سؤال يُعاد ويطرح اليوم في الأوساط الغربيّة وإعلامها المنقسم بين يسار اصطفّ بمعظمه مع نظام بشار الأسد وتبنّى روايته لمجريات الأحداث في سورية، ويمين لا همّ له سوى التخويف من اللاجئين والمهاجرين الجدد الذين دخلوا القارة الأوروبية وباتوا بمثابة الخطر الأوحد بالنسبة له والكابوس الذي يؤرق سؤال الهوية فيه.
السؤال أعلاه نُوقش في مستويات مختلفة وعلى مستويات عدّة، فالكثير من اللاجئين العالقين على حدود دول أوروبا الشرقية والتي تفصلهم عن -الجنة الموعودة- والتي تمثلها ألمانيا بالدرجة الأولى، سُئلوا من قبل صحافيين وإعلاميين واكبوا اللاجئين في هذا التيه العظيم، وكانت إجاباتهم عمومية في معظمها أشارت لمجموعة من العوامل التي دفعتهم لترك بلدهم فبعضهم عزا هجرته للظروف الاقتصادية السيئة والأوضاع المعاشية الصعبة، والبعض الآخر أشار بأصابع الاتهام لـ "داعش" وغيرها من التشكيلات القاعدية الموجودة في سورية كتنظيم جبهة النصرة، كون اللاجئين في معظمهم قادمين من مناطق خارجة عن سيطرة الأسد وقواته؛ وهنا كان الجزء الأكبر من الإعلام الغربي مُتلقِّفاً لهذه الأجوبة العفوية، ولكي يُظهر أنّ هذه الجموع البشرية الهاربة من سورية ودول الجوار قاصدةً النعيم الأوروبي، خرجت من جرّاء سبب وحيد وهو تحكم داعش بمصائرها وأقدارها.
وهنا بدأت المحاكمة الأخلاقية للغرب جليّةً، فقسم من قادة البلدان الأوروبية بعد الاتفاق النووي الأميركي الإيراني لم يتورَّع أن يعلن أن الأسد شريك موضوعي -أساسي- في دحر الإرهاب، وبعضهم الآخر دعا إلى تشكيل جبهة إقليمية ودولية لمحاربة الخطر الداعشي وإشراك الأسد وداعميه الروس بشكل أساسي فيها.
في المقلب الآخر كانت الأزمة السوريّة متجليّة ًفي الوعي الغربي على أنها قضية لاجئين ومهاجرين يدقون نواقيس الخطر الأوروبية؛ ويمزقون بأعدادهم الغفيرة "العروة الوثقى" لأوروبا الموحدة وقوانينها التي تسمح بحرية التنقل والحركة داخل بلدانها المتباينة والمختلفة.
من جهة أخرى، لم يخل الإعلام العالمي من أصوات صادقة تعبّر عمّا تبقّى من المنظومة القيمية للعالم، وبرزت أصوات تمثّل ضمير العالم الحر كالمقالة التي نُشرت في جريدة نيويورك تايمز الأميركية في الخامس من شهر أغسطس/آب الماضي وتحت عنوان صادق ومعبّر (البراميل وليست داعش هي الخطر الأعظم على السورييّن)، المقالة بعنوانها ومضمونها الهام تختزل أسباب الأزمة السوريّة ببعدها الأساسي، وهو تحميل المسؤولية الرئيسية والجوهريّة لهذا الاحتراب الحاصل وردّه إلى مسببه الرئيس وهو الأسد وبراميله القاتلة، مع عدم الإغفال أنّ براميله هذه وهي ابتداع إجرامي يُسجل باسمه؛ هي التي دفعت السورييّن إلى مراكب الموت وذل الحدود وجعلتهم أمواجا بشرية يائسة على حدود أوروبا ترقب قدرها المنتظر لدخول القارة العجوز والتفيؤ بظلالها الوارفة وعطائها الجزيل.
النقاش حول أزمة اللاجئين والعامل الرئيس الذي يقف وراءها امتد ليصل شاشات التلفزة الأسترالية، فالسيناتور ريتشارد دي ناتالي رئيس حزب الخضر وأثناء استضافته على القناة الأسترالية ليعلّق على فجيعة غرق الطفل السوري "عيلان الكردي" والأعداد الهائلة التي تعبر تجاه أوروبا، دخل في جدال حقيقي نزعم أنّ قطاعات متعددة من العالم تشهده اليوم، فالمذيع يجادل أنّ خروج عائلة عيلان كان لسبب بسيط وهو إصلاح أسنانه!
هنا يبدأ السيناتور بدحض حجج محاوره ليقول له: "هناك أربعة ملايين خرجوا من سورية ولا يمكن النظر إليهم إلا كلاجئين"، وليحتد النقاش بينهما عندما يسأل الضيف محاوره "ألم تسمع بنظام الأسد؟" ويرد الآخر بدوره "ألم تسمع بالدولة الإسلاميّة؟"، هذان السؤالان يلخصان ما يجري اليوم، التَّعامي والتغاضي عن المجرم الأكبر الذي تسبّب بتشريد أكثر من 11 مليون سوري وقُتل بسببه ما لا يقل عن 250 ألف سوري، لتسلط الأضواء كلّها على البعبع المُفضّل لدى الغرب ولدى الحكومات الديكتاتورية العربيّة "داعش" التي تخوّف شعوبها به وتعتبر ما حصل ويحصل في سوريّة عبرةً لكل الشعوب التي تجرأت ورفعت صوتها تجاه مُستعبديها طالبةً أدنى حقوقها في العيش الحر الكريم.
المفاضلة الخاطئة واللاعقلانية التي تجري اليوم بين الأسد وداعش في الإعلام الغربي وحتى في دوائر صنع القرار فيه قاصرة، وفيها مجافاة لكل الوقائع والحقائق التي تجري على الأرض، وإذا ما أراد العالم الخلاص من الوباء المُسمى داعش فما عليه إلاّ أن يستمع لكلمة النائب الجمهوري آدم كنيزنغر أمام الكونغرس الأميركي عندما قال: "دعني أذكّر المواطنين الأميركيين بأنّ الخيار ليس بين بشار الأسد وداعش، لكنّ الخيار بأنّه فيما إذا أردت تدمير داعش فيجب أن تدمر بشار الأسد".
(سورية)
السؤال أعلاه نُوقش في مستويات مختلفة وعلى مستويات عدّة، فالكثير من اللاجئين العالقين على حدود دول أوروبا الشرقية والتي تفصلهم عن -الجنة الموعودة- والتي تمثلها ألمانيا بالدرجة الأولى، سُئلوا من قبل صحافيين وإعلاميين واكبوا اللاجئين في هذا التيه العظيم، وكانت إجاباتهم عمومية في معظمها أشارت لمجموعة من العوامل التي دفعتهم لترك بلدهم فبعضهم عزا هجرته للظروف الاقتصادية السيئة والأوضاع المعاشية الصعبة، والبعض الآخر أشار بأصابع الاتهام لـ "داعش" وغيرها من التشكيلات القاعدية الموجودة في سورية كتنظيم جبهة النصرة، كون اللاجئين في معظمهم قادمين من مناطق خارجة عن سيطرة الأسد وقواته؛ وهنا كان الجزء الأكبر من الإعلام الغربي مُتلقِّفاً لهذه الأجوبة العفوية، ولكي يُظهر أنّ هذه الجموع البشرية الهاربة من سورية ودول الجوار قاصدةً النعيم الأوروبي، خرجت من جرّاء سبب وحيد وهو تحكم داعش بمصائرها وأقدارها.
وهنا بدأت المحاكمة الأخلاقية للغرب جليّةً، فقسم من قادة البلدان الأوروبية بعد الاتفاق النووي الأميركي الإيراني لم يتورَّع أن يعلن أن الأسد شريك موضوعي -أساسي- في دحر الإرهاب، وبعضهم الآخر دعا إلى تشكيل جبهة إقليمية ودولية لمحاربة الخطر الداعشي وإشراك الأسد وداعميه الروس بشكل أساسي فيها.
في المقلب الآخر كانت الأزمة السوريّة متجليّة ًفي الوعي الغربي على أنها قضية لاجئين ومهاجرين يدقون نواقيس الخطر الأوروبية؛ ويمزقون بأعدادهم الغفيرة "العروة الوثقى" لأوروبا الموحدة وقوانينها التي تسمح بحرية التنقل والحركة داخل بلدانها المتباينة والمختلفة.
من جهة أخرى، لم يخل الإعلام العالمي من أصوات صادقة تعبّر عمّا تبقّى من المنظومة القيمية للعالم، وبرزت أصوات تمثّل ضمير العالم الحر كالمقالة التي نُشرت في جريدة نيويورك تايمز الأميركية في الخامس من شهر أغسطس/آب الماضي وتحت عنوان صادق ومعبّر (البراميل وليست داعش هي الخطر الأعظم على السورييّن)، المقالة بعنوانها ومضمونها الهام تختزل أسباب الأزمة السوريّة ببعدها الأساسي، وهو تحميل المسؤولية الرئيسية والجوهريّة لهذا الاحتراب الحاصل وردّه إلى مسببه الرئيس وهو الأسد وبراميله القاتلة، مع عدم الإغفال أنّ براميله هذه وهي ابتداع إجرامي يُسجل باسمه؛ هي التي دفعت السورييّن إلى مراكب الموت وذل الحدود وجعلتهم أمواجا بشرية يائسة على حدود أوروبا ترقب قدرها المنتظر لدخول القارة العجوز والتفيؤ بظلالها الوارفة وعطائها الجزيل.
النقاش حول أزمة اللاجئين والعامل الرئيس الذي يقف وراءها امتد ليصل شاشات التلفزة الأسترالية، فالسيناتور ريتشارد دي ناتالي رئيس حزب الخضر وأثناء استضافته على القناة الأسترالية ليعلّق على فجيعة غرق الطفل السوري "عيلان الكردي" والأعداد الهائلة التي تعبر تجاه أوروبا، دخل في جدال حقيقي نزعم أنّ قطاعات متعددة من العالم تشهده اليوم، فالمذيع يجادل أنّ خروج عائلة عيلان كان لسبب بسيط وهو إصلاح أسنانه!
هنا يبدأ السيناتور بدحض حجج محاوره ليقول له: "هناك أربعة ملايين خرجوا من سورية ولا يمكن النظر إليهم إلا كلاجئين"، وليحتد النقاش بينهما عندما يسأل الضيف محاوره "ألم تسمع بنظام الأسد؟" ويرد الآخر بدوره "ألم تسمع بالدولة الإسلاميّة؟"، هذان السؤالان يلخصان ما يجري اليوم، التَّعامي والتغاضي عن المجرم الأكبر الذي تسبّب بتشريد أكثر من 11 مليون سوري وقُتل بسببه ما لا يقل عن 250 ألف سوري، لتسلط الأضواء كلّها على البعبع المُفضّل لدى الغرب ولدى الحكومات الديكتاتورية العربيّة "داعش" التي تخوّف شعوبها به وتعتبر ما حصل ويحصل في سوريّة عبرةً لكل الشعوب التي تجرأت ورفعت صوتها تجاه مُستعبديها طالبةً أدنى حقوقها في العيش الحر الكريم.
المفاضلة الخاطئة واللاعقلانية التي تجري اليوم بين الأسد وداعش في الإعلام الغربي وحتى في دوائر صنع القرار فيه قاصرة، وفيها مجافاة لكل الوقائع والحقائق التي تجري على الأرض، وإذا ما أراد العالم الخلاص من الوباء المُسمى داعش فما عليه إلاّ أن يستمع لكلمة النائب الجمهوري آدم كنيزنغر أمام الكونغرس الأميركي عندما قال: "دعني أذكّر المواطنين الأميركيين بأنّ الخيار ليس بين بشار الأسد وداعش، لكنّ الخيار بأنّه فيما إذا أردت تدمير داعش فيجب أن تدمر بشار الأسد".
(سورية)