال الجنسي والاغتصاب بين أولویات عمل مندوبي حماية الطفولة في كل الجهات".
وأشار إلى أنّه على الرغم من إعلان بعض الأرقام والإحصاءات التي توضح ارتفاع نسبة الاعتداء على الأطفال إلا أن الحقيقة أخطر مما هو معلن، خاصة وأن أغلب الحالات لا يتم الحديث عنها نظراً لحساسية الموقف، خصوصاً أن أغلب العائلات التي تصادفها مثل هذه الحالات تتكتم ولا تبوح، درءاً للفضيحة.
وبينت الإحصاءات عن الاعتداءات الجنسية التي تعرض لها الأطفال حدوث 152 حالة اعتداء عام 2012، فيما بلغت 332 حالة اعتداء جنسي عام 2013، انقسمت إلى 159 تحرشاً جنسيّاً و142 حالة ممارسة جنس مع الأطفال، و3 حالات تحرش باستعمال وسائل الاتصال الحديثة، و8 حالات زنا محارم، إضافة إلى 14 حالة استغلال أخرى غير مصنفة.
وذكر المندوب العام لحماية الطفولة، أنّ 262 حالة استغلال جنسي وقع التعهد بها قضائيّاً، مشيراً إلى تفشي ظاهرة الاعتداءات الجنسية بين الأطفال أنفسهم داخل المدارس والمعاهد، حیث يكون الأطفال مستهدفين بالاعتداء ممن يفوقونهم سنّا، لكن الأزمة أن الأطفال دون سن الخامسة عشر يمنع تتبعهم جزائیّا، ويتم تأديبهم بالطرد، وهذا الأمر لیس الحلّ الأمثل لحمايتهم من الانحراف لاحقاً.
وفي حديث الى أحد الأطباء في مصحة خاصة (رفض الإفصاح عن اسمه خوفاً من تهمة إفشاء أسرار مرضاه)، أكد أنّه كثيراً ما باشر علاج أطفال تعرضوا للاغتصاب والاعتداء الجنسي، الذي وإن لم يخلف أضراراً مادية كبيرة على بعضهم، إلاّ أنّه خلف حالات نفسية سيئة لدى أغلبهم، خاصة وأنّ مباشرة مثل هذه الحالات تتم بحضور طبيب نفسي.
من جهته أكّد معز الشريف، رئیس جمعیة حماية حقوق الطفل، وجود اعتداء وانتهاك كبير على الطفولة في تونس، مشيراً الى أنّ 3.3 في المائة من أطفال تونس ممن ينتظمون في المراحل الابتدائية والإعدادية والمرحلة الثانوية تعرضّوا إلى الاعتداء الجنسي، حسب آخر دراسة أنجزتها منظمة یونسیف".
وفي حديث الى الكاتب العام لنقابة التعليم الأساسي الطاهر ذاكر، حمّل محدثنا وزارة التربية مسؤولية التجاوزات الحاصلة في المؤسسات التربوية لا سيما وأنها تجاهلت مطالبهم المتعلقة أساساً بتوفير الحماية اللاّزمة للمدارس والمعاهد الثانوية. خاصة وأنّ التلاميذ اليوم باتوا عرضة للعنف بمختلف أنواعه في ظلّ غياب الحماية الضرورية في المؤسسات.