يبدو واضحا أن الشعور الأوروبي عموماً، والألماني خصوصاً، بفشل اعتماد سياسة هجرة ولجوء أوروبية جماعية باتت تحرك الساسة الألمان في مقترحاتهم الجديدة. فوزارة الداخلية الألمانية ترغب في إحداث تغييرات جذرية تحدّ من وصول العابرين للبحر المتوسط إلى الشواطئ الأوروبية، بعد أن فشلت سياسة توزّع القادمين إليها.
وتقضي الخطة الألمانية، وفقا لـ"فيلت" بـ"القضاء على إمكانية مهربي البشر نقل هؤلاء عبر المتوسط". ووفقا للداخلية الألمانية "يكون بالإمكان توقيف المراكب في عرض البحر، وإعادة المهاجرين إلى تونس ومصر ودول أخرى في شمال أفريقيا، ويستطيع هؤلاء تقديم طلبات اللجوء من هناك. ومن تقبل طلباتهم يجري نقلهم إلى أوروبا بطريقة آمنة".
وزير الداخلية الألماني، توماس ديميزير، نقلت عنه الصحيفة أن "التجربة الأسترالية في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية مثال واضح". وتشير المقترحات الألمانية إلى أنها أساسا "تهدف إلى خنق تجارة التهريب، وتربّح بعضهم من رحلات خطرة، باتت تكلّف أرواح الآلاف المتجهين نحو إيطاليا".
لا يشمل المقترح الألماني إعادة اللاجئين والمهاجرين إلى ليبيا على سبيل المثال "بل إلى دول أخرى تقام فيها نقاط تجميع لدراسة طلباتهم".
وكانت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، تعرضت، في الآونة الأخيرة، لضغوط داخلية كبيرة داخليا بسبب سياسة "الهجرة المتساهلة"، وفقا لأشد منتقديها في حزب "البديل لأجل ألمانيا". وحصد الأخير عدداً من النجاحات الانتخابية المحلية في عدد من الولايات التي هزمت فيها ميركل تحت وابل النقد اللاذع لسياسة حكومتها.
ويبدو أن الائتلاف الحاكم في برلين بات يستشعر خطر الهجرة على مكانته في الانتخابات العامة عام 2017، كما يبدو أن سياسة "الحد من استقبال اللاجئين" الجديدة لا تروق للمعارضة اليسارية. فحزب "دي لينكه" يقول، وفقا لـ"ديفلت"، على لسان السياسي بيرند رايكسنغر، إن "التشديدات المقترحة تعتبر فضيحة إنسانية، وتسير خطوة أخرى باتجاه إلغاء حق البشر في اللجوء".
هؤلاء المعارضون لتبني النموذج الأسترالي في أوروبا يرون أيضا أن "اللاجئ الذي لا يستطيع القدوم إلى بلد اللجوء لدراسة طلبه، يفقد حقه القانوني في متابعة قضيته، والحصول على استشارات لا تتوفر في نقاط التجميع، إضافة إلى أن التعامل الأسترالي مع طالبي اللجوء أمر غير مقبول البتة"، وفقا لما قاله أيضا رايكسنغر.
وفي الاتجاه ذاته، وجّه حزب الخضر انتقاده للتشديدات المقترحة، إذ لفتت زعيمة الحزب كاترين غورينغ إيركاردت إلى "سياسة التخويف لإبعاد اللاجئين عن حقهم في طلب اللجوء، بدلا من إيجاد حلول مشتركة".
وبحسب الأرقام الصادرة عن منظمة الهجرة العالمية (IOM) في الأسبوع الماضي، وصل أكثر من 159 ألف إنسان إلى إيطاليا عبر المتوسط منذ بداية العام الحالي 2016. وسجل شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بحسب السلطات الإيطالية، وصول 28 ألف طالب لجوء، أي ثلاثة أضعاف عدد الواصلين في الشهر ذاته من العام السابق. وتقول المنظمة إن "4220 إنسانا فقدوا أرواحهم وهم يحاولون الوصول، في حين شهد العام الماضي 2015 موت 3777 إنسانا في محاولة العبور بحرا".
وزير الداخلية الألماني، دميزير، رد على تلك الانتقادات، وفقا للصحيفة، بالقول "ليس هناك نقاش للمقترح على مستوى الاتحاد الأوروبي". وأكد الوزير ضرورة "الالتزام بالمواثيق والمعاهدات التي تضمن حقوق الإنسان، والتي لا غنى عنها أبدا في دراسة أية حلول ومقترحات".