ويجد المئات من المرضى من مختلف الأعمار بدءاً من كبار السن، وحتى الأطفال الصغار في مراكز، وعيادات العلاج بالأعشاب الطبية وسيلة لعلاج أمراضهم المستعصية نتيجة فقرهم الشديد الذي يمنعهم من مراجعة العيادات الطبية، أو زيارة المستشفيات لعدم قدرتهم على دفع مبالغ الأدوية، وفحوصات الأطباء.
وانتشرت عيادات العلاج بالأعشاب الطبية بشكل ملفت، يديرها مختصون في طب الأعشاب يعرفون في العراق بـ"العشّابين".
وقال الحاج خضر (61 عاماً) صاحب محل صغير لبيع الأعشاب، إن "الإقبال على العلاجات العشبية يتزايد بشكل كثيف، فهي مفيدة لمختلف الأمراض وزهيدة الثمن مقارنة بالأدوية التي يعجز الفقراء عن اقتنائها من الصيدليات بسب ارتفاع أسعارها".
وأكد لـ"العربي الجديد" أن مهنتهم تعتمد على الطب العربي القديم، وتستند إلى ما ألفه علماء الطب القدامى كالرازي وابن سينا وابن النفيس. مبيناً أنهم يعتمدون أيضاً على الطب الحديث وما طرأ عليه من اكتشافات حديثة.
وأوضح أن الأعشاب تصلهم عبر تجار مختصين في المجال يجلبون الأعشاب من مختلف دول العالم كالهند والصين وباكستان ودول الخليج والمغرب العربي، معتبراً أن بعض النباتات صحراوية وأخرى جبلية أو سهلية، وعادة يجمعها مختصون في المجال.
ويشتكي العراقيون من ارتفاع أسعار الأدوية في الصيدليات بشكل غير مسبوق في ظل ضعف الرقابة الحكومية على الصيدليات الحكومية، والأهلية.
وأوضح المواطن فيصل طاهر (36 عاماً) أن "الصيدليات أصبحت أماكن للتجارة، والربح عبر بيع أدوية بأسعار باهظة جداً لا يستطيع المواطن البسيط اقتناءها، معتبراً أن أقل وصفة تتراوح بين 50 و75 ألف دينار، فضلاً عن أجرة كشف الطبيب التي تتراوح بين 25 إلى 35 ألف دينار (25 دولاراً) في أغلب المدن وأجهزة الفحص كالسونار والأشعة وقياس نبضات القلب، وغيرها".
وبين طاهر أن مريضاً مصاباً بجلطة دماغية على سبيل المثال يحتاج إلى ما لا يقل عن 500 ألف دينار (400 دولار) للفحص ما بين كشف الطبيب وثمن فحص أجهزة القلب والشرايين، والدواء. وهو ما دفع المواطنين للتوجه نحو العلاجات العشبية فهي أرخص وأفضل بكثير من العلاجات الكيميائية.
اقرأ أيضاً:الأمراض النفسية تهاجم السوريين
ويقبل العراقيون على الأدوية العشبية، ليس فقط بسبب انخفاض أسعارها، أو لأنها متوفرة في الأسواق دائماً، بل لفوائدها العديدة ومزاياها في علاج أمراض قد يعجز الطب الحديث عن مداواتها، وهو ما يؤكده "العشّابون".
وكشف خبير الأعشاب، عبد الله الحسني، أنَّ الأعشاب مفيدة لأصحاب الأمراض المزمنة، والمستعصية كأمراض الكلى، والقلب، والشرايين، والكبد، والضغط، والسكري.
وقال الحسني لـ"العربي الجديد": "عندما يأتي المريض إلى مركز العلاج بالأعشاب، نسأله عن مرضه بدقة، ونطلع على كافة التحاليل والتشخيصات والفحوصات الطبية التي أجراها لنصف له العلاج المناسب من النباتات العشبية".
وتابع خبير الأعشاب أنهم عالجوا الكثير من الأمراض المستعصية خاصةً بالنسبة للأمراض المزمنة كالسكري عبر استخدام نوع من الأعشاب التي تنشط البنكرياس تمهيداً للقضاء على المرض، معتبراً أن النبتة سهلة الاستعمال، ومتوفرة بكثرة، ورخيصة الثمن، وأن مضاعفاتها الجانبية تكاد تكون منعدمة.
وأنشأت وزارة الصحة العراقية بموجب قرار صدر في سبتمبر/أيلول 1989 مركزاً خاصاً بالأعشاب الطبية، وكيفية العلاج بها. ويقدم المركز خدماته العلاجية للمواطنين حسب قوانين الأدوية العشبية العلمية والتقنيات المعتمدة عالمياً.
من جانبهم، عزا باحثون منافسة طب الأعشاب، والطب البديل للطب الكيميائي إلى تردي واقع المؤسسات الصحية من جانب، وشح الأدوية وارتفاع أسعارها من جانب آخر.
وأشار الباحث داوود صالح إلى أن عيادات طب الأعشاب، والطب البديل في العراق شهدت إقبالاً واسعاً من قبل المواطنين لسببين رئيسيين، أولهما شح الأدوية اللازمة لعلاج الأمراض المستعصية والمزمنة، والسبب الثاني هو ارتفاع سعر الدواء في الصيدليات بشكل كبير لا يتلاءم وإمكانيات المرضى.
ويرى باحثون ضرورة تطوير طب الأعشاب، والطب البديل، من خلال عقد المؤتمرات والندوات العلمية التي تمكن من دمج الاكتشافات الطبية الحديثة بعلم الأعشاب.
اقرأ أيضاً:العطارة.. مهنة مزدهرة رغم تقدم الزمن