وفي وقت يدور فيه الجدل حول الاقتراح بين مؤيد ومعارض، لا بدّ من الإشارة إلى أن نساء بريطانيا حظين بتلك الخدمة لما يزيد عن قرن من الزمن، وعملت الحكومة على إلغائها منذ عقود مضت، لتزول معها لافتات كانت تلصق على زجاج المقصورة المخصصة للنساء فقط.
ولاتزال العديد من البلدان حول العالم توفّر تلك الخدمة للمرأة، مثلما هو الحال في الهند واليابان والمكسيك. بينما تطرح الفكرة للنقاش في بريطانيا اليوم، وتتناولها الصحافة ذاتها التي أعلنت عن اختفائها في مارس/آذار 1977، حين لم يتبقّ منها سوى نحو مئة مقصورة تتنقّل بين لندن ومقاطعة إيسكس شمال شرق العاصمة.
وبدأت الخدمة في بريطانيا عام 1874، بعد أن تلّقت الشرطة البريطانية شكاوى عن التهجّم على النساء المسافرات، وذلك وفق مؤرخ السكك الحديدية بجامعة يورك، ديفيد ترنر، والذي أنجز بحثاً عن الموضوع.
وزاد الطلب على مقصورات النساء آنذاك، بعد أن ألقي القبض على كول فالنتاين بيكر (49 عاماً) لتحرّشه جنسياً بامرأة في الواحدة والعشرين من العمر في يونيو/حزيران 1875، وأجبرت الضّحية على الفرار عبر الباب الوحيد للمقصورة الذي يفتح من الخارج، وكادت أن تفقد توازنها وهي تمسك بمقبض الباب وبقيت على تلك الحالة حتى توقّف القطار.
من جانبها قالت المؤرخة فيرن ريديل، إنّ النساء المسافرات وحدهن كنّ يخشين التعرّض لهنّ لدى عبور القطار في الأنفاق المظلمة، ويقال إنّ تلك المقصورات تعود جذورها إلى العهد الفيكتوري، حين كانت المرأة خاضعة ومنقادة وينبغي عليها أن تعرف عن مكانها.
وتضيف ريديل أنّ المرأة في تلك الفترة كانت عرضة للتحرّش اللفظي والجسدي في الأماكن العامّة وكانت هي أحد أسباب المشكلة، وما كان عليها سوى أن تطالب بحمايتها كما تفعل الكثيرات منهنّ اليوم.
ويروى أنّه خلال الحرب العالمية الأولى، كانت إحدى الطالبات تسافر على متن مقصورة خاصة بالنساء من مدينة ليفربول إلى لندن، فجلست إلى جانب راهبتين. ولم تمض مدّة حتى لاحظت أنّ معصم إحدى الراهبتين أقرب إلى رجل من امرأة. فأصيبت الفتاة بالخوف وأبلغت رجال الأمن حين توقّف القطار، فألقي القبض على الراهبتين المتنكّرتين على اعتبار أنهم جواسيس ألمان.
وفي عام 1936 أعلنت سكك حديد "جريت ويسترن" عن توفير مقصورات خاصة بالنساء اللواتي يسافرن وحدهنّ، بيد أنّ غالبية النساء فضّلن الابتعاد عنها. وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته، قال وزير النقل البريطاني، ليسلي هور بيلشا، في مجلس العموم، إنّ النساء يفضلنّ استخدام المقصورات المختلطة على تلك الخاصّة بهنّ، وفق المعلومات التي وصلته.
ومع مرور الزمن بات استخدام تلك المقصورات شبه نادر، خاصّة مع حلول عام 1960. وألغيت لاحقاً تلك المقصورات، لكن المطالبة بإعادتها لا تزال مستمرة، منذ ذلك الحين حتى اليوم.
بيد أنّ تقريراً صادراً عن دائرة النقل من جامعة ميديلسكس، قال إنّ إعادتها بمثابة العودة خطوة إلى الوراء وقد تمثّل إهانة وإحراجاً للرجال والنساء.
اقرأ أيضاً: مثقفات بريطانيا الأكثر تناولاً للكحول