وكانت قوات النظام السوري قد سيطرت في الأسابيع الأخيرة على مجمل المناطق في جنوب وغرب البلاد، ما دفع مئات العاملين في مجل الإغاثة والإعلام إلى الفرار والتوجه نحو الشريط الحدودي مع الجولان السوري المحتل، وقد صدرت مناشدات عدة لإنقاذ حياتهم.
وكانت ثلاث دول غربية، هي بريطانيا وألمانيا وكندا، قد قدّمت تعهداً خطياً ملزماً قانونياً، بإعادة توطين السوريين الـ800 خلال فترة زمنية محددة، "بسبب وجود خطر على حياتهم"، لم تحدده.
ونقلت الخارجية الأردنية عن متحدثها السفير محمد الكايد، قوله "تمت الموافقة على الطلب لأسباب إنسانية بحتة".
وبحسب المصدر ذاته، فقد "فرّ هؤلاء المواطنون السوريون الذين كانوا يعملون في الدفاع المدني بالمناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة السورية (لم يحددها) بعد الهجوم الذي شنّه الجيش السوري في تلك المناطق".
وأضاف الكايد أنّ "هؤلاء المواطنين السوريين سيبقون في منطقة محددة (لم يذكرها) مغلقة خلال فترة مرورهم عبر الأردن، التي التزمت بها الدول الغربية الثلاث على أنّ سقفها ثلاثة أشهر".
ولفت إلى أنّ "الأردن الذي يستضيف 1.3 مليون سوري لم ولن يتوانى عن أداء واجبه الإنساني رغم الأعباء الكبيرة التي يضعها ذلك على المملكة".
وأشار الكايد إلى أنّ "تنظيم عملية مرور المواطنين السوريين يتم بإدارة الأمم المتحدة، وأنّها لا ترتب أي التزامات على الأردن".
ولم يوضح المتحدث مكان وجود السوريين الـ800 الآن، أو يذكر تفاصيل حول ترتيبات عملية نقلهم من سورية إلى الأردن، أو موعدها.
بدوره، أكد مدير الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) رائد صالح، إنه تمّ إجلاء عدد من المتطوعين من عناصر المنظمة مع عائلاتهم من محافظة القنيطرة، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
وأضاف صالح، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن عملية الاجلاء تمت لـ"ظروف إنسانية بحتة، حيث كانوا محاصرين في منطقة خطرة"، مشيراً الى أنه سيقدم مزيداً من التفاصيل يوم غد الإثنين.
يذكرُ أن الأردن أغلق حدوده مع سورية، التي يصل طولها إلى 375 كيلومتراً، بعد تفجيرات الرقبان التي جرت في يونيو/ حزيران 2016، وأودت بحياة 7 عسكريين أردنيين.
وتشنّ قوات النظام السوري، منذ 19 يونيو/ حزيران الماضي، عملية عسكرية واسعة في محافظة درعا جنوبي سورية، انضمّت إليها حليفتها روسيا، وحققت بفضلها تقدماً سريعاً على حساب الفصائل المعارضة.
وأجبرت العملية العسكرية للنظام السوري وحليفته روسيا، في محافظة درعا، عشرات الآلاف من المدنيين على الفرار من بلداتهم وقراهم، خصوصاً في الريف الشرقي، وتوجّه معظمهم إلى المنطقة الحدودية مع الأردن الذي أكّد أنّه سيبقي حدوده مغلقة.
جيش الاحتلال يقرّ بسرية عملية النقل
إلى ذلك، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي إن جيش الاحتلال ساعد الليلة الماضية في إكمال نقل نحو 800 ناشط سوري من نشطاء منظمة الدفاع المدني السوري، "الخوذ البيضاء"، مع عائلاتهم من جنوب سورية إلى الأردن.
وقال موقع "يديعوت أحرونوت"، نقلاً عن الجيش الإسرائيلي، إن العملية تمّت بناء على طلب من الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى، وذلك بفعل "الخطر الذي يهدد حياة هؤلاء الناشطين".
وبحسب "يديعوت أحرونوت"، تمّ نقل هؤلاء الناشطين إلى الأردن عبر حافلات إلى الأراضي الأردنية وتحت حراسة من القوات الإسرائيلية، وتحت سرية تامة، خوفاً على حياة الناشطين في منظمة "الخوذ البيضاء".
وبحسب بيان جيش الاحتلال، فقد "تمّ إجلاء المدنيين من منطقة الحرب في جنوب سورية بسبب تهديد مباشر لحياتهم، وذلك في بادرة إنسانية استثنائية"، مشيراً إلى أن إسرائيل "لا تزال تحتفظ بسياسة عدم التدخل في ما يتعلق بالصراع السوري، وستواصل اعتبار النظام السوري مسؤولاً عن جميع الأنشطة في الأراضي السورية".
ألمانيا تدخل على الخط
إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، اليوم الأحد، أنّ بلاده ستستقبل عدداً من عناصر "الخوذ البيضاء"، مذكّراً بأنّ "العديد من أعضاء هذه المنظمة دفعوا حياتهم أو صحتهم ثمناً لإنقاذ المدنيين".
وقال ماس، في تصريحات لصحيفة "بيلد" الألمانية، أوردتها "الأناضول"، إنّ "منظمة الخوذ البيضاء أنقذت أكثر من 100 ألف شخص منذ بداية النزاع السوري"، مضيفاً أنّ "الجهد الذي قامت به المنظمة يستحق الإعجاب وكل التقدير".
ولفت إلى أنّ "كثيراً من أعضاء منظمة الخوذ البيضاء يواجهون حالياً خطراً على حياتهم في ظل الزحف العسكري للنظام"، معتبراً أنّ "الإنسانية تقتضي أن يجد كثير من هؤلاء الشجعان الذين جرى إنقاذهم، الحماية والمأوى، وبعض منهم سيجدها في ألمانيا حيث سنستقبلهم".
وفيما لم يذكر ماس عدد أعضاء الخوذ البيضاء الذين ستوفر لهم ألمانيا الحماية والمأوى، نقلت صحيفة "بيلد"، عن مصادر رفيعة لم تسمها، أنّ ألمانيا قررت استقبال 50 شخصاً من أعضاء المنظمة.
وقالت الصحيفة إنّ قرار السلطات الألمانية توفير الحماية والمأوى لهؤلاء الـ50، جاء بعد تنسيق بين وزارتي الخارجية والداخلية الألمانيتين.
وكانت الصحيفة قد أشارت إلى أنّه "تم إجلاء الناشطين تحت رعاية الأمم المتحدة بعد مفاوضات بين النظام السوري والحكومتين الأميركية والروسية".
وأكدت الصحيفة الألمانية أنّ "عملية الإخلاء بدأت نحو الساعة التاسعة والنصف من مساء السبت، حيث عبر أعضاء الدفاع المدني السوري بأمان المناطق الحدودية في الجولان السوري إلى الطرف المحتل إسرائيلياً، بمراقبة ممثلي الأمم المتحدة، وتمّ نقلهم إلى الأردن".