سُجلت الأرض في مدينة مارينا العلمين كأرض أثرية بقرار رئيس الوزراء رقم 1743 لسنة 2000 بمعاينة وزير الثقافة السابق فاروق حسني، ووزير الإسكان السابق إبراهيم سليمان، ولجنة مشكلة من 17 آثاريًا، نظرًا لاحتوائها على ميناء مهم في العصور اليونانية والرومانية والمسيحية، فضلًا عن وقوعها على منحدر طبيعي يحتوي على مقابر وكنيسة وورش من العصر اليوناني والروماني والبيزنطي، وهو جزء مهم جدًا من تاريخ مصر لأنه يؤرخ للملاحة في البحر المتوسط.
الجدير بالذكر، أنّه في إبريل/ نيسان من عام 2016، أوقفت وزارة الآثار عمل مدير عام الحفائر والبحث العلمي بمنطقة آثار مارينا العلمين فهيمة النحاس، في المنطقة الأثرية رغم الاكتشافات المهمة التي حققتها، لصالح أحد رجال الأعمال ومشروعه السياحي في منطقة مارينا. وبحسب ما أكدته النحاس فإنها أرسلت تقريرًا علميًا إلى المسؤولين بالوزارة تؤكد وجود اكتشافات أثرية مهمة في منطقة مارينا، وطالبت باستكمال أعمال الحفر لاكتشاف المزيد من الآثار الموجودة، وحذرت من أن إقامة أية مشروعات كبيرة أو حفر غير يدوي، يؤدي إلى انهيار المقبرة المكتشفة وضياع الأمل في اكتشاف المقبرة الجديدة المحتملة.
وأوضحت النحاس في تقريرها الذي حصلت عليه "العربي الجديد" أن اكتشاف ذلك الموقع جاء عن طريق الصدفة في أثناء عمل الجرافات تمهيدًا لإنشاء أول قرية سياحية عام 1985 دمرت جزءًا كبيرًا من المدينة الأثرية ومينائها، وتم الاحتفاظ بالمساحة المتبقية بقرار رئيس الوزراء عام 2000. وجاء في التقرير أن "البعثة المصرية البولندية بدأت اكتشاف العناصر الأثرية بالموقع، وأظهرت مقابر منحوتة في الصخر من عدة طرز معمارية، كما عُثر على منشآت ضخمة بالقرب من الميناء، وكنيسة ذات 3 أجنحة تتجه من الشرق للغرب، والعديد من المنازل، كما ظهرت عدد ست عملات برونزية عليها طبقة أكسدة وبأحجام مختلفة تم تسليمها لقسم الترميم لإجراء أعمال التنظيف لها، حيث أظهرت بعضها بعض النقوش على أحد الوجهين أو كليهما لرموز وصور لبعض الأباطرة الرومان. وبعد عرض صور لهذه العملات على الدكتورة فتحية السلامي بقسم الآثار اليونانية والرومانية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، أفادت بأنها عملات رومانية من النوع المحلي أو من فئة الاّس وإحدى الصور التي تظهر ربما كانت للإمبراطور تراجان، فالنقش ليس واضحاً ويحتاج إعادة تنظيف، وعلى الأرجح العملات ربما يمكن تأريخها بالقرن الأول وأوائل القرن الثاني الميلادي مقارنة بين هذه النقوش وما تظهر شبيه لها على وجه العملات الرومانية بما يؤرخ العملات بالعصر الرومانى المبكر. أما المرحلة الثانية من أعمال الحفر فكانت عام 2014، وأظهرت مجموعة من العناصر المعمارية. ثم بدأ العمل مرة أخرى سنة 2015، حيث تم فتح بعض المجسّات على بعضها، وظهرت عملة معدنية، كما لوحظ وجود مقبرة إلى الاتجاه الغربي قليلاً يظهر منها نحو 6 درجات لسلم، وأيضًا يظهر جزء من سقف مقبى". وقالت النحاس إن "استمرار العمل ربما يُظهر مقبرة أخرى على نفس الاتجاه، حيث إن المقبرة منحوتة في الهضبة الصخرية نفسها"، لكنها حذرت في الوقت ذاته من أن "أي حفر غير يدوي بهذا الجزء من المؤكد أنه سيؤدي إلى انهيار هذه المقبرة، مثلما حدث في الجزء الغربي والذي تسبب في انهيار السقف على باقي أجزاء المقبرة".
وبحسب الخبيرة الآثارية، إيمان عبد الخالق، تُعدُّ مدينة مارينا الأثرية، بما تحمله من سمات المدينة الرومانية المتكاملة، نموذجًا متكاملاً ومُتميزًا، وذلك لما تحويه من عناصر أثرية متميزة ومتفردة عن غيرها من المناطق الأثرية، ومنها "السوق الروماني"، الذى يُوجد في منتصف المدينة الأثرية، ويُعدُّ السوق، فضلاً عن كونه سوقًا لعمليات البيع والشراء، مكانًا لاجتماعات العامَّة وإقامة الانتخابات، حيث تم العثور على مَنَصَّة للخطابة في الجنوب الغربي لسوق مارينا العلمين، ومن ملحقات السوق "الحمام الدائري"، ويرجع إلى العصر البطلمي في القرن الأول قبل الميلاد، بالإضافة إلى الحمام الروماني الذي يعود إلى القرن الأول الميلادي.
وتُرجع عبد الخالق تاريخ الحياة في مدينة مارينا العلمين الأثرية، من خلال بعض الأدلة الأثرية الثابتة والمنقولة، إلى 101 ق.م، وأن الحياة توقفت بالمدينة نتيجة الهزَّة الأرضية التي حدثت بجنوب البحر المتوسط، وأدَّت إلى تدمير معظم المدن الساحلية الواقعة على البحر المتوسط، ومنها مدينة مارينا العلمين الأثرية.
وأشارت عبد الخالق إلى الكثير من الاكتشافات الأثريَّة الحديثة في المنطقة. فقد تم الكشف عن معظم الأجزاء الرئيسيَّة للحمام الروماني وهي: "حجرة المياه الباردة، وحجرة المياه الدافئة، وحجرة المياه الساخنة، وساحة الألعاب الرياضية المكشوفة، ودَوْرَتا مياه إحداهما خُصصت للرجال والأخرى للنساء"، فضلًا عن ذلك أُلحق بالسوق البازيليكا (المحكمة التجارية الرومانية)، ومُلحق بها منزل لسكن القائمين على خدمة البازيليكا، كما تم الكشف عن بعض المحال التجارية بالقرب من السوق، والبعض الآخر بالقرب من الحي السكني بالمدينة، وتم العثور على بعض صهاريج المياه في أطراف المدينة، بالإضافة إلى المقبرة التي شاركت في الكشف عنها مؤخرًا؛ وتحتوي على خمسين مومياء مختلفة الأعمار ومتنوعة الجنس، وهذه الاكتشافات بداية لاكتشافات أثرية عظيمة.