في العام الماضي وبينما كنت أتنزه بين رفوف المجلدات القديمة في المكتبة، عثرت على كتاب بدا أن القراءة لم تحالفه منذ زمن. إنها يوميات المفكر السياسي الصيني سو شي (1037 – 1101) التي كتبها في المنفى.
فتحت دفتري ودوّنت بضعة مقاطع كتبها في وصف مرآته المصنوعة في زمن "هان" من البرونز: "كان سواد البرونز في هذه المرآة كالحبر، وعلى يمين الإطار نقش لتنين وعلى يساره نقش لنمر. أما ظهرها فمنحوت من الزمرد، ولشدة التماعه، يظهر وجهك موزعاً بين النقوش وكأنها مرايا صغيرة وأنت بينها تتشظى. وإن رفعتها سترى المارة من خلفك يعبرون منها كالأقزام. لقد سمعت أن كل مرايا ذلك الزمان كانت هكذا".
ويكمل بعد عدة فقرات "إذا استخدمت البرونز كمرآة تستطيع أن تعدّل ثيابك وطاقيتك. إذا استخدمت الماضي والتاريخ كمرآة يمكنك أن تفهم آليات الصعود والسقوط. إذا استخدمت الآخرين كمرايا يمكنك أن تفطن لشروط النجاح والفشل. أحتفظ بالمرايا الثلاث بهذا الترتيب لأتحاشى الخطأ"...
ويكمل: "كانت عيون القدماء غير كافية لرؤية أنفسهم، ولذلك استخدموا المرايا لتفحص وجوههم، حكمتهم لم تكن تكفي لمعرفة أنفسهم، فاستخدموا وسيلة لتصويب ذواتهم. المرايا ليست ملامة على العيوب التي تكشفها. وهي بريئة مما تجلب إلى الضوء. من دون المرايا لا سبيل لرسم الحاجبين وسالفي الشعر، ومن دونها لا يمكن أن يعرف المرء أين أخطأ وهو يفعل ذلك".
