افترقا مرّتَين قبل اللقاء الآمن

17 سبتمبر 2015
أمل في بداية جديدة (العربي الجديد)
+ الخط -
من تركيا الى ألمانيا، قطع عبدالله وعبدالعزيز رحلة اللجوء الثاني، حالمين بمستقبل أفضل، وإن بعيداً عن عائلتهما التي ما زالت في سورية تواجه الموت كل يوم. وإذا كانا قد عانا من صعوبات في هروبها الأول إلى تركيا، فإن الطريق إلى أوروبا كان محفوفاً بالمخاطر وفرّق بين الشقيقَين مرّتَين، الأولى في النمسا والثانية في ألمانيا. لكن القدر لعب دوره، فالتقيا من جديد. واليوم، تختصر عبارة عبدالعزيز (20 عاماً) "في صدورنا دمعة وعلى وجوهنا عيد"، شعوره ببلوغه وشقيقه الذي يكبره عامين اثنين "برّ ألمانيا الآمن" قبل يومَين.

في إحدى الصالات الرياضية في مقرّ الشرطة الرئيسي في مدينة بريمن، التي تحوّلت إلى مركز استقبال للاجئين، كان يجلس عبدالعزيز. مرّت ساعات قليلة على وصوله إلى المدينة، بعد رحلة استغرقت نحو عشرة أيام. في تلك الصالة كان يرتاح، شأنه شأن أعداد من الوافدين الذي أتوا من ميونخ، بعدما اتخذت الشرطة قراراً بتوزيعهم على المدن الألمانية وأمّنت لهم المستلزمات الضرورية كافة، في انتظار نقلهم إلى مراكز إيواء خاصة في وقت لاحق.

يتحدّث عبدالعزيز عن قلقه على مصير شقيقه الذي أضاعه للمرة الثانية في ميونخ، حيث التقيا بعدما كانا قد افترقا في النمسا على أثر وصول القطار في لحظة مفاجئة. حينها، راح المهاجرون يتدافعون للصعود إليه، فضاع الشقيقان بين الجموع. يقول: "في المحطة نفسها التي التقينا فيها بعدما تمكّنا من التواصل عبر خدمة واتساب، عدنا لنفترق بعد ساعات قليلة".

ويشير إلى أن "شبكة الإنترنت المجانية كانت هدية ثمينة بالنسبة إلينا. لكن في وقت لاحق، لم يكن أمامي إلا خيار استقلال القطار الذي قالوا لنا إنه يتجه إلى شمال ألمانيا، بينما كان شقيقي في دورة المياه. ولحظة عودته، كان موظفو سكك الحديد قد أمروا الجميع بالتراجع إلى الوراء، بعدما امتلأ القطار". يضيف أنّ "عدم امتلاكنا اللغة الألمانية صعّب مهمة شرح وضعنا للموظفين، وكان بالتالي الفراق الثاني. على الرغم من ذلك، كان قلبي مطمئناً، إذ إننا متفقان على أنّ وجهتنا هي ألمانيا. ولا بدّ أن نلتقي من جديد".

ويعود إلى بداية رحلتهما، فيروي: "انطلقنا معاً من إزمير التركية ومررنا باليونان ومن ثم مقدونيا ومنها إلى صربيا، قبل أن نقطع الطريق من محطة القطارات في المجر إلى النمسا سيراً على الأقدام. حينها، رفضنا أن نستقل الحافلات التي وفرتها لنا السلطات المجرية، بسبب الضغط والزحمة التي تسببت بها أفواج المهاجرين في محطة قطارات بودابست. وكانت القطارات قد منعت من التحرك باتجاه النمسا ومنها الى ألمانيا، لذا قررنا الالتحاق بمجموعات كبيرة من هؤلاء المهاجرين الذين سلكوا الطرقات الرئيسية نحو ألمانيا".

ويلفت عبد العزيز إلى أنه "بقدر ما كنا ندرك مدى صعوبة هذه الرحلة، كان وجودنا مع مجموعة من الأصدقاء يشعرنا بشيء من الطمأنينة. كنا نشجّع بعضنا بعضاً على التحمّل، حتى نبلغ بلاداً لن تنبذنا بل ترحّب بنا". وهو يسرد محطات رحلته، كان الشاب يحاول البحث عن وسيلة تمكّنه من التواصل عبر شبكة الإنترنت مع شقيقه. هو يريد الاطمئنان عنه.

وصله أنّ أصدقاءه تمكنوا من التواصل مع أقربائهم من خلال خدمة "هوت سبوت". لم يتمكّن من النوم هذه الليلة، "همّي النجاح في الاتصال بشقيقي، ما إن يحلّ الصباح". وبعث إليه رسالة عبر "واتساب". تأكّد من أنها بلغته، ولم يعد أمامه إلا ترقّب الردّ. خلال أقلّ من ساعتين، تواصل الشقيقان واتفقا على اللقاء في برلين. كان عبدالله قد وصل إليها وحاول البقاء فيها، "إذ إن العاصمة تبقى المحطة الأسهل". ويأمل عبدالعزيز أن تكون "بداية جديدة لمستقبل أفضل له ولشقيقه".

إقرأ أيضاً: المهرّب المجري الذي أعاد المال للمهاجرين
المساهمون