اتهمت مصادر قطرية، السلطات الإماراتية، بالسعي لخلق أزمات جديدة، بهدف التصعيد في الأزمة الخليجية، التي تقارب إتمام شهرها العاشر دون حلحلة، بسبب تعنت دول الحصار.
وكانت الأزمة الخليجية دخلت مطلع العام الحالي طوراً جديداً، حيث بدأت كل من الإمارات والبحرين، في شهر يناير/كانون الأول الماضي، في ترويج اتهامات لقطر، بالتعرض لسلامة طائراتها المدنية. وتقدمت السلطات الإماراتية، بشكوى إلى منظمة الطيران المدني التابعة للأمم المتحدة، ضد قطر، بتعريض سلامة طائراتها للخطر، وهي الشكوى التي سبق أن نفتها السلطات القطرية، كما نفتها القيادة المركزية الأميركية في بيانٍ أصدرته بهذا الخصوص، بعدما تكررت الشكوى الإماراتية الشهر الماضي.
واللافت ما كشفته هيئة الطيران القطرية في بيان أصدرته في هذا الصدد عن "استمرار هيئة شؤون الطيران المدني في مملكة البحرين بتجاهل تنبيهات الهيئة بدولة قطر للطائرات التي لا تخضع لاتفاقية شيكاغو، والتي تقوم باستمرار باختراق الأجواء القطرية"، وهو ما يؤكد وفق مراقبين خليجيين، الرغبة في التصعيد لدى الدولتين ضد قطر.
وردّ المحلل السياسي والإعلامي القطري جابر الحرمي على الاتهامات الإماراتية لقطر بالتعرض لسلامة طائراتها المدنية، بالقول إن "الإمارات تريد افتعال أزمات جديدة، بهدف مزيد من التصعيد في الأزمة الخليجية، وسعياً منها لإطالة الأزمة، وتمرير أجندات داخلية وخارجية في الإقليم وخارجه".
وأضاف الحرمي في معرض ردّه على أسئلة "العربي الجديد"، أن الاتهامات الإماراتية لقطر ليست بالجديدة، وهي تأتي في إطار التغطية على الشكاوى التي قدمتها الدوحة لمجلس الأمن والأمم المتحدة عن اختراق مقاتلات عسكرية وطائرات شحن عسكرية إماراتية للمجال الجوي القطري". وذكر الحرمي بأن الادعاءات الإماراتية نفتها القيادة المركزية الأميركية قبل فترة، عندما ادعت الإمارات تعرض مقاتلة قطرية لإحدى طائراتها المدنية.
واعتبر الحرمي أن "الغريب في الأمر أن الإمارات تدعي أن هذه المضايقات تحدث في المجال الجوي البحريني. وهو ما لا تعلن عنه البحرين، إنما الإمارات هي التي تعلن ذلك، لتأتي لاحقاً البحرين وتندد بالاختراق القطري".
ولوحظ أن رئيس شرطة دبي ضاحي خلفان قد استغل الادعاءات الإماراتية، ليحرض على إسقاط الطائرات القطرية، كاتباً في "تغريدة" على حسابه على موقع" تويتر": "اقتراب طائرات قتالية قطرية من طائرات مدنية إماراتية لغايات إحداث رعب لدى المسافرين نموذج من نماذج إرهاب تنظيم الحمدين، المفروض إذا تعرضت مقاتلات قطرية لطائرات مدنية أن تسقط... حتى يتأدب تنظيم الحمدين".
من جهتها، نفت الهيئة العامة القطرية للطيران المدني القطري جملة وتفصيلاً ما ورد في بيان هيئة الطيران المدني في الإمارات، وبيان هيئة شؤون الطيران المدني في وزارة المواصلات والاتصالات البحرينية، حول التعرض لطائرتين مدنيتين إماراتيتين، مشيرة إلى أن ذلك محاولة للتغطية على الاختراقات المتعددة للأجواء الإقليمية القطرية.
كما لفتت الهيئة في بيان لها، أمس الاثنين، إلى استمرار هيئة شؤون الطيران المدني في مملكة البحرين بتجاهل تنبيهات الهيئة في دولة قطر للطائرات التي لا تخضع لاتفاقية شيكاغو، والتي تقوم باستمرار باختراق الأجواء القطرية. وقالت الهيئة في هذا الصدد إنها "تستغرب صدور مثل هذا البيان"، وإنها "في الوقت ذاته، تؤكد التزام دولة قطر بأعلى معايير الجودة والسلامة الدولية للملاحة الجوية".
وكانت الهيئة العامة للطيران المدني في الإمارات قد أعلنت أن "مقاتلتين قطريتين اقتربتا، على نحو ينطوي على خطورة، من طائرتين مدنيتين إماراتيتين في المجال الجوي البحريني يوم الاثنين"، واصفة ما حدث بـ"العمل الاستفزازي"، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية "وام".
ولحقت هيئة شؤون الطيران المدني بوزارة المواصلات والاتصالات البحرينية، بنظيرتها الإماراتية، فأصدرت بياناً عن "الحادثة"، جاء فيه أن "مقاتلتين قطريتين حلقتا تحت طائرة إماراتية من الطراز إيرباص 320 متجهة من الفجيرة إلى روما، ما أجبر الطائرة الإماراتية على الطيران على ارتفاع أعلى"، قائلة إن "هذا التصرف غير المسؤول من المقاتلات القطرية، هو الثاني تجاه طائرة إماراتية في نفس اليوم". ولم تذكر الهيئة اسم شركة الخطوط الجوية التي تتبعها الطائرتان.
وقالت "شؤون الطيران المدني" البحرينية في بيان نشرته وكالة أنباء البحرين، إنه تمّ "رصد مقاتلتين قطريتين تحلقان فوق المياه الدولية ضمن إقليم البحرين لمعلومات الطيران دون إذن مسبق"، وإنها "بادرت باتخاذ الإجراءات اللازمة لتقديم شكوى لدى منظمة الطيران المدني الدولي".
وتحظر السلطات في كل من السعودية والإمارات والبحرين، منذ اندلاع الأزمة الخليجية في الخامس من يونيو/حزيران الماضي، على الطائرات القطرية عبور أجوائها، إلا أن قطر لم ترد بالمثل على هذا الحظر، كما طلبت في يونيو/حزيران 2017 من منظمة الطيران المدني الدولي التدخل، بعدما أغلقت الدول الخليجية مجالها الجوي أمام الرحلات القطرية، في إطار الحصار المفروض على الدوحة.
وكشفت الدوحة خلال الأشهر القليلة الماضية، عن تكرار اختراق الطائرات العسكرية الإماراتية للأجواء القطرية، والتي كان آخرها في الثالث من شهر مارس/آذار الحالي، حين خرقت طائرة شحن عسكرية إماراتية كانت متجهة من أبو ظبي إلى الكويت، الأجواء القطرية، للمرة الثالثة خلال شهور.
وكانت قطر تقدمت بشكوى إلى الأمم المتحدة بشأن حادثة اختراق للأجواء القطرية وقعت في 21 ديسمبر/كانون الأول الماضي، حيث اخترقت طائرة عسكرية إماراتية الأجواء القطرية واستمرت فيها لمدة دقيقة واحدة، وهو الحادث الذي تكرر في الثالث من شهر يناير/كانون الثاني الماضي، حين اخترقت طائرة عسكرية تابعة لسلاح الجو الإماراتي الأجواء القطرية في طريقها إلى البحرين، والتحليق فوق المنطقة الاقتصادية الخاصة لدولة قطر، من دون إذن مسبق من السلطات المختصة، حيث تمّ إعطاء أمر إقلاع فوري لطائرة مقاتلة قطرية لعمل دورية، وتبين بعد ذلك أن الطائرة هبطت في مملكة البحرين.
واعتبرت مندوبة قطر في الأمم المتحدة، الشيخة علياء آل ثاني، حينها، أن "تكرار هذه الحادثة النكراء، واستمرار دولة الإمارات العربية المتحدة في انتهاك سيادة دولة قطر وتهديدها لسلامة حدودها وأراضيها، يعتبر دليلاً على مضي السلطات الإماراتية في النهج الرامي لخرق أحكام القانون الدولي والاتفاقيات والمواثيق والأعراف الدولية".