تسجّل المستشفيات العراقية في عموم مدن البلاد ما معدله 100 حالة تسمم شهرياً جراء تناول الأشخاص الأطعمة الفاسدة أو منتهية الصلاحية سواء داخل منازلهم أو في المطاعم، وينتج عنها وفاة اثنين إلى ثلاثة منهم في الشهر، وهو ما يمكن اعتباره قاتلا جديدا يقتحم بلاد الرافدين بعد الإرهاب، والجريمة المنظمة، والأمراض المعدية المتوطنة، وحوادث الطرق والسيارات.
وكشفت مصادر طبية عراقية في وزارة الصحة ببغداد، اليوم الأربعاء، لـ"العربي الجديد" عما وصفته حلقات فساد بين وزارة الصحة من جهة، ووزارتي التجارة والداخلية، وهيئة المنافذ الحدودية التي تسهم في استمرار مشكلة المواد الغذائية التالفة أو المنتهية الصلاحية.
وقال مسؤول بوزارة الصحة العراقية لـ"العربي الجديد"، إنّ "الشهر المنصرم شهد 149 حالة تسمم توفي بسببها 3 أشخاص بينهم طفل، بسبب الأطعمة الفاسدة، ودخل نحو 50 منهم للعناية المركزة كانت أغلبها في بغداد والبصرة والنجف وكربلاء وبابل".
وبيّن أن هذا العدد يخص المستشفيات الحكومية ولا يوجد رقم دقيق لمن أدخل إلى المصحات الخاصة للسبب نفسه، مشيراً إلى وجود تواطؤ بين مفتشي الوزارة وضباط الداخلية، وكذلك مراكز السيطرة النوعية ومفتشي الموانئ والمنافذ الحدودية تتسبب في مقتل أبرياء، بينما هم يتسلمون مبالغ ضخمة عن كل شحنة تالفة يقومون بإدخالها.
ولفت إلى أن شحنة لحم أسترالي تعود لأحد التجار تم سحبها وإيداعها بالمخازن بسبب تلفها جراء سوء التخزين، وجرى ذلك بأمر من رئيس الوزراء حيدر العبادي بعد محاولة سياسيين إدخالها للعراق رغم حالتها، متسائلاً "لو لم يتدخل رئيس الوزراء شخصياً ماذا كان سيحل بالمواطنين المساكين"؟.
وفي السياق يقول الخبير الغذائي عاصم الشمري، إنّ" أكثر من 40 في المائة من المواد الغذائية في أسواق العراق غير مطابقة لمعايير السلامة الصحية"، مبيناً أن "غالبية المواد الفاسدة تدخل من إيران أو عبر موانئ البصرة قادمة من ميناء جبل علي الإماراتي، وتتفاوت ما بين منتهية الصلاحية والتي يتم التلاعب بتاريخ تصنيعها أو تكون مغشوشة".
ويضيف أن "هناك حلقة فساد ومبالغ ضخمة تسهّل دخول تلك البضائع إلى بيوت العراقيين، ينضاف إليها أمية غالبيتهم بالثقافة الشرائية للمواد الغذائية".
Facebook Post |
ووقع كثير من المواطنين ضحية الأغذية الفاسدة التي تغزو الأسواق العراقية، وتعرضوا للتسمم نتيجة تناولهم مواد منتهية الصلاحية تم التلاعب بتاريخ إنتاجها وانتهاء الصلاحية فيها وتبين أنها مواد قادمة من إيران.
Facebook Post |
ويقول رقيب علي (47 عاماً)، لـ "العربي الجديد"، إنه تعرض للتسمم بعد تناوله نوعاً من الألبان، "تناولت علبة من الألبان وبعدها بنحو نصف ساعة شعرت بدوار وتنمل في أطرافي، ثم أصبت بالإغماء لأجد نفسي في المستشفى بعد أن نقلتني عائلتي، وأخبرني الطبيب بأنني تعرضت لتسمم غذائي".
ويبين علي أن علبة الألبان التي تناولها كانت إيرانية، وبعد أن خرج من المستشفى ذهب إلى صاحب المتجر وطلب منه علبة أخرى، فقرأ تاريخ الإنتاج والصلاحية ليكتشف أنه تم التلاعب به من قبل الدولة المنتجة.
وتعلن وزارة الصحة بين الآونة والأخرى إتلاف مئات الأطنان من المواد الغذائية الفاسدة بعد العثور عليها في الأسواق والمتاجر المحلية في مختلف مدن البلاد، إلا أن بضائع أخرى تتمكن من الإفلات بسبب الفساد لتدخل إلى الأسواق العراقية وتباع فيها.
وأتلفت الوزارة خلال الشهر الماضي أكثر من 200 طن من المواد الغذائية والمشروبات الفاسدة في بغداد وكربلاء ومناطق أخرى من البلاد بحسب المصادر.
ووفقاً لتقارير دولية، احتل العراق المركز الأول بين الدول الأكثر فساداً في العالم ضمن تحليل نشرته منظمة الشفافية الدولية مطلع عام 2016، واحتل المركز الأول بعمليات تبييض الأموال عالمياً في استفتاء أجراه معهد بازل للحوكمة في سبتمبر/ أيلول 2017.