زفّت والدة فادي نجلها الشهيد كعريس بعدما كانت قد تمكنت من زيارته قبل أربعة أيام فقط من إصابته بنزيف حاد ودخوله حالة "الموت السريري"، يوم الأحد الماضي، من دون أن تعلم أنّها الزيارة الأخيرة. رشّت الورود على المشيعين وأطلقت الزغاريد، تلبية لوصية شفوية كان يرددها فادي أمام أصدقائه في السجن أن "لا يبكيني أحد في حال استشهادي".
واستشهد فادي إثر جلطة دماغية ونزيف حاد، إذ كان يعيش على أجهزة التنفس الاصطناعي في مستشفى سوروكا الإسرائيلي. لكن النتائج الأولية لتشريح جثمانه تشير إلى أن النزيف الدماغي الذي أصيب به ناتج عن "مرض غير معروف"، فيما تؤكد هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية فضلاً عن نادي الأسير الفلسطيني أن الدربي تعرّض لعزل وسلسلة إهمال طبي طيلة العامين السابقين أثناء اعتقاله.
وكان فادي قد اعتقل في عام 2005، بعد محاولات إسرائيلية لاغتياله أو اعتقاله، إذ كان ناشطاً في "كتائب شهداء الأقصى"، الذراع العسكرية لحركة "فتح"، ومن ثم حكم عليه بالسجن 14 عاماً، أمضى منها 10 سنوات، فيما يقضي شقيقه الأسير شادي حكماً بالسجن مدة ثلاث سنوات ونصف السنة، أمضى منها عامين.
اقرأ أيضاً: الاحتلال يسلّم جثمان الشهيد الأسير فادي الدربي
ويؤكد شقيقه أحمد الدربي لـ"العربي الجديد" أنّ "فادي لم يكن يشكو من أي آثار لمرض قد يفقده حياته، وكان في قمة السعادة والمعنويات العالية"، وخصوصاً عندما زارته والدته قبل أيام.
يروي أحمد كيف طلب منه فادي في عيد الأضحى، الشهر الماضي، زيارة عائلات أصدقائه الذين استشهدوا قبل اعتقاله في عام 2006، وأن يوزع عليهم دروعاً تقديرية، موقّعة بعبارة "إهداء من الأسير فادي الدربي"، وذلك تقديراً لذوي أصدقائه الشهداء.
يقول أحمد "لقد نفذت ما طلبه فادي مني. وحين استشهد، أدركت، أنّه كان يودعنا شوقاً لرؤية أصدقائه الشهداء"، مشيراً إلى أنّه على الرغم من نجاة فادي من خمس محاولات اغتيال قبل اعتقاله، إلا أنّ طلب الشهادة وأمنيته في تقديم روحه، لم تفارقه وهو داخل سجون الاحتلال.
أما شقيق فادي الآخر، الأسير شادي، فتحدث خلال مراسم التشييع، عبر مكالمة هاتفية من داخل سجون الاحتلال، مطالباً حركة فتح في كلمة لها، بضرورة تشكيل لجنة للتحقيق في ظرف استشهاد فادي.
وفي السياق، أشار رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية عيسى قراقع، في مؤتمر صحافي عقده أمس قبل التشييع إلى أن الشهيد فادي كان ضحية جديدة من ضحايا الإهمال الطبي.
وأوضح قراقع أن الشهيد أصيب بنزيف في منطقة السرة قبل عام ونصف العام، وهذا النزيف لا يمكن أن يحدث من دون سبب، ثم أصيب بحالات من الدوار، لكن سلطات الاحتلال أهملت حالته ولم تجر له أية فحوصات طبية للكشف عن سبب هذا النزيف ولم تقدم له سوى المسكنات، لافتاً إلى أنه من الواضح أن فادي كان يعاني من مرض أدى في النهاية إلى سقوطه داخل سجن ريمون الإسرائيلي يوم الأحد الماضي، ودخل في غيبوبة إلى حين الإعلان عن استشهاده أول من أمس الأربعاء.
وخلال الخمس سنوات الماضية استشهد ستة أسرى فلسطينيين داخل سجون الاحتلال، نتيجة لسياسة الإهمال الطبي، حيث لم يكن أغلبهم يعاني من أمراض خارج السجن، فيما أشار قراقع إلى أن 55 أسيراً فلسطينياً استشهدوا منذ عام 1967 وحتى الآن لنفس السبب.
ويشكل الوضع الطبي للأسرى داخل سجون الاحتلال قلقاً، إذ يرى المسؤول الفلسطيني أن الأسرى أصبحوا حقول تجارب لأدوية جديدة تنتجها شركات إسرائيلية، أو لتدريب الأطباء الجدد، محملاً سلطات الاحتلال المسؤولية عن حياة الأسرى. وفي السياق، طالب قراقع الأمم المتحدة بضرورة تشكيل لجنة فورية وإرسالها للتحقيق والاطلاع على ما يجري للأسرى داخل سجون الاحتلال، وللاطلاع على الوضع الصحي الخطير الذي يمر به الأسرى في سجون الاحتلال.
اقرأ أيضاً: استشهاد أسير فلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي