تسعى الإدارة الأميركية إلى تجنب انهيار جديد للأسهم. وفي محاولة لنفي الشائعة التي انتشرت في واشنطن، وكادت تؤثر على كافة الولايات الأميركية، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب ثقته بوزير خزانته ستيفن منوشين، ووصفه بأنه "ولد موهوب جداً وشخص ذكي جداً"، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع مؤشر داو جونز الصناعي للأسهم الأميركية في تعاملات الأربعاء بأكبر عدد من النقاط يحققه المؤشر، منذ بدء العمل به قبل أكثر من 120 عاماً.
وتسبب لقاء منوشين مع مسؤولي الجهات الرقابية المالية الأميركية صباح الاثنين، في أعقاب اتصاله برؤساء أكبر ستة بنوك في الولايات المتحدة، في إثارة غضب ترامب، بعد أن أدى إلى نتيجة عكسية لما أراد تحقيقه من طمأنة للأسواق.
ورغم أن الاثنين لم يكن يوماً كاملاً لتعاملات الأسواق المالية، كونه ليلة عيد الميلاد، إلا أن الساعات القصيرة التي تم التداول فيها شهدت انخفاض المؤشر الأشهر للأسهم الأميركية أكثر من 650 نقطة، في أسوأ أداء لليلة عيد الميلاد في تاريخ البورصة الأميركية.
وأثناء زيارته لأولاده في المكسيك في عطلة نهاية الأسبوع عشية عيد الميلاد، اتصل منوشين بستة من رؤساء أكبر البنوك الأميركية، ليسألهم عن جاهزية أنظمة الإقراض لديهم، ومدى قدرتهم على ضخ سيولة في الأسواق إذا ظهرت الحاجة لذلك.
وبعد التأكد من رؤساء البنوك، أصدر الوزير بياناً رسمياً، أكد فيه عدم وجود ما يدعو للقلق. ولما كانت حقيقة الأمر أن أحداً لم يقلق قبل هذا البيان، خاصة مما يتعلق بآليات الإقراض لدى البنوك وتوفر السيولة لديها، فقد بدأ البعض يشعر أنه ربما يتعين عليه أن يضيف تلك النقطة إلى المخاطر التي يأخذها بالاعتبار، وهو ما أدى إلى تزايد قلق المستثمرين وظهور موجات من البيع للأسهم الأميركية في اليوم التالي لاتصالات منوشين.
وعلى حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، غرد بول كروغمان، الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل، معبراً عن استيائه من بيان وزير الخزانة، وقال "هذا أمر عجيب. الأمر يبدو كما لو كان منوشين يحاول أن يسبب الذعر من شيء، لم يقلق منه أحد قبل صدور البيان".
وقال غاريد برنشتاين، الذي عمل من قبل مستشاراً اقتصادياً بالبيت الأبيض، لصحيفة واشنطن بوست "الأمر أشبه بإرسال رسالة تقول أن دروعنا الفضائية يمكن أن تعترض الكويكبات القادمة. لم أكن أعلم أن أيا منها كانت قادمة إلينا".
اقــرأ أيضاً
لكن ترامب، الذي عانى على مدى العامين الماضيين من صعوبة إيجاد بدائل للمسؤولين المستقيلين والمقالين من إدارته، والذي لم يكن مستعداً لتحمل تبعات إقالة جديدة، خاصة لمن عُرف بكفاءته وولائه مثل منوشين، خريج جامعة ييل الشهيرة الذي أمضى أكثر من خمسة عشر عاماً في بنك الاستثمار العملاق غولدمان ساكس، سارع إلى نفي الشائعة.
وأكد كيفين هاسيت، أحد مستشاري ترامب الاقتصاديين، لمحرر الأخبار بقناة إن بي سي الإخبارية أنه "على ثقة بأن الرئيس (ترامب) سعيد بالوزير منوشين"، الأمر الذي ساهم في ارتفاع مؤشر داو جونز 1086 نقطة في جلسة واحدة.
هاسيت أكد أيضاً أن رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي جيرومي باول "آمن تماماً من العزل"، بعد أن أثار استفسار ترامب من بعض المحيطين به عن إمكانية عزله فزع الكثيرين قبل بضعة أيام.
وتسبب تجاهل باول لترامب، ورفعه معدلات الفائدة أربع مرات خلال العام الماضي وحده، في غضب الأخير عليه، وعلى منوشين الذي رشحه للمنصب بعد رحيل جانيت يالين أواخر العام الماضي 2017. وقال هاسيت "الرئيس عبر عن اختلاف في السياسات مع رئيس البنك الفيدرالي، لكن لا نية لديه لعزله".
ورغم التذبذبات الواضحة في البورصة الأميركية، والتي شهدت تجاوز الانخفاض ببعض المؤشرات نسبة 20 في المائة المعيارية، التي يعتبرها المحللون نقطة التحول من السوق الصاعدة إلى الهابطة، إلا أن من الواضح أن الخوف من ركودٍ قريب لم يسيطر على المواطن العادي حتى الآن، نظراً لعدم انتقال التوتر من البورصة إلى الاقتصاد الحقيقي، ممثلاً في عدد الوظائف التي يتم خلقها، والخدمات المقدمة للمواطنين، ودخول الأسر.
لكن بيان "الطمأنة" من وزير الخزانة بدا وكأنه يقول للجميع إن الاقتصاد ربما يلحق بالبورصة قريباً.
ولم يتم الإعلان رسمياً حتى الآن في الولايات المتحدة عن دخول الاقتصاد في ركود العام المقبل، مع إتمام عقد على النهاية الرسمية للركود الذي تسببت فيه الأزمة المالية العالمية في 2008، إلا أن ظهور بعض الإشارات السلبية خلال الربع الأخير من العام الحالي دفع المحللين إلى توقع تباطؤ الاقتصاد قريباً.
اقــرأ أيضاً
من جهة أخرى، بعد خمسة أيام من بدء سريانه، استمر الإغلاق الجزئي للحكومة الأميركية، مع تمسك ترامب بضرورة توفير التمويل اللازم لبناء الجدار على الحدود مع المكسيك لمنع الهجرة غير الشرعية، بينما تعذر الوصول إلى اتفاق داخل مجلس الشيوخ بين الحزبين، يمكن أن يقبله ترامب، حتى تتمكن الحكومة الأميركية من استئناف أعمالها بكامل قوتها.
وتدور المفاوضات بين البيت الأبيض والحزبين في الوقت الحالي حول سبع من فواتير الإنفاق، تمثل ما يقرب من ربع قوة الحكومة الأميركية، للشهور التسعة المقبلة. ويأتي ضمن الفواتير السبع ما يخص الإنفاق على إدارة الأمن القومي، وتشمل بالتأكيد الإنفاق على بناء الجدار الذي يطلبه ترامب.
ويريد الأخير توفير مبلغ يدور حول خمسة مليارات دولار، بينما لم يتجاوز أفضل رقم تم الاتفاق عليه بين المشرعين الأميركيين مبلغ 1.6 مليار دولار، الأمر الذي يدعم التوقعات باستمرار إغلاق الحكومة إلى ما بعد نهاية العام. ويوم الثلاثاء قال ترامب "لا أعرف متى ستفتح الحكومة الأميركية أبوابها".
ورغم أن نشرات الأخبار طلبت ممن يرغبون في زيارة المعالم السياحية، من متاحف وحدائق عامة ومنشآت حكومية، خاصةَ في العاصمة الأميركية واشنطن، التأكد مسبقاً أنها مفتوحة للزوار.
ويشهد هذا الوقت من العام استقبال 75 مليوناً من الذين يزورون الولايات المتحدة، واضطر عشرات الآلاف منهم لزيارة تلك الأماكن رغم التحذير من احتمال كونها مغلقة.
ومع وجود 35 ألف متحف في الولايات المتحدة، استطاع زائرو البلد العثور على بعض المتاحف المفتوحة، ولم يعكر صفوهم إلا لافتة وُضعت على أبواب دورات المياه المغقلة في المتنزهات والحدائق العامة، توضح أن هذا الإغلاق هو جزء من إغلاق الحكومة الأميركية.
اقــرأ أيضاً
وبينما امتنعت جهات جمع القمامة التابعة للحكومة الفيدرالية عن العمل مع إغلاق الحكومة، طلب عمدة واشنطن من وزارة الأعمال العامة القيام بمهمة منع تراكم القمامة للحفاظ على نظافة العاصمة.
ويحصل موظفو الحكومة الأميركية المثبتون على رواتبهم كاملة أثناء إغلاق الحكومة، لكن المُتعاقد معهم لمشروعات بعينها، ويطلق عليهم "المقاولون"، لا يحصلون على أموال أثناء إغلاق الحكومة، كما أنهم لا يحصلون على نفس الأجر والمزايا التي يحصل عليها الموظف المثبت، على الرغم من أنهم يمثلون نسبة كبيرة من العمالة الموجودة في المكاتب الحكومية الأميركية.
وفي حين يتناول السائح والمواطن البسيط من غير العاملين بالحكومة موضوع إغلاقها بصورة تحمل الكثير من السخرية من ديناميكيات السياسة الأميركية، إلا أن أغلب المستثمرين والسياسيين يتعاملون معه بمنتهى الجدية، كونه يضيف إلى المخاطر السياسية للولايات المتحدة.
وإذا تم وضعه في إطاره الصحيح، ضمن مجموعة من العوامل الأخرى، التي تشمل المواجهة بين ترامب ورئيس بنك الاحتياط الفيدرالي، كما توقعات تباطؤ النمو في الولايات المتحدة في الفترة المقبلة، والتوترات التجارية مع الصين، بالإضافة إلى الاستقالات والإقالات المتزايدة من الدوائر المقربة من ترامب، تتضح الفوضى التي تعاني منها الإدارة الأميركية، مع توقع أن يلعب حكماء الحزب الجمهوري دوراً هاماً في المرحلة المقبلة.
ورغم أن الاثنين لم يكن يوماً كاملاً لتعاملات الأسواق المالية، كونه ليلة عيد الميلاد، إلا أن الساعات القصيرة التي تم التداول فيها شهدت انخفاض المؤشر الأشهر للأسهم الأميركية أكثر من 650 نقطة، في أسوأ أداء لليلة عيد الميلاد في تاريخ البورصة الأميركية.
وأثناء زيارته لأولاده في المكسيك في عطلة نهاية الأسبوع عشية عيد الميلاد، اتصل منوشين بستة من رؤساء أكبر البنوك الأميركية، ليسألهم عن جاهزية أنظمة الإقراض لديهم، ومدى قدرتهم على ضخ سيولة في الأسواق إذا ظهرت الحاجة لذلك.
وبعد التأكد من رؤساء البنوك، أصدر الوزير بياناً رسمياً، أكد فيه عدم وجود ما يدعو للقلق. ولما كانت حقيقة الأمر أن أحداً لم يقلق قبل هذا البيان، خاصة مما يتعلق بآليات الإقراض لدى البنوك وتوفر السيولة لديها، فقد بدأ البعض يشعر أنه ربما يتعين عليه أن يضيف تلك النقطة إلى المخاطر التي يأخذها بالاعتبار، وهو ما أدى إلى تزايد قلق المستثمرين وظهور موجات من البيع للأسهم الأميركية في اليوم التالي لاتصالات منوشين.
وعلى حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، غرد بول كروغمان، الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل، معبراً عن استيائه من بيان وزير الخزانة، وقال "هذا أمر عجيب. الأمر يبدو كما لو كان منوشين يحاول أن يسبب الذعر من شيء، لم يقلق منه أحد قبل صدور البيان".
وقال غاريد برنشتاين، الذي عمل من قبل مستشاراً اقتصادياً بالبيت الأبيض، لصحيفة واشنطن بوست "الأمر أشبه بإرسال رسالة تقول أن دروعنا الفضائية يمكن أن تعترض الكويكبات القادمة. لم أكن أعلم أن أيا منها كانت قادمة إلينا".
لكن ترامب، الذي عانى على مدى العامين الماضيين من صعوبة إيجاد بدائل للمسؤولين المستقيلين والمقالين من إدارته، والذي لم يكن مستعداً لتحمل تبعات إقالة جديدة، خاصة لمن عُرف بكفاءته وولائه مثل منوشين، خريج جامعة ييل الشهيرة الذي أمضى أكثر من خمسة عشر عاماً في بنك الاستثمار العملاق غولدمان ساكس، سارع إلى نفي الشائعة.
وأكد كيفين هاسيت، أحد مستشاري ترامب الاقتصاديين، لمحرر الأخبار بقناة إن بي سي الإخبارية أنه "على ثقة بأن الرئيس (ترامب) سعيد بالوزير منوشين"، الأمر الذي ساهم في ارتفاع مؤشر داو جونز 1086 نقطة في جلسة واحدة.
هاسيت أكد أيضاً أن رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي جيرومي باول "آمن تماماً من العزل"، بعد أن أثار استفسار ترامب من بعض المحيطين به عن إمكانية عزله فزع الكثيرين قبل بضعة أيام.
وتسبب تجاهل باول لترامب، ورفعه معدلات الفائدة أربع مرات خلال العام الماضي وحده، في غضب الأخير عليه، وعلى منوشين الذي رشحه للمنصب بعد رحيل جانيت يالين أواخر العام الماضي 2017. وقال هاسيت "الرئيس عبر عن اختلاف في السياسات مع رئيس البنك الفيدرالي، لكن لا نية لديه لعزله".
ورغم التذبذبات الواضحة في البورصة الأميركية، والتي شهدت تجاوز الانخفاض ببعض المؤشرات نسبة 20 في المائة المعيارية، التي يعتبرها المحللون نقطة التحول من السوق الصاعدة إلى الهابطة، إلا أن من الواضح أن الخوف من ركودٍ قريب لم يسيطر على المواطن العادي حتى الآن، نظراً لعدم انتقال التوتر من البورصة إلى الاقتصاد الحقيقي، ممثلاً في عدد الوظائف التي يتم خلقها، والخدمات المقدمة للمواطنين، ودخول الأسر.
لكن بيان "الطمأنة" من وزير الخزانة بدا وكأنه يقول للجميع إن الاقتصاد ربما يلحق بالبورصة قريباً.
ولم يتم الإعلان رسمياً حتى الآن في الولايات المتحدة عن دخول الاقتصاد في ركود العام المقبل، مع إتمام عقد على النهاية الرسمية للركود الذي تسببت فيه الأزمة المالية العالمية في 2008، إلا أن ظهور بعض الإشارات السلبية خلال الربع الأخير من العام الحالي دفع المحللين إلى توقع تباطؤ الاقتصاد قريباً.
من جهة أخرى، بعد خمسة أيام من بدء سريانه، استمر الإغلاق الجزئي للحكومة الأميركية، مع تمسك ترامب بضرورة توفير التمويل اللازم لبناء الجدار على الحدود مع المكسيك لمنع الهجرة غير الشرعية، بينما تعذر الوصول إلى اتفاق داخل مجلس الشيوخ بين الحزبين، يمكن أن يقبله ترامب، حتى تتمكن الحكومة الأميركية من استئناف أعمالها بكامل قوتها.
وتدور المفاوضات بين البيت الأبيض والحزبين في الوقت الحالي حول سبع من فواتير الإنفاق، تمثل ما يقرب من ربع قوة الحكومة الأميركية، للشهور التسعة المقبلة. ويأتي ضمن الفواتير السبع ما يخص الإنفاق على إدارة الأمن القومي، وتشمل بالتأكيد الإنفاق على بناء الجدار الذي يطلبه ترامب.
ويريد الأخير توفير مبلغ يدور حول خمسة مليارات دولار، بينما لم يتجاوز أفضل رقم تم الاتفاق عليه بين المشرعين الأميركيين مبلغ 1.6 مليار دولار، الأمر الذي يدعم التوقعات باستمرار إغلاق الحكومة إلى ما بعد نهاية العام. ويوم الثلاثاء قال ترامب "لا أعرف متى ستفتح الحكومة الأميركية أبوابها".
ورغم أن نشرات الأخبار طلبت ممن يرغبون في زيارة المعالم السياحية، من متاحف وحدائق عامة ومنشآت حكومية، خاصةَ في العاصمة الأميركية واشنطن، التأكد مسبقاً أنها مفتوحة للزوار.
ويشهد هذا الوقت من العام استقبال 75 مليوناً من الذين يزورون الولايات المتحدة، واضطر عشرات الآلاف منهم لزيارة تلك الأماكن رغم التحذير من احتمال كونها مغلقة.
ومع وجود 35 ألف متحف في الولايات المتحدة، استطاع زائرو البلد العثور على بعض المتاحف المفتوحة، ولم يعكر صفوهم إلا لافتة وُضعت على أبواب دورات المياه المغقلة في المتنزهات والحدائق العامة، توضح أن هذا الإغلاق هو جزء من إغلاق الحكومة الأميركية.
ويحصل موظفو الحكومة الأميركية المثبتون على رواتبهم كاملة أثناء إغلاق الحكومة، لكن المُتعاقد معهم لمشروعات بعينها، ويطلق عليهم "المقاولون"، لا يحصلون على أموال أثناء إغلاق الحكومة، كما أنهم لا يحصلون على نفس الأجر والمزايا التي يحصل عليها الموظف المثبت، على الرغم من أنهم يمثلون نسبة كبيرة من العمالة الموجودة في المكاتب الحكومية الأميركية.
وفي حين يتناول السائح والمواطن البسيط من غير العاملين بالحكومة موضوع إغلاقها بصورة تحمل الكثير من السخرية من ديناميكيات السياسة الأميركية، إلا أن أغلب المستثمرين والسياسيين يتعاملون معه بمنتهى الجدية، كونه يضيف إلى المخاطر السياسية للولايات المتحدة.
وإذا تم وضعه في إطاره الصحيح، ضمن مجموعة من العوامل الأخرى، التي تشمل المواجهة بين ترامب ورئيس بنك الاحتياط الفيدرالي، كما توقعات تباطؤ النمو في الولايات المتحدة في الفترة المقبلة، والتوترات التجارية مع الصين، بالإضافة إلى الاستقالات والإقالات المتزايدة من الدوائر المقربة من ترامب، تتضح الفوضى التي تعاني منها الإدارة الأميركية، مع توقع أن يلعب حكماء الحزب الجمهوري دوراً هاماً في المرحلة المقبلة.