الأسد يسدّد دينه: 6 عقود اقتصادية تسلّم سورية لإيران

18 يناير 2017
القطاعات المربحة من نصيب إيران (وكالة الأناضول)
+ الخط -
أبرم نظام بشار الأسد عقودا واتفاقيات اقتصادية مع إيران تتعلق بمجالات إعادة الإعمار وحقول النفط وشبكات الهاتف المحمول والمجالات الزراعية، وذلك على هامش الزيارة التي قام بها رئيس حكومة النظام السوري عماد خميس إلى طهران أمس.

وقال الأكاديمي السوري في جامعة ماردين التركية عبد الناصر الجاسم، إن الاتفاقيات التي وقعتها حكومة بشار الأسد، أمس الثلاثاء، مع الجانب الإيراني، تعتبر سياسية أكثر مما هي اقتصادية.


والمشروعات، وفق تعبير الجاسم، محاولة للسيطرة على بعض أجزاء سورية، واسترجاع القروض التي منحتها طهران لنظام الأسد خلال الثورة على شكل خطوط ائتمان، والبالغة نحو 4 مليارات دولار، فضلاً عن فتح خط ائتمان جديد بقيمة 3.5 مليارات دولار.


وقال الأكاديمي السوري لـ"العربي الجديد": "جاءت الاتفاقيات لأكثر القطاعات ربحية، وذات عوائد مالية مرتفعة، إذ ركزت على قطاع الطاقة والاتصالات، لتأتي الاتفاقيات الأخرى من قبيل الترضية لإيران، سواء المتعلقة بالقطاع الزراعي أو الثروة الحيوانية".


وكشف الجاسم عن توقيع اتفاقية سادسة لم يتم الكشف عنها، تتعلق باستثمار أحد الموانئ في منطقة اللاذقية.


قطاعات رابحة

وظفرت إيران، بحسب متخصصين سوريين، بأكثر القطاعات الاقتصادية حيوية وربحاً، بعد توقيعها، أمس، على 5 عقود في مجالات مختلفة، منها الزراعة والثروة الحيوانية والصناعة والنفط والاتصالات. وقد جرى توقيع الاتفاقيات في طهران، إذ وقع عن الجانب السوري وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية أديب ميالة، وعن الجانب الإيراني وزير الشؤون الاقتصادية والمالية علي طيب نيا.



واعتبر رئيس وزراء حكومة بشار الأسد، عماد خميس، أن العقود التي تم توقيعها والعقد السادس المتعلق باستثمار أحد الموانئ السورية، تشكل نواة لتعاون ضخم بين البلدين في مجال الصناعة والاستثمارات، لافتا إلى أن الآلية التي تم فيها توقيع العقود تترجم العلاقة المتميزة بين البلدين.


بدوره، قال نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري، إن توقيع الاتفاقيات الخمس جاء نتيجة التعاون الثنائي بين البلدين، مبينا أن هناك اتفاقية سادسة سيتم إنجازها والتوقيع عليها خلال الأسبوعين القادمين، مشيراً إلى أن هناك فرصة متاحة للقطاع الخاص والشركات التجارية الإيرانية للعمل في سورية على كل المستويات الاقتصادية.



مشروع احتلال


"بات واضحاً المشروع الإيراني في سورية، حيث بدأ عسكرياً، وأمنياً، ثم استكمل عبر قرارات التجنيس والتغيير الديمغرافي، والسيطرة على العقارات والأبنية، واليوم عبر الاتفاقيات التجارية"، بهذه العبارات بدأ عضو الهيئة السياسية بالائتلاف السوري المعارض، نصر الحريري، حديثه.


وقال الحريري لـ"العربي الجديد": "تقترب القروض التي منحتها إيران لنظام الأسد من 35 مليار دولار، لم يعلن سوى عن 4 مليارات، على شكل خطوط ائتمان استخدمت لكسر الحصار والعقوبات المفروضة على نظام الأسد، فيما باقي الأموال كانت تقدم على شكل أسلحة ودعم مباشر لحماية الليرة السورية من الانهيار، فضلاً عن تكاليف المليشيات التي ترسلها إيران لتقاتل إلى جانب بشار الأسد".


وبحسب الحريري، فإن هذه الاتفاقيات تفيد بأن إيران باتت أمراً واقعاً على أرض الواقع.
وتبقى الاتفاقيات التي يوقعها نظام بشار الأسد مع حلفائه في طهران وموسكو، موضع جدل وخلاف حول مدى قانونيتها وصلاحية النظام، الذي فقد شرعيته، بإبرامها.


بحسب عضو الهيئة القانونية بالائتلاف السوري المعارض، ياسر فرحان، فإن نظام بشار الأسد فاقد للشرعية ولا يحق له توقيع عقود واتفاقيات تتعلق بحقوق وثروات السوريين، لافتاً إلى إمكانية الطعن بكل تلك الاتفاقيات خلال اجتماع أول برلمان منتخب بعد سقوط نظام الأسد.


ووفق المراقبين، فإن منح إيران ميناء في مدينة اللاذقية، غربي سورية، سيكون بمثابة احتلال وتحكم إيران بمقدرات السوريين، حتى بعد رحيل بشار السد، كما أن منح مشغل ثالث للخلوي يعد مخالفة، وخاصة أن عقد المشغل الثالث ينص على منح الشركة الإيرانية نسبة 40% و60% للجانب السوري، موزعة بين مؤسسة الضمان الاجتماعي بنحو 20% و40% لصندوق الشهداء.


في السياق، قدر الاقتصادي السوري محمود حسين، عائدات شركة الخلوي التي منحتها حكومة الأسد لإيران، بنحو 12 مليار ليرة سورية سنوياً، فيما تصل صادرات سورية من الفوسفات إلى أكثر من 1000 طن بقيمة 120 مليون دولار، مشيراً إلى أن الاستثمارات التي تحصل عليها إيران، سواء باستثمار الكهرباء أو النفط والفوسفات، تتركز في مناطق دمشق وريفها، وريف حمص، وهي الجغرافيا التي تصلها بلبنان.


وحول تنامي التبادل التجاري بين نظام الأسد وإيران بعد الثورة، أشار حسين إلى أن العقوبات العربية والأوروبية على حكومة الأسد، جعلت من إيران الشريك التجاري الأول، بحجم تجارة علني وصل العام الفائت لنحو 22 مليار ليرة، لا تزيد الصادرات السورية عن 6 مليارات ليرة في حين تستورد سلعاً بقيمة 16 مليار ليرة سورية.


 ولفت حسين إلى أنه ورغم الضجة الإعلامية وما يقوله مسؤولو الأسد وإيران حول حسن العلاقات وزيادة التبادل، إلا أن صادرات دمشق لطهران لا تشكل 0.1%، ويقع ترتيب سورية في المركز 61 من حيث الدول التي تستورد منها إيران.


واعتبر الاقتصادي السوري أن المشكلة في الطرف الثاني من معادلة التجارة الخارجية، أي في مدى استغلال العقوبات الاقتصادية المفروضة عربياً وأوروبياً على نظام الأسد، وجعل السوق السورية تصريفاً للإنتاج الإيراني الذي يدعم بقاء بشار الأسد ويخالف العقوبات الدولية المفروضة عليه.